تنموية بجدارة..؟!
تحت عنوان: “الزراعة تبتكر تقنية لتحويل مخلفات صناعة زيت الزيتون إلى غاز حيوي وسماد عضوي”، يمكننا الدلو بالآتي:
برأينا، لم تكن الورشة التي تناول فيها مركز البحوث الزراعية تقنية “تخمير ماء الجفت والحصول على الغاز الحيوي” ورشة عادية، والسبب أننا لا نزال مقصرين كثيراً – قبل الأزمة وخلالها – في قضية مسألة حساب الأثر البيئي والفاتورة البيئية، ولم نعطِهما الاهتمام المُستحق، وخاصة حين دراسة الجدوى الاقتصادية.
كما لم يكن ما طرح فيها من جديد على صعيد ما يسمى: توليد الطاقة من المخلفات الزراعية بوجه عام، ومن مخلفات صناعة عصر الزيتون بوجه خاص، ليمر من دون أن نقوم بواجبنا الإعلامي في إعطاء هذا الكشف حقه من الاهتمام، وبالتالي التشديد على ما يحمله من مضامين اقتصادية وتنموية وبيئية.
ولعلنا لا نبالغ إن اعتبرناها قفزة نوعية، علمية وصناعية واستثمارية، ستمكننا في حال الاستثمار الأمثل بنتائجها -بالمكان والزمان المناسبين- من استكمال تنويع مجالات توطين تقنيات الطاقة المتجددة في سورية، وخاصة في ظل الظروف الحالية التي نمر بها، ولاسيما على صعيد تأمين الطاقة بمختلف أنواعها، والتكلفة المالية الكبيرة المترتبة على تأمين فاتورة ذلك.
وهنا يمكننا لفت الانتباه إلى أن نشر الاستثمارات اللازمة وتوطينها في هذا القطاع “المتجدد” بأبحاثه وابتكاراته الدائمة الاكتشاف والتطور- علمياً وتقنياً ومادياً- لم يصل إلى المستوى المطلوب من مثل هذه الطاقة، وخاصة المخلفات الزراعية والحيوانية، على رغم غنى جزء هام من ريفنا بها، بل لا يزال مجرد نوع من التجارب الرائدة التي لم تصل إلى مستوى الصناعة المتكاملة الأركان.
مع ذلك فإننا وكما اعتبر وزير الزراعة من أن للبحوث العلمية الزراعية دوراً كبيراً في نهضتنا الزراعية، يجب أيضاً أن نعتبر من الدروس والتجارب الماضية في ترجمة تلك البحوث على أرض الواقع، وهنا نسأل: هل كانت استثماراتنا في تلك البحوث فعالة، ووفق ما نشتهي من نهضة زراعية..؟ وهل سنستفيد من المستجد في مثل بحوث كهذه، نستعين بها على التداعيات الاقتصادية للأزمة..؟
فلكي يكون هناك نهضة زراعية لا بد من نهضة علمية، وبالتالي صناعية قادرة على إيجاد استثمارات تدعم ما نحاوله من نهضة، ولعل أول ما يحتاج إليه هذا هو الاحتضان الاستثماري للعقول السورية المبدعة، التي أكدت وتؤكد أنها تستطيع إيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتنا المزمنة التي تحدث عنها وزير الزراعة.
مشكلات لا تزال في حيز التشخيص المدعوم في جوانب منه بالحلول، المُفتقدة للخواتيم الاقتصادية السعيدة، خواتيم بإمكاننا تحقيقها إن تعاطينا بجدية واستدامة فيما نتوصل إليه من تقنيات ومعالجات.
ولأن ما نأمله يحتاج لإحصائيات وأرقام وبيانات، لم تتناولها الورشة، كمثل إحصائية عن كمية المياه اللازمة والناتجة عن عملية استخراج زيت الزيتون “ماء الجفت كمصدر للطاقة النظيفة “، وكميات مخلفات هذه الصناعة، وكم بإمكان م3 إنتاجه من الوقود الحيوي، وكم كمية السماد الناتج من تفل الزيتون..إلخ؟ لذلك وجب توفير مدخلات التقنية الجديدة، كي تكون النتائج على قدر المراهن عليه اقتصادياً وبيئياً وتنموياً.
نؤكد ما أنف، نظراً لما اطلعنا عليه من فوائد عديدة قد تتحقق، ولكون تلك الفوائد ينتظرها مشروع “التنمية الريفية” في سورية.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com