الصرصور والنملة!!
وضع الخطط والبرامج وتحديد الأولويات من أهم خطوات النجاح وتحقيق الأهداف في أي عمل آني أو مستقبلي، لكن في مرحلة ما قد نجد أنفسنا أمام قضايا هامة جداً كلها في قائمة الأولويات العاجلة، بمعنى لا يمكن تأخير شيء على آخر أو تقديمه وخاصة في وقت الأزمات أو “الزنقة” كما يقال بالعامية، حيث يحتاج الأمر للاستنفار على كل الجبهات.
هنا تبرز أهمية وجود خلايا الأزمات لإنقاذ الموقف والتصدي لأي خطر داهم، وبذات الوقت نكتشف مأساة النوم بالعسل التي لا ينفع معها الندم والتحسر والبكاء على اللبن المسكوب.
لو نظرنا أو توقفنا قليلاً وقيّمنا أداء مؤسساتنا على اختلاف مسمياتها وتخصصاتها خلال سنوات سبع مضت من عمر الحرب المدمرة سنكتشف بسهولة أن الكثير منها تعثر إلى حد الإخفاق، نتيجة الإهمال واللامبالاة والاستهتار تجاه قضايا تمس حياتنا بالعمق على أكثر من صعيد خدمي واجتماعي وثقافي وتعليمي وغيره.
هي حالة تستحضر إلى الذاكرة قصة الصرصور الكسلان والنملة المجتهدة التي عرفت كيف تقي نفسها من برد الشتاء القارس بجدها واجتهادها وتفانيها.
ثمة أسئلة تبرز هنا: لماذا غاب عن أذهاننا التنبؤ والتوقع للأزمات والكوارث المحتمل حدوثها في المدى القريب والمتوسط والبعيد؟
ما العوائق التي منعتنا من إعداد الخطط ورسم السيناريوهات لمواجهة الأزمات في أي مجال أو قطاع؟!
ما الذي يمنع من أن يكون لدينا فريق إنقاذ لاتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع الكارثة قبل حدوثها؟!
للأسف الأسئلة كثيرة والأجوبة قليلة، بل نادرة؛ لأن “فاقد الشيء لا يعطيه” وإن تظاهر وحاول تسويق مبادراته على قلتها!
بالمختصر: على الرغم من مرارة الأزمة وقساوتها على كل الصعد يجب أن نتعلم من دروسها حتى لا نلدغ مرة ثانية، والبداية من الإعلام المطالب بالعمل دائماً على نشر الوعي بإدارة الكوارث والأزمات وإحاطة المواطن بالعواقب والنتائج مهما كانت قاسية، وعلى مؤسسات الدولة كافة أن تنظم دورياً ورش عمل تدريبية للارتقاء بمستوى كفاءة العاملين، وتعليمهم كيفية التعامل مع الكوارث، أما مؤسساتنا التعليمية في الجامعات والمعاهد فنأمل أن تحدث تخصصاً علمياً خاصاً بإدارة الكوارث والأزمات، أو معهداً خاصاً بذلك في كل جامعة، على ألا يهتم فقط بكوارث الطبيعة، وإنما بافتراض حدوث الحروب والجائحات ذات الخطر المدمر.
رسائل عاجلة نأمل أن تصل وتجد آذاناً مصغية في هذه المرحلة الصعبة المفتوحة على كل الاحتمالات.
غسان فطوم
ghassanftom@gmail.com
