قبل الحب بقليل
رهيف هو الوقت.. كبسمة صبية على صوتها تتفتح أزرار الورد..
الوقت الآن منتصف الحب.. عادل هو فلا النهار قصير كـ” تحية الخصام”.. ولا الليل عابس من طول ضجره..
الوقت الآن قصيدة كتبتها السماء من وراء قلب الشاعر، وفصل جديد من الرواية التي آثر الروائي أن يغيب عن أحداثها.
الوقت الآن أخضر كثيرا كقلب أمي.. ندي ككف العروس قبل الحناء..
الوقت الآن مبتدأ دائم فالخبر فيه لا يخبر عن شيء مفيد..!
الوقت الآن آذار.
في آذار اختلت العدالة تحت السماء فصار للأرض يوم بقوة الدم، ومعها صار للكرامة ذكرى بعدما شاع الذل في كل مكان..
في آذار صار لأمي عيد قبل موتها بقليل وقبل أن أصاب أنا باليتم الأبدي، وبين أيامه الطويلة يوم واحد للمرأة تصول وتجول فيه على مزاج ربيع أيامها.. يوم واحد قابل للتأنيث من الصباح حتى آخر ذكورة اليوم بقليل..
في آذار ميلاد الجد المسرح قبل أن يولد الأبناء من الأب حتى الفن السابع.. وفي يومه هذا أراه كيف يبكي أبناءه المسرحيين في زمن اختلط فيه الغث بالنفيس..!
ولد محمود درويش في يوم حزين عادي وتزامنت ولادة نزار قباني في ذاك اليوم المزاجي الذي تراهق الأرض به وتحبل الأشجار، وفي آذار مات الأسمر الأسمراني (عبد الحليم حافظ) والنمر الأسود (أحمد زكي).
كل الاستثناء اجتمع في آذار.. الأخضر كثيراً وكثيفاً كقلب عاشق في حبه الثلاثيني.. يالله لا أعلم كيف احتمل قلب آذار الصغير كل هذه المصادفات..!
عاد آذار وانتشرت الأرض فينا..عاد آذار اليوم كما يعود الدوري إلى شرفة امرأة في الغياب.. هو وحده يعرف أسماء الغائبين..
لم يكن الربيع يوما صديقي لا شمسه ولا ألوانه تغريني، فينابيع الحزن والشوق تتفجر في أرضي في ذلك الوقت من الحنين..
الوقت الآن منتصف الحب والحرب، فلا تتردد بالاقتراب خطوة أخيرة تحت مطر لم تتوقعه كل دوائر الرصد الجوي.. كل ما ذهب قبل أن نلتقي كان غيماً ناشفاً كحلق مظلوم، ولوناً واحداً كالغناء الرتيب في الموالد.. ولا تتردد فالقصيدة والشوق على وشك الاكتمال والأمكنة كلها معدّة للحب.. البحر بمزاجه المائي العالي، والرمل اكتمل شاطئاً له، وفي آخر المقهى طاولة أخلاها لنا عاشقان، فتعال اليوم إذا لم يكن بمقدورك المجيء بالأمس أو حتى منذ عمر.. تعال لا تؤجل شغف اليوم إلى الغد، فقد يهرب من بين أصابع قلبنا وقت آذار المحتال الجميل..!
لينا أحمد نبيعة