بين القانون والتشريع..!؟
الأصل في القانون ببساطة هو الإباحة “طبعاً وليس المنع، أي حين تتم صياغة قانون ما، خاصة القوانين الاقتصادية، فيكفي أن نحدد المسموح بشكل ومضمون واضح وشفاف لا يحتمل التأويل والاجتهاد بالتفسير، وعليه فكل ما عدا المسموح لا يجب الخوض فيه مطلقاً…
بناء على ما سبق، كثيراً ما كنا نتساءل: أيعقل أن يتطلب هذا القانون أو ذاك، سواء كان اقتصادياً أو استثمارياً أو مالياً، كل تلك السنوات حتى يتم إنجازه بصيغته النهائية..؟!.
بالطبع الإجابة كان يشوبها الشك في جزء هام منها، بمعنى لا يعقل أن تحتاج لكل تلك المدة، وفي آن معاً كان هناك شيء من الأسباب نسوقها كنوع من التبرير لتأخر المكلفين المعنيين بإنجاز تلك القوانين، ومنها أن المتغيرات والتبدلات المتسارعة في مشهد الأزمة السورية على مختلف الصعد، ربما تكون سبباً رئيساً لتأخر مثل تلك القوانين.
ومع ضياع سنة بعد أخرى، كان يتأكد لنا ونقولها بصراحة: إن الأسباب في ظاهرها لم تكن لتشفع لأي نوع من التأخير، وإنما كان هناك الكثير مما بطن وضمر وراء التأخير..!.
ربما لا يحتاج ممن يتابع المشهد الاقتصادي والاستثماري، لكثير من الفهلوية كي يدرك حقيقة كل هذا التأخير في تدبير وتدبر القوانين التي ينتظرها قطاع المال والأعمال، حيث تبدى التخصيص والتفصيل في أوضح صوره وفي عديد من المشاريع التي طرحت ورست على هذا دون ذاك..!.
في علم الهندسة المثبت أن أقصر خط بين نقطتين هو الخط المستقيم، وفي اللغة يرجع أصل كلمة قانون إلى الكلمة اليونانيّة، ومعناها العصا المستقيمة.
وبالانتقال إلى الفرق بين القانون والتشريع، والذي نجد أن أغلب الأشخاص يستخدم هذين المُصطلحين للدلالة نفسها، وإن صح ذلك في بعض الأحيان إلاّ أنه غير صحيح إجمالاً، لكن على ما يبدو أننا ما زلنا نخلط بين المصطلحين لغاية ما..!.
فهناك فرق بين القانون والتشريع، ومن الفروقات بينهما الشمول: القانون أشمل من التشريع، إذ يعد التشريع جزءاً من القوانين التي يحكُم بها القاضي، حيث إن القانون يشمل كل ما يحكُم به القاضي من تشريع أو عرف أو قاعدة، أو حكم قضائي سابق، وبذلك فإن كل تشريع قانون، وليس كل قانون تشريعاً. كما وأن التشريع خاص أمّا القانون فعام.
ومن الفوارق أيضاً الاستخدام، فكلمة القانون تُستخدم في مجالات كثيرة غير المجال القانوني، مثلاً نقول قانون الجاذبيّة، أو قانون العرْض والطّلب، ولكن لا يصح أن نقول: تشريع الجاذبيّة، أو تشريع العرْض والطّلب.
ذكرنا ما ذكرنا لنبيّن ونسأل: هل نحن فعلاً نميّز حين إعدادنا للقوانين، بين القوننة والشرعنة، أما أننا نتعمد الخلط حسبما “المشرع” الحقيقي لقوانيننا..؟!!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com