الإعلام الإنتاجي!
تكنى العمل الحكومي من حيث النهج والاستراتيجية بتسميات مختلفة، فواكب بعضها متطلبات العصرنة عبر ما يسمى الحكومة الإلكترونية، ولامس في تسمية أخرى هموم الناس وحياتهم المعاشية بما عنون به هدفه الأسمى بحكومة الفقراء، وطبعاً لم تتوقف متواليات التسميات التي لفظتها مقولة “لكل من اسمه نصيب” حيث بدا الفارق واضحاً بين التسمية وآليات العمل والتنفيذ، فلم تجرِ الرياح كما يشتهى ويراد منه فقط، بل سارت بشكل معاكس، فكانت النتائج بمعدلاتها الإيجابية مساوية للصفر ومخيبة للآمال، وكأن كل ما خطط رسم على وجه الماء.
ولاشك أن اختفاء المعايير والبرامج الزمنية للتنفيذ كان سبباً في عدم التطابق الذي يواجه اليوم مجدداً امتحان الحكومة الإنتاجية التي تعيش مرحلة صعبة، وتجابه بعض التعثر على رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل إعادة دوران العجلة الإنتاجية في الكثير من القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والتجارية والاقتصادية حيث تفاوتت نسبة النجاح بين قطاع وآخر، حيث يوجد الكثير من القضايا التي من الصعب القفز فوقها وتجاوزها عبر التصريحات. وكانت عائقاً في وجه تطلعات الحكومة وآمالها في الابتعاد عن خط البداية، والأمثلة كثيرة سواء من ناحية إصلاح القطاع العام ولجنته الغارقة في التشخيص، أو لناحية الفشل في تسويق المنتجات الزراعية، أو في إنجاز استثمار سياحي حقيقي وتوفير مواد استهلاكية بأسعار متناسبة مع الدخل، وضبط الأسواق عبر حركة تجارية اقتصادية خاضعة لسلطة القانون.
ولتجنب الحديث في العموميات علينا التركيز على ذلك المصطلح العائم اليوم على الساحة الإعلامية والمسمى بـ (الإعلام الإنتاجي ) الذي بات منظومة عمل أساسية في الإعلام المرئي، وطبعاً نحن من أنصار هذا التوجه المعمول به في جميع أنحاء العالم، ولكن بشرط تطبيق معايير واضحة ومتوازنة يتم من خلالها إقصاء تلك الأساليب الملتوية التي تشوه سمعة الإعلام الوطني وتقيه من تبعات ما يسمى (التنفيعة) بحيث يفرض على الناس تقبل الجهة الراعية كما يقال (بعجرها وبجرها) من دون الانتباه أو الالتفات إلى المادة الإعلامية المقدمة من حيث المضمون والجودة الإعلامية وطريقة الترويج والتسويق للجهة الراعية في أي برنامج إذاعي أو تلفزيوني، والأمر ذاته يندرج على الصحافة المكتوبة التي تبحث بدورها عن مصادر التمويل الذاتي، كما يجب التحذير هنا من محاولات الالتفاف على الإعلام واستغلاله بطريقة ذكية من قبل بعض الجهات التي تتسلل إلى ساحة الضوء من أبواب مختلفة وبشكل مجاني.
وهنا نستشهد ببعض الجهات التي أقامت ورشات عمل تحت تسمية الإعلام الاقتصادي، فجنت من خلاله الكثير من الإرباح الدعائية بتكلفة متواضعة لا تتناسب مع الفائدة التي جنتها جميع وسائل الإعلام التي سخرت لها مساحات واسعة سواء على صفحاتها أم في فترات بثها الإذاعي والمرئي، وهذا ما يتطلب التوقف عنده والبحث في حقيقة المنتفعين من هذا النهج الإعلامي.
خلاصة القول .. إن تعدد التسميات لم ولن ينجز خطوات فعالة على صعيد العمل، ومن الضروري التوقف عن إطلاق التسميات قبل ولادة الأعمال على ساحة التنفيذ والبدء بقطف نتائجها الإيجابية والتعامل مع ما هو موجود فعلاً والمتوفر بخطط وبرامج زمنية محددة .
بشير فرزان