عبد الله مراد: البحث عن الجوهر وراء الحواس
يربط الفنان التشكيلي قيمة تجربته بما يكتشفه من تداعيات جديدة تتخلق أثناء تشكل العمل الفني وتأخذه إلى مطارح لم يألفها من قبل، لتجعل من الجمال أمراً ممكناً ومعززاً لقيمة الحياة بوصفها جميلة ومختلفة عما تصنعه آلات العدوان والقسوة، والفنان السوري عبد الله مراد صاحب التجربة الطويلة الذي فتتح معرضه الجديد في صالة كامل للفنون الجميلة هذا الأسبوع، ضم مجموعة من أعماله التي تستكمل تلك المسيرة التي تجاوزت الخمسين عاماً في البحث الفني وإنتاج اللوحة التي تحمل بصمة الفنان مراد التي تميزه في المشهد التشكيلي السوري بتلك الصيرورة على أن يبقى الطفل الذي يمارس لعبة التأليف بعيداً عن رقابة العقل وقسوة الواقع ورتابة الأشياء حيث يقول في تقديم المعرض:
“التصوير بالنسبة لي إيقاع يتماوج على سطح اللوحة لينتج مساحات بطاقة خفية أو ما يشبه الكهرباء الساكنة، وهو لعب ومباراة مع المجهول وبحث عن الجوهر فيما وراء الحواس، وهو عمل مليء بالألغاز المحبوكة بتأثير التجاوب والتنافر بين البقع والخطوط والأشكال، وديناميكية العمل تنتج من تأثير هذه التصادمات ما بين العقل والمنطق وما بين الانفعال العاطفي المتأجج.. وبشكل عام لا أحب أن أحمّل اللوحة مالا تحتمله من سرد وأفكار، إنها شيء تحقق وجوده في لحظة ما نتيجة صراع عبثي مع الخامات والأدوات، يحاكي عبث حياتنا ووجودنا ودائما كنت أرى أن التصوير لغة تتشكل من الصمت، تسمع بالعين وتدرك بالبصيرة”.
وكفنان أعشق كل ما يجعل من الحياة في ألق دائم وتوهج، وما كان الفن على مدى التاريخ إلا دعوة ضمنية للحرية والانعتاق في عالم لا زال يكتنفه العنف والفوضى وانعدام العدالة، وليس إلا التفاؤل وبعض الأمل هو ما يمنحنا القدرة على العيش ومواصلة الحياة.
أكسم طلاع