قرارات قيد التنفيذ وأخرى أسيرة الأضابير وغبار التقصير.. مشــاريع اســتثمارية “بلديــة” تبحــث عن آليــة إدارتها بغياب ثقة المرجعيات برؤســاء الوحدات؟!
مع كل اجتماع تتمخض قرارات وتعاميم “ورقية” بحاجة إلى تفريغ مضامينها بحسب كل بند وفقرة، فمنها من يجد طريقه إلى التنفيذ والباقي حبر على ورق لأسباب كثيرة يصعب ذكرها، فكم كبير من القرارات المؤرشفه أسيرة لأضابير المكاتب يغطيها غبار التقصير والمتابعة، ولكي نبتعد عن التشاؤم ونزيد جرعة التفاؤل دخلنا أروقة محافظة ريف دمشق ومعنا صورة عن كتابٍ صادرٍ عن المحافظة موجه إلى رؤساء الوحدات الإدارية والبلدية يطلب فيه منهم “إعداد خارطة تنموية على مستوى الوحدة الإدارية بما يسهم في تحقيق عائدات استثمارية من أملاك المحافظة، ومعالجة واقع المخالفات السكنية القائمة حالياً، ومنع إشادة أي مخالفة جديدة، وتحسين الهوية البصرية للمباني الأساسية فيها والمحافظة على الهوية التاريخية… مع الموافاة بالإجراءات المتخذة بالسرعة الكلية تحت طائلة المسؤولية”. ومع أهمية محتوى الكتاب وتشديد المحافظة على السرعة بالرد أردنا معرفة التفاصيل وما الخطط التنموية المقصودة؟ وكيف تمت معالجته من قبل رؤساء البلديات؟ ولحسن الحظ التقينا بعضاً من رؤساء الوحدات الإدارية في المحافظة وسألناهم عن الكتاب ليفاجئنا رد أحدهم بعد درايته ومعرفته بالكتاب بأنه لأول مرة يطلع عليه، ولم تكن مفاجأتنا كبيرة أمام رد البعض عندما أوضحوا أن الكتاب وصل إليهم، إلا أنهم لم يستطيعوا تفسيره وخاصة في بعض المفردات ومنها “الهوية البصرية”، لنفتح هنا مئات الأقواس ونضع ألف إشارة استفهام وتعجب؟! فهل يعقل قبول هذا الرد من رئيس وحدة إدارية المفروض أن يكون ذا خبرة إدارية؟
وبعد التعجب والاستفهام دخلنا أكثر من مكتب مختص للسؤال عن الكتاب، لكننا لم نلقَ أي نتيجة ولاسيما أن من سألناه أعتذر منا بطريقة لبقة، مؤكداً عدم معرفة مصدر الكتاب، وقبل أن نجد ضالتنا في مكتب الأمين العام في المحافظة أحمد العبد الله ، قلل أحد التنفيذيين من أهمية مضمون الكتاب وخاصة في ظل صعوبة التنفيذ على أرض الواقع في ظل افتقاد أغلب رؤساء البلديات للتخطيط السليم، إ لا أن الأمين العام أكد أهمية الكتاب في حال التطبيق وخاصة أنه متابع بشكل جدي من المحافظة لكونه سيحقق عائدات استثمارية تغطي نفقات الوحدات الإدارية وتخفف العبء عن خزينة الدولة. وأرشدنا العبد الله إلى مكتب التنمية المحلية الذي صدر الكتاب ليوضح مدير المكتب أحمد كنعان أن الحكومة تتجه في خططها إلى تأمين عائدات مالية للوحدات الإدارية من خلال مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة؛ مما سيسهم في تشغيل عدد كبير من الأيادي العاملة حسب مؤشرات عدد السكان وذوي الشهداء وجرحى الجيش من المدينة أو البلدة، مبيناً أن المحافظة شكلت لجنة تنموية بناء على توجيهات رئاسة الحكومة وما تقرر في جلس مجلس الوزراء، تدرس المشاريع الاستثمارية المرسلة من الوحدات الإدارية وفق الجدوى الاقتصادية التي من الممكن أن يقدمها المشروع المقترح، علماً أنه تم رفع 25 مشروعاً إلى وزارة الإدارة المحلية، ولم يصل إلينا أي رد حتى الآن.
وكشف كنعان عن وجود جدل حول آليات إدارة المشاريع ومن المسؤول أو المشرف على تنفيذها، وخاصة أن البلديات قد تفشل المشاريع في حال ترك لها الإشراف والتنفيذ، لافتاً إلى عدم الثقة في الاعتماد على البلديات في ظل ما يشوب عملها من مخالفات وتجاوزات، علماً أن المحافظة وجهت أكثر من تأكيد على الكتاب المذكور إلى البلديات التي لم تكن متفاعلة معه وخاصة مع الاهتمام والمتابعة المستمرة للمحافظ بخصوص هذا الموضوع.
ودعا كنعان إلى تحديد آلية لإدارة المشاريع بمشاركة المجتمع المحلي إضافة إلى الرقابة على تنفيذها خطوة بخطوة من أجل تحقيق الغاية المرجوة منها، معتبراً أن المحافظة نجحت بالتعاون مع الجهات المعنية بتفعيل المشاريع التنموية من خلال منح القروض الميسرة للأسر المحتاجة والفقيرة مع منح قروض طلابية حيث استهدفت هذه المشاريع 19تجمعاً منذ 2012، ووصل عدد القروض الممنوحة 2300 قرض؛ مما حقق فرصاً استثمارية تركت أثرها الإيجابي على الأرض، مؤكداً توسيع رقعة واستهداف 34 تجمعاً في بداية عام 2018 لتكون السلة كبيرة وشاملة والوصول إلى تغذية راجعة من هذه المشاريع التنموية.
وفي النهاية يسأل مواطن عن الشق الثاني من الكتاب “حول واقع المخالفات ومنع إشادة مخالفات جديدة، فهل تلتزم البلديات بالمضمون وتطبق القانون أم أننا “نسمع كلاماً ولا نرى أفعالاً “؟!
علي حسون