النحــل ثــروة اقتصاديــة مهــددة فــي غيــاب الدعــم فهــل مــن مجيــب؟!!
تعتبر طرطوس من المحافظات الرائدة في تربية النحل، وتحتل المرتبة الثانية بعد اللاذقية، أما بإنتاج الطرود الخاصة بوزارة الزراعة، فتحتل المرتبة الأولى رغم تعرض مربي النحل إلى خسائر إثر ظروف الحرب، حيث كان يأخذ نحله إلى الرقة لوجود عباد الشمس والقطن، وإلى حمص لوجود اليانسون وحبة البركة، وإلى سهل الغاب في حماة لتوفر القطن، الأمر الذي يساهم في زيادة الإنتاج، فمنذ أربع سنوات أكثر من 60 % من النحل انقرض، يضاف إلى ذلك الظروف الجوية التي لعبت دوراً في تراجع التربية، ما أدى إلى تراجع الإنتاج، فبعد أن كانت الخلية تنتج من 10 – 15 كيلو من العسل، أصبح إنتاجها لا يتعدى 5 كيلو، والحقيقة العلمية تؤكد أن انقراض النحل يعني أن 90 % من النبات سوف ينقرض، فهو يقوم بتلقيح الأزهار، ويحسن إنتاج النبات كماً ونوعاً، ويزيد كميتها، ويحسن نوعية الثمار عن طريق التلقيح الخلطي، ورغم هذه الفائدة الكبرى والعظمى فإنه مهمل من الجهات الرسمية …!! كيف …؟ وما مطالب العاملين في هذا القطاع …؟ وبالمقابل ماذا تقدّم الجهات المعنية من دعم وخدمات …؟.
3500 مربٍ
تعتبر تربية النحل من أقدم الأعمال الزراعية، ارتبطت بوجود النباتات، حيث كانت تتم بشكل بدائي بجمع النحل في أوانٍ فخارية أو صناديق خشبية، ويستخلص العسل منها… وأحدث مشروع تطوير تربية النحل في وزارة الزراعة عام 1988 الذي كان له الدور الكبير في انتشار وتطوير التربية، حيث كانت أعداد الخلايا البلدية لا تتجاوز 1000 خلية إلى أن أصبحت حالياً بحدود /40,000 / خلية حديثة والذي أدى إلى ارتفاع نسبة العاملين في هذا القطاع إلى حوالي 3500 مربٍ، وذلك حسب زراعة طرطوس.
أهداف وخدمات الجمعية
متى تأسست جمعية النحالين، وما أهدافها والخدمات التي تقدمها ….؟ سؤال توجهنا به إلى المهندس أمين حسين نائب رئيس الجمعية المركزية في سورية المتخصصة بتربية النحل، فقال: تأسست الجمعية في طرطوس عام 1996، وذلك بهدف تنظيم عملية تربية النحل وتطويرها وتحديثها، وتخديم الأعضاء المربين، وإقامة ندوات لتطوير عمل المربين الجدد، وتسهيل تسويق المنتج.. نؤمن السكر والأدوية، ونقيم ندوات، لكن الأدوية غير فعالة، والسكر لم نحصل عليه إلا من السوق السوداء، وأشار حسين إلى أن معظم المربين “القدامى” منتسبون إلى الجمعية التي تضم في عضويتها 200 عضو، وتقف الجمعية أمامهم عاجزة لعدم قدرتها على تقديم الدعم اللازم لهم…!.
الأدوية غير فعالة
ونوّه حسين إلى عدم وجود أدوية فعالة لمعالجة مرض قديم حديث يصيب النحل، وهي آفة القراد (الفاروة)، وقبل الحرب كان يأتي دواء”باغي فرول” مستورد من المانيا، لكنه منتهي الصلاحية، ويدخل إلى المحافظة ملكات نحل مستورد، وهي غير مراقبة، كما تأتي من مصر من خلال منح من اليونيسيف و(undf) أساءت للنحل السوري، منوهاً إلى أنه عندما ينظم استيراد الملكات ينعكس على الإنتاج بشكل إيجابي، ويحسن النوعية، ورأى بعدم ضرورة استيراد ملكات النحل، إنما يفضل انتخاب ملكات من النحل السوري ذات مواصفات عالية في الإنتاج، وذلك بإقامة مركز تلقيح للملكات في القطر، وعندما توزع ملكات النحل على المربين تتحسن التربية بشكل كبير.
عدم فحص النحل المستورد
ورداً على سؤالنا حول إن كان يتم فحص نوعية النحل المستورد والأمراض التي يحملها ..؟ أشار حسين إلى أن نوعية النحل المصري غير منتج للعسل وميال للتطريد، ما يؤثر على سلالة النحل السوري، لافتاً إلى وجود خطة جديدة في اتحاد الفلاحين المركزي بالتعاون مع الجمعية المركزية لتطوير تربية النحل، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
مطالب المربين
وطالب حسين باسم جميع المربين بدعم من الدولة لتضرر عدد كبير من النحالين الذين فقدوا مناحلهم، وتشميل النحالين بصندوق الكوارث أسوة بالمحاصيل الأخرى، وإقامة مركز تلقيح ملكات على مستوى القطر، وتوزيعها على المربين، وإعادة منح القروض، وتأمين مادة السكر بسعر مقبول، إضافة إلى تأمين أدوية فعالة، وخاصة دواء مكافحة حشرة الفاروة، وتكثيف الندوات العلمية للمربين.
