خالــــــــــــــد في الذاكــــــــــــرة
لم يكن صباحاً مشرقاً، ولم تساعدني لفحات الهواء البارد المتسربة من الشباك الخلفي للسيارة، على شحذ همتي لبدء يومٍ دراسي جديد، وحتى الطريق إلى المدرسة أخذ وقتاً أطول من المعتاد.. الكثير من السيارات والكثير الكثير من الناس، عمال وموظفون، منهمكون بتزيين الشوارع والمركبات وما هي إلا دقائق وبان سور المدرسة وبابها والطلاب مقبلين بأوجه متلهفة لاكتشاف ما يخبئه اليوم، وبعد تحية العلم وقبل صعودنا إلى الصفوف الدراسية، هنأنا مدير المدرسة بالذكرى الخمسين لميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي، وبعد كلمات تعبق بالوطنية والفخر للانتماء لهذا الحزب العظيم، طلب منا المدير التحضر للمشاركة بكرنفال شعبي بمناسبة اليوبيل الذهبي لذكرى تأسيس الحزب، ومع آخر حرف نطقه تغير كل شيء الملامح والمشاعر، علت الأصوات ابتهاجاً وحتى الشمس أطلّ أصيلها لتحيّينا.
عند الساعة العاشرة تماماً كان الملتقى، من الأرياف قبل المدن، حضر الجميع وكلٌ تَزيّن بلباس فولكلوري أو آخر يمثل فكرة ترتبط بالمناسبة، سار الجميع جنباً إلى جنب في شوارع المدينة موحدين المشاعر ومجددين الولاء. لم تكن الذكرى لترتبط بالوجدان لولا تلك الفرحة التي ملأت قلب الصغير قبل الكبير ولولا ذلك الترقب والتمني بأن تمرّ السنوات مسرعة لأنتسب إلى “حزب البعث”.
ومع مرور السنين توقفت عند معنى آخر لهذه الذكرى، وهو الرقم “7” الذي رافقها منذ اللحظة الأولى للإعلان عنها. ليست مصادفة أن يترافق هذا الرقم المحيّر والعجيب والمقدس في حضارات كثيرة، مع مناسبة عظيمة كهذه، فالرقم “7” يوحي بفيض من التعظيم والقوة والنصر، فقد أشرقت الشمس بعد “الطوفان” في اليوم السابع، وعدد السماوات والأرضين سبعة، والذرّة المكون الأساسي لكل خَلقٍ ومُبتكر طبقاتها الإلكترونية سبعة وحتى عجائب الدنيا سبعة، وإشارة النصر سبعة، وكم جميل أن نرفع جميعاً بهذا اليوم إشارة النصر (الرقم 7) احتفالاً بميلاد حزب البعث وفخراً بانتصارات جيشنا.
سامر الخيّر