عندما تصبح الدعاية أداة حــــــــــرب
لا يمكن الفصل بين ما يجري في الغوطة الشرقية، وبين الهجمة المبرمجة والشرسة على روسيا بعدما اتضح المشهد كاملاً واللعب بات “عـالمكشوف” بعد أن سقطت كل الذرائع التي حاول بعض الغرب استخدامها في تمرير مخططه التخريبي من خلال الضرب على وتر المعاناة الإنسانية وشعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي لم يبق من خيار أمامه سوى توسيع دائرة الاشتباك بذات الأدوات والبروباغاندا الإعلامية الهائلة التي استخدمها خلال سنوات ربيع الخراب في منطقتنا، وفي هذه المرة لاستهداف روسيا، كإجراء عقابي على موقفها المشرف مما يجري في سورية من جهة، وصرف النظر عن خيبت بعد أن عجز عن تحقيق أي هدف من تلك التي رسمتها أو التي حلم البعض بها.
وبالتالي لم تعد المساحيق تستر حجم وضاعة الغرب وازدواجية المعايير في تعامله مع الملفات الشائكة، حيث أن البون واسع بين مقارباته فيما يخدم أجندته وبين ما يتعارض معها أو يزعج أحد الحلفاء، وبات القاصي والداني يعي هذه المسألة، فكيف يمكن تصديق أن بريطانيا ومن لف لفها غيورة على حياة الناس بعد أن دعمت الإرهاب تسليحياً ولوجستياً لتخريب سورية، وغضّت الطرف عن قتل أردوغان المئات في عفرين وتشريد مئات الآلاف، وتريد أن تجعل من تسميم عميل مزدوج قضية رأي عام؟!. كانت التصرفات الغربية في هذه المسألة أقرب الى الهمروجة ما يعني أنه لن يطول الوقت حتى تتلاشى الحملة على موسكو، بعد أن استنفدوا كل ما في جعبتهم من وسائل لمضايقتها والحصول منها على تنازلات تخرجهم من عنق الزجاجة.
جملة ما يحصل في سورية وصولاً إلى روسيا وشرق آسيا يوضّح أن الغرب يتخبّط ويتحرّك بانفعالية في إطار سعيه للمحافظة على واقع الاستفراد والهيمنة والتحكم بمصير الشعوب، ولكن سقط من حساباته حركة التاريخ، والتي تفرض على الدول تبديل أساليبها ونهجها، آخذة بعين الاعتبار أن هناك دول تسعى لإعادة التوازن للقرار العالمي، والانعتاق من الأحادية القطبية، التي لم تجلب سوى التقتيل والتشريد والدمار، بعبارة أخرى لم يستطع الغرب الحفاظ على مكتسباته التي حققها في الحرب العالمية الثانية، والتي انتقل بعدها من هزيمة إلى أخرى من كوريا وفيتنام مروراً بأفغانستان والعراق، عن طريق التدخل العسكري المباشر، وصولاً إلى إدارة الحروب من الخلف وزج مرتزقة القتل بالأجرة في سورية، حيث تدلل وقائع الميدان على قرب فقدانهم أهم ورقة كانوا يعولون عليها لمواصلة الحرب.
وعليه لم يبق لدى الغرب سوى الدعاية لنفخ عضلاته، بدأها ترامب بتعيين صقور البيت الأبيض على رأس الدبلوماسية الأمريكية، أمثال بومبيو وبولتون، وقادت بريطانيا حملة دعائية ضد روسيا لتشويه صورتها في الداخل والخارج، وفي ذات السياق دعت واشنطن ولندن وباريس مجلس الأمن للانعقاد في محاولة أخيرة لإنقاذ جيوش الإرهاب في الغوطة.. ولكن نتيجة ذلك جاءت بعكس ما يشتهون فالرئيس بوتين حقق انتصاراً في الانتخابات الرئاسية الروسية قل نظيره وبمشاركة شعبية تجاوزت الـ 76 بالمئة من الناخبين، ولم يتخذ أي إجراء إزاء الأفعال “الصبيانية” لقادة أوروبا وأمريكا، تزامن ذلك مع استمرار الجيش السوري في تطهير الغوطة من الإرهاب وتأمين جميع احتياجات المواطنين الخارجين من براثن الإرهاب، وتكفّلت سورية في الأمم المتحدة بتوضيح المشهد كاملاً، وكشف أمام العالم ألاعيب الغرب، الذي كان يزعم أن الدولة السورية تمنعه من تقديم المساعدات للمحتاجين في المناطق الساخنة، باختصار الحرب انتهت في الميدان العسكري، وأساليب الدعاية والتضليل باتت أسطوانة ممجوجة لا تنطلي على أحد، وعلى الغرب أن يعود إلى لغة العقل، إن كان يريد الحفاظ على أمنه واستقراره، أما الاستمرار في ارتكاب أخطاء جديدة فلن تبقيه بمنأى عن الاهتزاز.
عماد سالم