ليفربول ومانشستر يونايتد.. قصة عداوة كروية والأسباب تجارية اقتصادية
ما إن انتهت مباراة مانشستر يونايتد وليفربول ضمن المرحلة الثامنة والعشرين من الدوري الانكليزي حتى تنفّس منظمو المسابقة الأعرق الصعداء لنهاية إحدى أشرس المباريات دون مشكلات تذكر، حيث تعدّ المباراة أم المعارك الرياضيّة وفيها النديّة والحرفيّة وبطبيعة الحال المشاكسات والأخطاء.
وبكل تأكيد فإن الحساسية هي الحاضرة في كثير من مباريات انكلترا، إلا مباراة الفريقين فلها حسابات خاصة ولأسباب بعيدة كل البعد عن الرياضة.
آخر الفصول
لا يخفي أحد من الطرفين كرهه للفريق الآخر، بل يتفاخرون بذلك، فقد هاجم أسطورة مانشستر يونايتد غاري نيفيل نظيره الليفربولي جيمي كاراغر على خلفية حادثة البصق المعروفة على طفلة مشجعة لمانشستر يونايتد بعد مباراة الفريقين التي انتصر فيها مانشستر يونايتد على ليفربول بهدفين مقابل هدف السبت الماضي، قائلاً: “لقد شاهدت كاراغر يعتذر ولكن ذلك غير مقبول فهذه غلطة كبيرة، لديه شغف كبير لكرة القدم ولكنه تجاوز الحدّ، عملت معه لثلاث سنوات وأتمنى ألا تكون هذه الحادثة سبباً في عدم عملنا معاً مجدداً”. (كلا اللاعبين السابقين يعملان معاً كمحللين رياضيين).
ويعدّ غاري نيفيل أكثر شخصية مكروهة من قبل جماهير ليفربول، وازدادت الكراهية بعد مباراة الاولد ترافورد عام 2006، حينما سجل ريو فيرديناند هدفاً في آخر ثانية من المباراة، ليذهب غاري نيفيل لجماهير ليفربول ويحتفل أمامهم مستهزئاً، وأدت الحادثة إلى إيقاف نيفيل وعلق جيرارد على الحادثة: “لقد شاهدت الحادثة على التلفاز، لا أظن أبداً أنه شيء محترم، لم يكن عليه القيام بذلك لكن جماهيرنا لم تقصر معه”.
تصريحات نارية
على صعيد التصريحات فإن مابين الناديين تكاد لا تختصره الكلمات حيث علّق لي شارب، لاعب خط الوسط السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الانكليزي عن موضوع مباريات الفريقين بقوله: “ليس الأمر مجرد ناديين، بل إنه ذو صلة بمدينتين، وتاريخ مذهل، ناديان يظن كل منهما أنه الأعظم شأناً في العالم، ولهذا فإن للموضوع علاقة بالكبرياء والأنفة”.
وقد تتعدّى التصريحات بين اللاعبين كونها استفزازية لتصبح مسيئة بحقّهم وحق هذه اللعبة الجميلة، وهذا جليّ بتصريحات نجوم الفريقين كواين رووني ابن مدينة ليفربول لكنه نشأ في ايفرتون: “أستمتع كثيراً بهزيمتهم، لا يوجد أفضل من شعور الفوز عليهم ورؤية الخيبة على وجوههم، والأجمل أن تسجل في مرماهم، وعندما كنت صغيراً كنت أكره ليفربول، عندما كبرت لم يتغير شيء مازلت أكرههم بشدة”. أما ستيفين جيرارد قائد ليفربول فكان أشد كراهية بقوله: “إني أكره كل شيء في مانشستر يونايتد، كل ما له علاقة بهذا النادي، أكرههم بكل ما أملك من عاطفة، لن أدع أي قميص لمانشستر يونايتد يدخل منزلي”.
