تحقيقاتصحيفة البعث

في مراكز الإيواء الشؤون الاجتماعية.. جهود لتأمين الاحتياجات.. ومبادرات دعم نفسي وتربوي وصحي تقدّمها الجمعيات الأهلية

 

لقد كان للحرب على سورية، خلال السنوات السبع الماضية، آثار ومنعكسات سلبية على الواقع الاجتماعي والاقتصادي، ولاسيما على الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، كالنساء والأطفال وذوي الإعاقة والمسنين والأسر المهجرة، ما زاد التحديات أمام توفير الحماية والتمكين لهذه الشرائح وغيرها ممن طالتهم آثار الحرب، ولاسيما المهجرين داخلياً والأشد فقراً، وفي ظل انتصارات الجيش العربي السوري، وتوسيع رقعة الأمن والأمان، تعود العديد من الفعاليات لممارسة النشاط الاقتصادي، ما يرتب فرصة وتحدياً في آن معاً على الشؤون الاجتماعية والعمل، والفعاليات والجمعيات الأهلية لتأمين الاحتياجات المطلوبة للأسر المهجرة والمتضررة، وضمن هذا الإطار تعمل مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل من منطلق الشراكة مع القطاع الخاص والأهلي على تأمين ما يلزم للمهجرين من مناطق الغوطة الشرقية.
آلية عمل الجمعيات الأهلية
في هذا الإطار توضح فاطمة رشيد، مديرة الشوؤن الاجتماعية والعمل في ريف دمشق بقولها: تقدّم الجمعيات الخيرية المساعدة للمحتاجين بناءً على طلب الأسرة وعلى الدراسة الاقتصادية والاجتماعية التي تجريها الجمعيات عن طريق لجان الدراسة التي تشكلها من مجالس إدارتها، وتختلف كمية المعونات المقدمة حسب عدد أفراد الأسرة ومستوى دخلها، كما تختلف المعونات المقدمة بين معونات نقدية وعينية، أما إيرادات الجمعيات ومصادر تمويلها، فمن التبرعات التي يقدمها المحسنون، وأهل الخير، وأصحاب الأيادي البيضاء، وأموال الزكاة، إضافة إلى نشاطاتها، وتقوم الجمعيات بإعداد حساب ختامي بنهاية كل عام بالإيرادات والنفقات، ويتم تصديقه من الجهاز الرقابي.‏
وتضيف: توزع خارطة الجمعيات الأهلية على مناطق المحافظة في ظل الأزمة، وتعتبر الجمعيات والمؤسسات الأهلية المشهرة وفق قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة برقم /93/ للعام 1958، إحدى الأذرع التنفيذية الهامة التي تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على الإشراف عليها، وتسعى لتكامل أدوارها الاجتماعية مع الجهود الحكومية الجادة لتلبية الاحتياجات المجتمعية، ولا سيما في ضوء الآثار السلبية التي أفرزتها الحرب الإرهابية الممنهجة التي تتعرض لها الجمهورية العربية السورية، وقد حرصت الحكومة من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على تعزيز مساهمة العمل الأهلي، وإتاحة المزيد من المرونة والانضباطية لعمله ونشاطاته من خلال مشاريع تساهم في تحسين بيئة عمله من خلال تبسيط الإجراءات والتصنيف والاعتمادية، وبناء قدرات العاملين، واستكمال قواعد البيانات، وأتمتة العمل، واستكمال خرائط توزع العمل الأهلي، ومراكز ودور الرعاية والخدمات الاجتماعية، وهو ما يتم العمل عليه حالياً، كما تقوم الجمعيات الأهلية بتقديم خدمات إضافية تربوية ودعم نفسي واجتماعي للوافدين، وإعداد إحصائية لشرائح المسنين ذوي الإعاقة فاقدي الرعاية بالتنسيق مع الوزارة، حيث تم تقديم خدمات متنوعة طبية- من خلال العيادات المتنقلة، وتقديم الألعاب والألبسة للأطفال، ويتم تقديم وجبات غذائية متنوعة، والقيام بحملات نظافة من خلال الفرق التطوعية للجمعيات الأهلية، وخاصة في مراكز الإيواء، كما تنفذ الجمعيات الخيرية مشاريع تنموية لذوي أسر الشهداء وذوي الإعاقة، وهناك مشروع جمعية الصحة بالقطيفة، والقيام بإحصائية للأسر الذين يتواجد لديهم إعاقات، وتقديم مبالغ مالية، ويبلغ عدد الجمعيات والمؤسسات المشهرة 181 مؤسسة.