لإنتاج هائل
وباعتبار أن طرطوس غزيرة الأمطار، اقترح حسين غرس المحميات بأشجار متناوبة الإزهار، وأن تعمل لأراضي أحراج الدولة مدرجات، وتزرع بأشجار الكينا الدموي، فهو نوع ممتاز، وينتج العسل بشكل هائل، وأشجار الخرنوب السوري، فهو من أقدم الأشجار في العالم، ويعطي كمية هائلة من العسل، وبنوعية ممتازة، إضافة إلى أشجار الأكاسيا.
اعتماد على الخبرة
ولفت حسين إلى أن العمل بتربية النحل مكلف، فثمن الخلية الفارغة 18 ألفاً، وسعر طرد النحل وسطياً 20 ألفاً، ومن يرد البدء بالتربية عليه أن يبدأ بعشر خلايا ليتجنب الخسارة، على أن يستعين بنحالين لديهم خبرة، وتكلفة الخلية بالسنة 100 ألف، وبهذا يحتاج المربي للبدء إلى مليون ليرة مع مستلزمات التربية، مبيّّناً أن التربية ليست بالشهادة، إنما تعتمد على الخبرة، وهي مهنة يمكن أن يعمل بها ذكور وإناث، ويربى النحل على مدار العام، ويحتاج إلى عمل متواصل.
تراجع الإنتاج
ولتربية النحل أهمية كبيرة من حيث إنتاجها المتعدد الذي لم يستثمر للأسف حتى الآن غير العسل والشمع، وتتركز تربية الخلايا في قطاع طرطوس، وبانياس، وصافيتا، هذا ما أوضحه المهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس.
وبيّن بلال أن إنتاج العسل يتوقف على الظروف المناخية، وتوفر المراعي، ويمكن أن تنتج الخلية الواحدة حوالي 10-15 كغ من العسل إن تم ترحيل الخلايا إلى المحافظات التي تحوي مراعي صيفية غنية بالرحيق، وعموماً تأثرت تربية النحل بظروف الحرب، وبسبب عدم إمكانية ترحيل الخلايا إلى المراعي، ويمكن التنبؤ بمتوسط إنتاج العسل لهذا العام بحدود 3-5 كغ من العسل لكل خلية.
جودة عالية
وأشار المهندس بلال إلى أن العسل المنتج في المحافظة يتميز بجودة عالية من حيث الطعم المميز، حيث تغلب عليه الحمضيات، والكينا، والحوليات المزهرة، والعجرم، والزعتر البري، والطيون، لكن مراعي المحافظة غير كافية لتكون التربية ذات مردود اقتصادي، مضيفاً: نشجع تربية النحل من خلال تأمين الطرود الجيدة بأسعار تشجيعية، وتأمين الإرشادات، وإقامة الدورات التدريبية، وحصر أمراض النحل، إضافة إلى تحليل العينات مجاناً للمربين، وتقديم الاستشارات الفنية والصحية للمربين، كذلك حصر المراعي، وتواريخ الإزهار، وضبط حركة تنقل الخلايا بين المحافظات وداخل المحافظة، وسيتم قريباً تأمين الخلايا الخشبية بعد أن توقفت بسبب الظروف الأمنية.
قيد الدراسة
وفي 30 تشرين الثاني من عام 2016، استضافت دمشق مؤتمر النحالين العرب، وأكد وزير الزراعة في المؤتمر على أن الوزارة تقوم بتجهيز مركز لإنتاج ملكات النحل في طرطوس لدعم طوائف النحل لدى المربين، وأوضح بلال أن المركز قيد الدراسة، وتكمن أهمية المركز بتأمين الملكات، لأن الملكة هي أساس الطائفة، حيث سيتم عزل السلالة السورية المناسبة للبيئة المحلية، ثم تربى الملكات، وعبر الانتخاب المتكرر يتم الحصول على ملكات ذات مواصفات عالمية.
توفير الغذاء والدواء
ويمكن القول بأن تربية النحل تمثّل أحد فروع الاستثمار الزراعي الهامة في توفير الغذاء والدواء، إضافة لما تحمله من بعد اجتماعي يتمثّل بتشغيل عدد كبير من المواطنين، وللحفاظ على تلك التربية، والمساهمة في زيادة الإنتاج من العسل، وكافة المنتجات الزراعية، لابد من إعادة النظر بواقع التربية، ووضع خطط تلائم مرحلة ما بعد الحرب، والإصغاء إلى مطالب المربين، بل ودعمها للحفاظ على أعلى قيمة غذائية وصحية هامة للإنسان.
دارين حسن