الصفحة الاولىصحيفة البعث

تونس: انتقادات واسعة لتدخلات السفير الفرنسي قبل الانتخابات

أدت هشاشة الأوضاع الاقتصادية والانفلات الاجتماعي في تونس إلى تفلّت الدبلوماسيين الغربيين في البلاد، وتدخّلهم في كل كبيرة وصغيرة، وإعداد تقارير استخباراتية سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية يمدّون بها دولهم، وتقول تقارير أمنية: إن النشاط الاستخباراتي الأميركي والفرنسي يأتي في المقدمة.
وفي هذا السياق، أثارت تحرّكات سفير فرنسا في تونس أوليفيي بوافر دارفور، وخاصة زيارته مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، استياء عدد من الأحزاب والنشطاء، معتبرين إياها شكلاً من أشكال التدخل في شؤون البلاد.
ويقول عدد من الأحزاب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي: إن السفير الفرنسي الذي يقوم بتحركات “مشبوهة” ويؤدي زيارات لعدد من المناطق لا يزال يتدخّل في الشأن التونسي.
وخلال الفترة الماضية أخذت موجة الغضب نسقاً تصاعدياً لما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن رئيسها محمد التليلي استقبل السفير الفرنسي والمستشارة السياسية للسفارة ماريا ودجني، بحضور نائبه عادل البرينصي وأعضاء مجلس الهيئة.
ودانت حركة الشعب “بشدة” الزيارة واعتبرتها “حركة صادمة وتدخّلاً سافراً في شؤون البلاد وقرارها الوطني”، مطالبة الحكومة ووزارة الخارجية بـ”تقديم توضيح”.
واكتفت الهيئة في بيان لها بالإشارة إلى أن اللقاء تناول “آخر استعدادات الهيئة المستقلة وسبل التعاون بين الطرفين إضافة إلى دعم فرنسا للمسار الديمقراطي في تونس”.
غير أن بيان الهيئة المقتضب لم يقد سوى إلى المزيد من الغضب، خاصة وأن السفير الفرنسي كثّف خلال هذه الفترة من نشاطه، حتى أنه بات يؤدي زيارات إلى عدد من المدن والمحافظات ويلتقي بالمواطنين ويتحادث معهم.
ويشدد زهير المغزاوي رئيس حركة الشعب على أن الزيارة تعد “شكلاً من أشكال التدخّل في الانتخابات البلدية المقبلة، ونوعاً من التوجيه والإملاء السياسي”، ويرى أن الزيارة من شأنها أن تقود إلى “افتقاد هيئة الانتخابات لاستقلاليتها، ووقوفها على نفس المسافة تجاه جميع الأحزاب، في ظل مناخ انتخابي وسياسي لا يساعد على إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة، تتساوى فيها الفرص بين الجميع”.
من جهتها، وصفت قيادة الجبهة الشعبية تنقلات السفير الفرنسي وزياراته إلى عدد من مناطق البلاد بـ”التطفّل وبعدم الالتزام بالأعراف الدبلوماسية”، مشددة على أن “تونس دولة لها سيادتها ويجب أن تحترم وليست مستعمرة فرنسية حتى تستباح”.
وكان السفير الفرنسي بتونس قام بعدد من الزيارات للمناطق الأشد احتقاناً، التقى خلالها مع نشطاء ومواطنين، ومن أبرزها زيارة أداها لمحافظة القصرين خلال الأسابيع الماضية مع المستشارة السياسية للسفارة والمستشار الاقتصادي.
وبعد جولة في المدينة المحاذية لسلسلة جبال الشعانبي، المعقل التقليدي للخلايا الإرهابية، التقى خلالها بعدد من المواطنين وعقد اجتماعاً بنشطاء من المجتمع المدني.
ويرى مراقبون أن تحركات السفير الفرنسي تأتي في إطار ما يوليه المسؤولون الفرنسيون من اهتمام خاص بالشأن التونسي وقد عبر عدد منهم على ذلك.
ويقول ياسين بن صالح الأخصائي في العلاقات الدولية: “إن فرنسا تعتبر الشأن التونسي الداخلي شأناً يعنيها مباشرة وهي أحرص بلدان الاتحاد الأوروبي على متابعته”، ويضيف: “مسألة الزيارات والتنقلات والتحركات لا تقتصر فقط على السفير الفرنسي وإن كانت هي الأكثر إثارة للغضب وإنما تشمل أكثرية دبلوماسيي البلدان الأجنبية في تونس”.