دراساتصحيفة البعث

أردوغان يغذي صراع ناغورني كاراباخ تلبية لمطامعه الإقليمية

سمر سامي السمارة

جنّد النظام التركي آلاف الإرهابيين والمرتزقة، الذين يدعمهم في إدلب، لدعم أذربيجان في صراعها مع أرمينيا. وسلّطت العديد من التقارير الضوء على أزمة المرتزقة السوريين الذين يستغلهم أردوغان كدروع بشرية لمصالحه الشخصية، وتأجيج الأزمات في المنطقة وخارجها، وتؤكد أنه تمّ إرسالهم بالفعل إلى أذربيجان قبل اندلاع القتال الأخير مع أرمينيا حول إقليم ناغورني كاراباخ.

يظهر الانتشار الكبير للمرتزقة السوريين المدعومين من تركيا إلى أذربيجان قبل بداية الاشتباكات، مستوى التخطيط بين أنقرة وحلفائها الأذريين للتحريض على الجولة الأخيرة من العنف. علاوة على ذلك، اعترفت وزارة حرب أردوغان بنشر قواتها وتنفيذ مناورات حربية في أذربيجان خلال الأشهر الأخيرة، والتي أعقبت اشتباكاً بسيطاً ولكنه مميت مع الجيش الأرميني في منتصف شهر تموز الماضي. مرة أخرى، تشير خلفية الأحداث التي جرت مؤخراً، إلى أن نظام أردوغان اتخذ قراراً متعمداً لتصعيد النزاع الإقليمي الذي طال أمده بين أذربيجان وأرمينيا. و للإشارة فقد جدّد أردوغان التزامه بتعميق وتقوية العلاقات التركية- الأذرية على الدوام تحت شعار “دولتان في أمة واحدة”، مؤكداً: “أن تركيا ستظلّ دائماً الداعم القويّ لأذربيجان في كل وقت”!.

قام رئيس النظام التركي مؤخراً بتضخيم مطالب أذربيجان بشأن ناغورني كاراباخ، وتعهد بدعم “الأشقاء الأذربيجانيين” عسكرياً ضد ما سمّاه “الغزو الوحشي” من قبل أرمينيا، وبذلك يؤجج خطاب أردوغان الشوفيني تصاعد العنف الذي قد يهدّد بالتحول إلى حرب أوسع انتشاراً.

تتمتع روسيا تقليدياً بعلاقات قوية مع أرمينيا وهي ملزمة بمعاهدة دفاع مشترك للدفاع عن البلاد، أي إن انخراط تركيا-العضو في الناتو- علانية في الحرب إلى جانب أذربيجان يمكن أن يجرّ روسيا إلى الصراع، وبالتالي، أعضاء آخرين في حلف الناتو.

تحثّ موسكو، إلى جانب قوى دولية أخرى، على التحلي بضبط النفس والامتناع عن القيام بمواصلة المزيد من العمليات العسكرية والعودة إلى الحوار لحلّ النزاع بشأن ناغورني كاراباخ.

تعود الخلافات إلى الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطوريتين العثمانية والقيصرية. وازداد التعقيد، بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 وظهور مطالب إقليمية متنافسة في منطقة جنوب القوقاز. ويبدو أن الخلفية التاريخية لا تزال تُنذر بالخطر، فقد قامت تركيا العثمانية بإبادة جماعية للأرمن في العام 1915 ما أسفر عن استشهاد أكثر من 1.5 مليون أرمني، واليوم تلقي التحركات التركية الحالية بظلالها المشؤومة على أرمينيا. وما يثير القلق أن تركيا نقلت أعداداً كبيرة من مرتزقتها إلى أذربيجان، ونظراً لأن الإرهابيين المدعومين من تركيا في سورية مرتبطون بشبكات إرهابية مثل “النصرة” وغيرها من المجموعات التابعة للقاعدة، فإن التخوف من أن يتحوّل الصراع مع أرمينيا إلى نطاق أوسع من إراقة الدماء إلى حرب دولية واسعة النطاق.

نفت السلطات الأذرية في باكو مزاعم إرسال مرتزقة من سورية، إلا أن النفي لم يصمد طويلاً أمام التدقيق، إذ توجد تقارير موثوقة عن اعتراف إرهابيين سوريين قامت شركات أمنية تركية خاصة بتجنيدهم. وقد نُقل عن أحد الإرهابيين قوله: “الآلاف منا مستعدون للذهاب إلى ليبيا أو أذربيجان.. لا يوجد شيء لنا هنا [في إدلب]”.

تنسجمُ هذه التقارير تماماً مع سجل النظام التركي في السنوات الأخيرة، فقد أغرق سورية بالجماعات الإرهابية، وأعاد نشر وكلائه المتشددين في ليبيا. بالنسبة لتركيا، فإن إرسال المقاتلين إلى أذربيجان مهمّة لوجستية أسهل بالنظر إلى الحدود المشتركة. وبالنسبة لأردوغان، يعتبر دعم أذربيجان مؤشراً على طموحاته العثمانية الجديدة في تعزيز نفوذ أنقرة الإقليمي. وكذلك الأمر يندرج من خلال دعمه للإرهابيين في سورية وليبيا والتوترات الأخيرة مع اليونان وقبرص بشأن المطالبات الإقليمية في شرق البحر المتوسط، ​جميعها ضمن هذا النمط من تعظيم القومية التركية.