مع تعدد التحديات حياة الشباب.. أوقات فراغ طويلة.. طاقات مهدورة.. وإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي
ليس إلا مجرد زمن عابر ليس بالضرورة الاستفادة منه، وما عليهم سوى تمضيته بأي شيء كي ينتهي النهار، ويبدأ يوم جديد دون أية فائدة تذكر وتنعكس على حياتهم الشخصية، فلم يعد المثل القائل: “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك” يسري هذه الأيام على معظم شبابنا الذين وجدوا في الجلوس بالمقاهي، والتسكع في زوايا الطرقات ضالتهم في تمضية شبابهم الذي يضيع هدراً أمام أعينهم دون أدنى شعور منهم بأية مسؤولية، وتعتبر قلة اهتمام الأسرة، وانشغال كل من الأب والأم بالعمل خارج المنزل، من الأمور التي تزيد هذه المشكلة حدة، فما الأسباب الأخرى المؤدية إلى نشأة هذه المشكلة؟ وما هي الحلول التي يمكن تقديمها لشبابنا؟.
مواقع التواصل في القائمة
تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي قائمة مهدرات الوقت بنسبة 32.1 في المئة، منحّية بذلك التلفاز والموبايل اللذين كانا الوسيلتين الرئيسيتين للتسلية سابقاً، وفق ما جاءت به دراسة عربية، مؤكدة أن هدر الوقت بالموبايل احتل المرتبة الثانية بـ 22.5 في المئة، ومن ثم الثرثرة بنسبة 8 في المئة، وحل الازدحام على الطرقات رابعاً في قائمة المهدرات بـ 7.6 في المئة، بينما استحوذ التلفاز على نسبة 6.7 في المئة، ليأتي النوم سادساً بـ 5.6 في المئة، وعدم التنظيم سابعاً بالنسبة ذاتها، وجاء السهر أخيراً في قائمة مهدرات الوقت بنسبة 3.6 في المئة، إذ اعتبره مستطلعون أحد الأسباب الرئيسة في عدم الاستفادة من الوقت، خصوصاً إن كان السهر على التلفاز، أو في المقاهي.
عادات سلبية
دراسات كثيرة أجريت حول مواضيع تتعلق بالشباب، ولعل أبرز الدراسات تلك التي تحدثت عن طاقات الشباب المهدورة، حيث رأى علماء الاجتماع أن وجود متسع من وقت الفراغ لدى أعداد كبيرة من الشباب يؤدي إلى الانخراط في أشكال اللهو والعبث، أو التسكع في الشوارع والطرقات، ويصل بالشباب إلى حالة من اللامبالاة وانعدام المسؤولية التي قد تنمي في الشاب عادة الإهمال، إضافة إلى عادات سلبية كالكسل، والتراخي، ويمكن أن يذهب الملل بعيداً بفكر الشاب، ويدفعه نحو سلوكيات اجتماعية خطيرة، أو يذهب به إلى ما هو أبعد من ذلك، فيجره إلى الجريمة بمساعدة رفاق السوء.
طاقات مهدورة
وفي ظل الأزمة التي عشناها، كان هناك اصطياد مخطط لطاقات شبابنا ووقته المهدور، لذا وجب على المؤسسات المعنية التفكير من جديد لإحداث تغيير جذري في المستقبل، لأن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافاً لكسب عقولهم وطاقاتهم، فشبابنا اليوم هم صمام الأمان، والقوة التي يتحصّن بها وطننا، وهم الثروة التي يجب المحافظة عليها للمرحلة القادمة للنهوض من جديد ببلدنا، فإذا ما نظرنا إلى الواقع الذي يعيشه الشباب اليوم نجده مأساوياً: أوقاتهم مهدورة، وطاقاتهم مهملة، في الوقت الذي يجب أن يكونوا فيه الوقود الذي يمكّن الوطن من النهوض، والانطلاق من هذه الأزمة التي نعيشها اليوم.
توعية تربوية وإعلامية
ساهمت الثورة التكنولوجية بشكل كبير في انتشار مشكلة هدر الوقت، والتي اعتبرتها الدكتورة رشا شعبان “علم اجتماع” من المشكلات الهامة بالنسبة للأطفال والشباب، حيث يسبب وقت الفراغ درجة من التوتر النفسي حول كيفية شغله بأنشطة مفيدة، وهذه المشكلة تختلف من شاب إلى آخر حسب ظروفه، وتربيته التي اكتسبها من والديه، ومجتمعه، وبيئته، من خلال اعتماد كل الأفراد على أجهزة الكمبيوتر، والموبايلات، وغيرها من الوسائل التي قضت على عقول شبابنا، وكرّست كل تفكيرهم بإجراء المحادثات عبر الواتس، وتنزيل برامج الألعاب، وغيرها من الأمور التي يمكن تصنيفها تحت اسم: “هدر الذهن والوقت”، لذا وجب وجود توعية إعلامية وتربوية وأسروية لما تسببه هذه الوسائل وغيرها من أضرار صحية، ونفسية، واجتماعية، ومادية، كما يمكن لهذه المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات أن تعمل على اشتراك الشباب في الأندية الاجتماعية، والنشاطات الثقافية، والعلمية، والاجتماعية لملء أوقات فراغهم، فتأتي أهمية استغلال وقت الفراغ والاستفادة منه في هذه الأنشطة من حيث إمكانية تحقيق العديد من الحاجات الأساسية للفرد بممارسة العديد من الأنشطة المفيدة له في وقت الفراغ، إذ يتمكن الفرد من إشباع حاجاته الجسمية، والاجتماعية، وحاجاته العلمية والعقلية من خلال اكتساب المزيد من الخبرات، والمعارف، والمهارات.
ميس بركات