مجتمع أهلي
يوسف خضير، رئيس مجلس إدارة مركز معن نسمو، قال: المركز يقدّم الخدمات التعليمية، وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة، ويتم التدريب، ومتابعة الأعمال والنشاطات بإشراف مديرية الشوؤن الاجتماعية والعمل والتي تقدّم التسهيلات الكاملة، وتدريب الكوادر، ويبلغ عدد المنتسبين للمركز حوالي 120 طفلاً من مختلف الإعاقات.
وهنا تؤكد مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل أن هذه المراكز الخاصة تقدّم المزيد من الدعم للمعوقين من تدريبات وبرامج مكثفة، وأن الوزارة تولي اهتمامها لشريحة المعوقين من خلال الدعم الكبير الذي تقدمه لمراكزها والجمعيات الأهلية المنتشرة بأرجاء المحافظة، وفيما يتعلق بالخطة الوطنية للإعاقة أشارت رشيد إلى قيام المجلس المركزي لشؤون المعوقين بالإشراف على تنفيذ الخطة الوطنية للإعاقة، ومتابعة القضايا المتعلقة بهم ولديه جدول أعمال، ومن أولويات الخطة موضوع التأهيل والتدريب، وقضايا التشغيل، وإحداث معاهد للإعاقة بالمحافظة، إضافة لبعض شرائح المعوقين التي لا يوجد لها معاهد خاصة مثل الإعاقة العقلية لكبار السن على سبيل المثال،‏ ونوهت بوجود 4 معاهد حكومية للإعاقة في المحافظة، إضافة للمعاهد التي يقوم بها القطاع الأهلي، كما دخلت معاهد الإعاقة الخاصة، وأصبح لدينا 11 معهداً خاصاً في محافظة ريف دمشق عائدة للقطاع الخاص وتحت إشراف المديرية.

تأهيل وتدريب
ازدادت في السنوات القليلة الماضية الجمعيات الأهلية بريف دمشق والتي تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، العقلية، الحركية، النفسية.. قدّم بعضها الكثير من المعالجات لأبناء المحافظة وكراسي متحركة وشبيهاتها لأصحاب الإعاقات الحركية،‏ والبعض الآخر سعى لتأهيل وتدريب وتعليم المهن لأصحاب الإعاقات العقلية، كأطفال التوحد، ومتلازمة داون بحيث يمكن لهؤلاء تأمين فرص عمل مهنية، كالأشغال اليدوية وغيرها، كما أقامت غالبية هذه الجمعيات الكثير من المعارض، واعتمدت على أعمال يدوية لذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقائهم بغية تشجيعهم على العمل، ودمجهم مع المجتمع ليكونوا فاعلين ومنتجين،‏ ويسعى المجتمع الأهلي في المحافظة لينتج هؤلاء من خلال الأعمال اليدوية التراثية الريفية من حياكة الصوف والسجاد والكروشة والشك، كما صناعة الحرير، ‏وتقول رشيد: إن وجود مثل هذا المعوق في الأسرة يتطلب تعاملاً خاصاً يتناسب مع حالته بالشفافية الصادقة الممزوجة بالابتسامة، وهذا يتحقق ببذل جهود مكثفة ومتواصلة على صعيد الرعاية الطبية، والنفسية، ومؤسسات ومراكز وزارة الشؤون تقدّم خدمات كثيرة للمعوقين ضمن مراكز متخصصة يعمل بها اختصاصيون بقضايا الإعاقة، إضافة لتقديم العلاجات الطبيعية والوظيفية، والنطقية، والإرشاد الأسري، وأيضاً التقييم التربوي والإشراف الطبي والتمريضي، وقالت: إننا ندرك، ونتفهم طبيعة الصعوبات التي ربما تواجهنا، وخاصة بعد ازدياد أعداد المعوقين خلال سنوات الأزمة، وأضافت: إن هناك استراتيجيات وخططاً، أهمها تواصلنا مع الأسر بمساعدة الأهالي لوضع الخطط العلاجية المناسبة، وإحداث برامج ونشاطات لتأهيل المعوق للتكيف والاندماج في المجتمع، وهناك برنامج إحصائي لعدد المعوقين، وإصدار استمارات خاصة بهم، وتوزيع بطاقات إعاقة للاستفادة من الامتيازات كافة، وبلغ عدد البطاقات الإعاقة الممنوحة 238 بطاقة، منها حركية 84 بطاقة- 10 بصرية- 85 نطقية – 85 عقلية- 14 بطاقة سمعية- متعددة 22 بطاقة شلل دماغي 22 بطاقة، وبلغ عدد طلبات بطاقات الإعاقة المسجلة 285 طلباً، وبلغ عدد استمارات الشلل الدماغي المستحقة للإعانة المالية 37 استمارة.