أعراف وتقاليد
طبعاً وقبل كل مباراة تبدأ المواجهات بين جماهير الفريقين بطرق مختلفة، حيث سخر جمهور اليونايتد من حادثة وفاة 96 مشجعاً لليفربول في حادثة هيلزبره، وردّ عليهم جمهور الريدز سخريتهم على خلفية وفاة لاعبي الشياطين في حادثة تحطم طائرة ميونيخ.
ومن شدّة الكراهية بين الفريقين، رفعت جماهير ليفربول ذات يوم لافتة كُتب فيها “فجروا مانشستر”، والحقيقة أن الكراهية لم تتوقف عند هذا الحد، بل وصلت إلى درجة أن أغطية الصرف الصحي في مدينة ليفربول.. منقوش عليها كلمة “مانشستر”.
ومن المعروف أنه يمنع على جماهير ليفربول الذهاب أو الاقتراب من مكان دخول جماهير اليونايتد عند استضافتهم في الأنفيلد، ولا يتم إقامة هذه المعركة في الليل مطلقاً حتى لا يحدث شغب من قبل أي من الجمهورين.
أسباب غريبة
ولهذا العداء المستشري أسباب دفينة، فقد ازدهرت مدينة ليفربول لوجود قناة بحرية فيها، تعبر منها السفن المحملة بالبضائع، فيما كانت تتميز مانشستر بأنها قوة صناعية كبرى، وكانت أحد الأعمدة الرئيسية في الثورة الصناعية التي غزت القارة الأوروبية في القرن 19.
ولكن مع افتتاح قناة بحرية في مانشستر عام 1894، بدأت السفن تعبر منها بدلاً من الذهاب إلى ليفربول ما سبّب كساداً تجارياً كبيراً وجعل العداء يبدأ منذ ذلك الحين، وزاد مع تربع ليفربول على عرش الكرة الانكليزية حينما توج بـ18 لقباً للدوري، مع ظفره بخمسة ألقاب لدوري أبطال أوروبا.
وزادت حدة تلك المنافسة في الستينات، بعد أن أصبح مانشستر يونايتد أول فريق إنكليزي يفوز بكأس أوروبا عام 1968، ليردّ نادي ليفربول على ذلك الإنجاز بفوزه بأربع بطولات أوروبية في السبعينات والثمانينات.
ومع قدوم السير أليكس فيرغسون لتدريب مانشستر يونايتد أكد أن هدفه هو إزاحة ليفربول من على عرش الكرة الإنجليزية، وهو ما زاد العداء، قبل أن يتحقق بالفعل في عام 2009 حينما رفع اليونايتد لقبه الـ18 في الدوري ، قبل أن يتخطاه بعد ذلك حينما توج بالبطولة رقم 20.
هذا ولم ينتقل أي لاعب بشكل مباشر بين الناديين سوى في تسع مناسبات فقط آخرها عام 1964 أي قبل 54 عاماً، إضافة لمنع اليونايتد في عام 2007 مدافعه غابرييل هاينزه من الانتقال للريدز رغم موافقة الأرجنتيني.
أرقام ملونة
ويلاحظ في كل مواجهة للفريقين كثرة حالات الطرد، إذ أنه تم إشهار الكارت الأحمر فيها أكثر من 15 مرة منذ بداية الدوري الممتاز، وهي النسبة الأكبر في لقاءات أي فريقين في إنكلترا، بعد ديربي الميرسيسايد بين ليفربول وإيفرتون.
ويرجع أول لقاء بينهما لتاريخ 28 نيسان عام 1894 على ملعب ليفربول، في مباراة تجريبية وكان يطلق على مانشستر يونايتد آنذاك نادي (نيوتن هيث)، وفاز ليفربول بهدفين نظيفين، وأكبر فوز حققه ليفربول في الأنفيلد على اليونايتد بنتيجة (7-1) وأكبر فوز حققه اليونايتد في الأولد ترافورد على الريدز بنتيجة (6-1)، ويعتبر ليفربول أكثر فريق انكليزي فوزاً على أرضه محلياً وأوروبياً، وفي آخر عشر مواجهات بينهما فاز الريدز في مباراتين وتعادلا في ثلاث.
سامر الخيّر