مع انتشار أجهزة الخليوي تأثيرات متعددة على حياة الأطفال.. وتداعيات صحية خطيرة
متباهين بأنواع الأجهزة الخليوية التي يمتلكها كل منهم.. جلس أحمد وأصدقاؤه على الرصيف يتبادلون أطراف الحديث، وكأنهم في اجتماع مهم يثبتون لبعضهم أهمية تلك الأجهزة التي بحوزتهم، ومواصفاتها الخيالية، وسعرها الباهظ الذي يدل على مدى جودتها، إذ لم يعد اقتناء الجوال حصراً على تلك الفئة العمرية الشابة وما بعد، والتي هي بحاجة إلى وجود هذه الأجهزة معها لضرورة التواصل وطبيعة عملهم، بل بات الصغير في مجتمعنا يحمل الجوال قبل الكبير، لنجد اليوم في الكثير من العائلات امتلاك الطفل ذي الست سنوات هاتفاً محمولاً، في حين والده أو والدته لم تفكر باقتنائه، إذ يعتقد الكثيرون من الأهالي أن الانصياع وراء رغبة أطفالهم بشراء أجهزة لهم خطوة إيجابية في تعليم الأطفال مبادئ التكنولوجيا في مراحل الطفولة المبكرة، ولكن السؤال هنا هو كيف يمكننا حماية أطفالنا من آثار الجوال؟ وهل ينبغي علينا أن نجاري أطفالنا؟ أم علينا أن نفعل ما نراه الأفضل والمفيد لهم؟.
الأطفال أكثر تضرراً
كشفت دراسة حديثة أن الأطفال الذين يستخدمون أجهزة الموبايل بأنفسهم قبل سن 12 سنة فإن 80 % منهم عرضة للصعوبة في التعلم، و25 % منهم عرضة للتدهور في التعبير، وأوصت الدراسة باستخدام “التليفون المحمول” للضرورة فقط على ألا تزيد فترة التحدث أو اللعب بالألعاب الموجودة فيه في اليوم الواحد عن 15 دقيقة، فالأطفال هم أكثر تضرراً من الموجات المنبعثة من الموبايل بالمقارنة مع الكبار، نظراً لأنهم لا يزالون في مرحلة النمو والتطور، ما يؤثر على نمو الخلايا الدماغية، فكيف هو الحال عندما ينام الموبايل إلى جانب الطفل في السرير، وبالتحديد إلى جانب رأسه.
موجات خطيرة
لم يعد خافياً على أحد أن الاستخدام المبكر للأطفال لهذه الأجهزة سبّب الكثير من حالات المرض بالسرطان، إذ أن فرط استعمال الطفل للهاتف الخلوي يؤدي إلى تعرضه لكميات كبيرة من الموجات الكهرومغناطيسية، فهذه الموجات تعرّض الأطفال لخطر الإصابة بالسرطان أكثر بعشر مرات من البالغين، لذا لا بد من الحرص على صحة الأطفال في التخفيف من استعمال هذه الأجهزة قدر المستطاع، فأطفال اليوم ليسوا كأطفال الأمس، والأهل اليوم يبذلون تعباً أقل من تعب غيرهم من الأهالي في تربية الأطفال، فالهدايا والألعاب تقدم للطفل بمناسبة وغير مناسبة، وأحياناً حب الوالدين في تعويض أطفالهما عن الحرمان الذي عانوه في طفولتهم يكون السبب في شراء هذه الأجهزة، أو من منطلق تقليد الآخرين من المعارف والأقارب، وفي أحيان أخرى تصر الأم على أن يحمل طفلها الجهاز بهدف الاطمئنان عليه أينما وجد، لذا ينصح الأطباء بالحذر ومراقبة الأطفال المستمرة عند حيازتهم لهذه الأجهزة التي تعرّض أجسادهم للخطر المباشر وغير المباشر.
دور الوالدين
اعتبر الدكتور قصي نصر الزير، “طبيب أطفال”، مسألة اتخاذ قرار اقتناء الطفل لجهاز خليوي من المسائل الصعبة التي تواجه الأهل هذه الأيام، نتيجة الآثار النفسية، والصحية، والاجتماعية التي ستؤثر بالضرورة على طفلهم، لذا يجب البدء بالحل من الأهل من خلال عدم تعويد الطفل على إعطائه “الموبايل” كوسيلة للعب والتسلية، أما في حالات شراء “الموبايل” للطفل لضرورة استخدامه في المدرسة، خاصة هذه الأيام القاسية على حياة أطفالنا، وما يشعر به الأهل من قلق مستمر على أطفالهم أثناء وجودهم في المدرسة، فلابد هنا من ضرورة أن يكون “الموبايل” تقليدياً لا يحوي أية ميزات تؤثر على الطفل سلباً كالألعاب، والكاميرا… فاستخدام هذه الهواتف يؤثر سلبياً على سلوكيات الأطفال، خاصة في المدارس، فهي تسرق منهم متعة الطفولة، فالطفل في المدرسة يجب أن يكتفي باقتناء جهاز يساعده على التحدث عند الضرورة القصوى، على عكس ما نشاهده اليوم من انتشار للكثير من الأجهزة التكنولوجية التي يستخدمها الأطفال، أهمها (الآي باد) الذي يلحق الكثير من الأذية بالأطفال، فصحياً يسبب آلاماً في عضلات الرقبة، والعمود الفقري نتيجة الجلوس المستمر، واجتماعياً يسبب العزلة، وانطواء الطفل عن الآخرين، ناهيك عن طبيعة الألعاب النارية التي قد تحويها هذه الأجهزة، لذا نصح الزير الأهالي بعدم الاستجابة لسلوك الطفل في التقليد العشوائي للآخرين، بمجرد رؤيته لممتلكات ما بحوزتهم، لأن في ذلك خسارة كبيرة للطفل.
ميس بركات