الإغاثة ومراكز الإيواء
وتقول رشيد، مديرة الشوؤن في المحافظة: نعلم جميعاً أن عدد الأسر الوافدة إلى المحافظة من مختلف المحافظات السورية، ومؤخراً من الغوطة الشرقية، كبير جداً، ما شكّل ضغطاً، وزاد من الأعباء الملقاة على كاهل المحافظة ومختلف الجهات المعنية، ومنها الشؤون الاجتماعية، والجمعيات الأهلية لعبت دوراً مهماً في مساعدة المتضررين في مراكز الإيواء، حيث قدمت خدمات صحية وإغاثية “تمكين ودعم نفسي”، وتستهدف جميع الشرائح الاجتماعية، وأشارت إلى أن استهداف الجمعيات الأهلية ليس للمهجرين فقط، بل لكل شخص يحتاج إلى مساعدة في المحافظة، كذلك هناك زيارات ميدانية للجمعيات إلى مراكز الإيواء في الدوير والحرجلة وعدرا بهدف الاهتمام بشؤون المهجرين، وفي الفترة المقبلة سيكون هناك الكثير من الأمور التي ستنجز، وخصوصاً فيما يتعلق بالأمور الخدمية الصحية واحتياجات الأطفال.

القوى العاملة
وعن آلية عمل مكاتب التشغيل وعدد المسجلين بها قالت رشيد: منذ إحداث مكاتب التشغيل بتاريخ 1/3/2001 كانت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل هي الجهة الوحيدة المخوّلة بترشيح الأسماء عن طريقها للمسابقات والتوظيف في المؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الآلية ألغيت، وانحصر دورها في إضافة علامة محددة للمتقدمين إلى المسابقات التي تعلن عنها المؤسسات العامة وفق معادلة التثقيل التي تأخذ بالاعتبار عدد أشهر التسجيل في مكتب التشغيل، بدءاً من تاريخ التسجيل، وحتى تاريخ الإعلان عن المسابقة، وعدد أشهر عمل مكاتب التشغيل، بدءاً من 1/3/2001 ولغاية الإعلان عن المسابقة، ويتم تسجيل طالب العمل في الشؤون الاجتماعية، ومنحه شهادة قيد عمل بناءً على الاختصاص والشهادة المقدمة للاشتراك في المسابقات والاختبارات التي تجريها الجهات العامة وفق أصول التعيين الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، وتقدّم المديرية 15درجة بناءً على قدم التسجيل في الشؤون، وبلغ عدد المسجلين في المكتب 2537 طلباً للدراسات العليا والإجازات الجامعية، وبلغ عدد المسجلين من الذكور والإناث 159 مسجلاً، وللمعاهد بلغ عدد الذكور والإناث 1559 مسجلاً، وللثانوية بلغ عدد الذكور والإناث 466 مسجلاً، أما التعليم الأساسي من ذكور وإناث 153 – وأما المهنيون من ذكور وإناث 12- والسائقون 35 سائقاً – والعاملون الدائمون بلغ عدد المسجلين من الذكور والإناث 153– ويتابع مكتب التشغيل ترشيح العاملين لمؤسسات الدولة حسب الأولويات والحاجة.

نهاية المطاف.. وفي الختام‏
والحقيقة أن مديرية الشؤون الاجتماعية تقوم بدور كبير في تقديم المساعدات للأسر الفقيرة والمحتاجة، وكذلك المهجّرة والمتضررة من الأعمال الإرهابية، وتأمين المعونة المادية لذوي الاحتياجات الخاصة، والإشراف على الجمعيات الخيرية والأهلية، وتأمين مراكز الإيواء للمهجرين والوافدين من مختلف المناطق والمحافظات الساخنة، وإعداد التقارير والإحصاءات الخاصة بحركة النزوح الداخلي والخارجي وأعمال الإغاثة.‏

عبد الرحمن جاويش