الجعفري أمام اجتماع وزراء خارجية “عدم الانحياز”: الحرب الإرهابية لن تحرف سورية عن بوصلتها وحقوقها المشروعة
انطلقت في العاصمة الآذرية باكو، يوم الخميس، أعمال الاجتماع الثامن عشر لوزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز، بمشاركة وفد الجمهورية العربية السورية برئاسة الدكتور بشار الجعفري، وخلال اليومين الماضيين تمّ النظر في القضايا المطروحة على الاجتماع والبنود المتعلقة بالقضايا العالمية والإقليمية والتحديات التي تواجهها الحركة ودولها الأعضاء وسبل تعزيز دور الحركة وفاعليتها على الساحة الدولية.
وفي كلمة أمام الاجتماع، أمس، أكد الجعفري أن بعض أعضاء الحركة خرجوا عن مبادئها تحت ذرائع واهية، مشدداً على أن تعزيز السلم والأمن الدوليين يتطلب التصدي لممارسات حكومات هذه الدول التي جعلت من نفسها أداة لخدمة أجندات دول غربية ولسياساتها العدوانية، ولا سيما في سورية، وقال: “لقد اتفقت دولنا منذ مؤتمري باندونغ وبلغراد على تحقيق عالم أكثر أمناً تسوده مبادئ السلام والعدالة والتضامن والتعاون.. عالم يقوم على أساس مبادئ احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها والمساواة فيما بينها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والامتناع عن العدوان أو استخدام القوة والتلويح بها وعلى حل المنازعات بالطرق السلمية، وكلها مبادئ تسمى المبادئ العشرة المؤسسة للحركة، إلا أن بعض أعضاء هذه الحركة خرجوا للأسف عن تلك المبادئ بذرائع واهية تخالف مبادئ حركتنا وميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، ما أدى إلى التأثير بشكل سلبي على الدور التاريخي لحركة عدم الانحياز”.
وأضاف الجعفري: “ينعقد مؤتمرنا هذا تحت عنوان “تعزيز السلم والأمن الدوليين من أجل التنمية المستدامة” ويتطلب تحقيق هذا الهدف النبيل منا كحركة التصدي بحزم للأسباب الجذرية التي تهدّد السلم والأمن الدوليين وتعيق وصولنا للتنمية المستدامة، وهذا يقتضي التصدي لممارسات بعض حكومات الدول الأعضاء في حركتنا التي جعلت من نفسها أداة طيعة لخدمة أجندات دول غربية نافذة في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن ولسياساتها العدوانية التي نلمس آثارها في العديد من دولنا بما فيها سورية”.
وبيّن الجعفري أن أحد أخطر هذه الأسباب هو تفشي ظاهرة الإرهاب إقليمياً ودولياً بدعم وتمويل وتسليح وتبرير من حكومات دول أعضاء في هذه الحركة، مشيراً إلى أن الأعمال الإرهابية الإجرامية التي يرتكبها تنظيما “داعش” و “جبهة النصرة” وكل التنظيمات والكيانات الأخرى المرتبطة بهما في سورية وفي أجزاء كثيرة من بلداننا العربية ودول العالم تمثّل دليلاً على تفاقم ظاهرة الإرهاب وبلوغها حدوداً غير مسبوقة في الإجرام اتحدت في وحشيتها وهمجيتها وإن اختلفت أشكالها وهوية منفذيها.
وأكد الجعفري أن الطريق للقضاء على الإرهاب معروف للجميع وذلك من خلال التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتخاذ إجراءات رادعة حقيقية لمساءلة الدول الداعمة والمموّلة للإرهاب وعدم استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة للعدوان ولانتهاك سيادة الدول وسلامة أراضيها بما يتعارض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وشدّد الجعفري على أن المستفيد الأول مما يجري في سورية والمنطقة هو كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يستمر ومنذ عقود بعربدته المعهودة دون وازع أو رادع أو عقاب، إذ لم يكتفِ هذا الكيان باستمرار احتلاله للأراضي العربية في فلسطين والجولان السوري وأجزاء من جنوب لبنان منذ عقود وارتكابه الجرائم المروعة بحق المدنيين الرازحين تحت الاحتلال، بل أمعن في طغيانه من خلال دعمه متعدد الأوجه للعصابات الإرهابية التكفيرية في سورية والتدخل العسكري المباشر من خلال الأعمال العدوانية لرفع معنويات هذه الشراذم الإرهابية في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل.
وجدّد الجعفري التأكيد على أن الحرب الإرهابية التي تشن على سورية لن تحرفها أبداً عن البوصلة وعن التمسك بحقها القانوني المشروع وغير القابل للتصرف في استعادة الجولان السوري المحتل كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأوضح الجعفري أن سورية تجدّد موقفها المبدئي الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين، وفقاً للقرار رقم 194 لعام 1948، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
وأكد الجعفري معارضة سورية فرض الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول أخرى الإجراءات القسرية أحادية الجانب على بعض دول حركة عدم الانحياز ومنها سورية كوسيلة لتحقيق أهداف وأجندات سياسية، لافتاً إلى أن بعض دول عدم الانحياز لا تتقيد بمواقف الحركة المبدئية الرافضة لسياسات التدابير الاقتصادية القسرية أحادية الجانب، فنجدها فجأة تشكو من فرض نفس التدابير عليها في الوقت الذي كانت حكوماتها قد انخرطت بحماس منقطع النظير في فرض تلك الإجراءات على سورية خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعكس عدم النضج السياسي لحكومات هذه الدول ونفاقها المفضوح.
وشدّد الجعفري على تمسّك الحكومة السورية بموقفها الثابت والمتمثل بأن حل الأزمة هو حل سياسي مبني على الحوار السوري السوري بقيادة سورية ودون تدخل خارجي ودون شروط مسبقة وعلى نحو يحفظ سيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، داعياً دول حركة عدم الانحياز إلى التضامن مع سورية بالمطالبة بإدانة العدوان العسكري لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا على أراضيها.
وطالب الجعفري في ختام كلمته كلّ من تحدث عن الشأن الإنساني في سورية بالتعاون مع الحكومة السورية بدلاً من القيام بمبادرات أحادية الجانب في مجلس الأمن وخارجه من دون التنسيق المسبق مع سورية، مؤكداً أن العنوان الوحيد للتضامن مع سورية وشعبها هو الدولة السورية حصراً وأن أي تجاوز لهذه الحقيقة من خلال الخلط بين الملفين الإنساني والسياسي هو رهان خاطئ ومضلل لا يستقيم مع الحرص على سلامة سورية وشعبها وعلى المبادئ العشرة لحركة عدم الانحياز.
ومن المقرر أن يتم في ختام الاجتماع الوزاري اعتماد الوثيقة الختامية للمؤتمر وإعلان باكو السياسي.