مشروع قانونها الجديد يبحث إلغاء توحيد الحوافز التشجيعية.. نحو 15 مشروعاً في حقيبة “هيئة الاستثمار” لطرحها في الساحل
لاشك أن مرحلة بدء تعافي الاقتصاد الوطني تتطلب تكاتف الجهود وتوحيد الرؤى لإعادة إرساء قواعد متينة كفيلة بنهوضه سريعاً، ومعالجة الاختلالات الهيكلية الناجمة عن واقع الأزمة، كخسارة وانهيار بعض القطاعات الهامة، وازدهار واقع قطاعات أخرى فرضها تجمع رؤوس الأموال بيد ثلة من تجار الأزمة حرفوا بشكل أو بآخر بوصلة الاقتصاد باتجاه المشاريع التي تضمن الربح السريع بغض النظر عن قيمتها المضافة، أو قدرتها على تحسين الناتج الإجمالي المحلي، ما يعني بالمحصلة أن تصحيح ملامح الاقتصاد الوطني ودعمه لابد أن يرتكز على طرح فرص استثمارية حقيقية تشكل إلى جانب التسهيلات الائتمانية المقدمة أولاً، واعتماد طرق لاستعادة الأموال المهربة إلى خارج البلاد وإعادة ضخها في عجلة الإنتاج ثانياً، الضلع الثالثة التي تتشكل بموجبها دعائم قوية لامتلاك اقتصادنا البوصلة وانطلاقه بالاتجاه الصحيح.
التخلص من التجارب
ويبدو أن هيئة الاستثمار السورية تسعى للتخلص من تجاربها السابقة بما يخص طرح جملة من المشاريع الاستثمارية التي سرعان ما تتعثر لأسباب عديدة تتعلق بضعف الدراسة لإمكانية تطبيقها، أو معالجة المعوقات التي تواجه المستثمرين فيها، وبناء خريطة استثمارية واقعية ومرنة تستطيع تلبية حاجة الاقتصاد الفعلي، إذ اعتمدت آلية جديدة لاختيار الفرص الاستثمارية، تتم عبر مراسلة الجهات المعنية من وزارات أو هيئات أو محافظات لموافاتها بكل الفرص الاستثمارية الموجودة لدى هذه الجهات التي تود طرحها للاستثمار، سواء كانت هذه المشاريع معتمدة في موازنات الجهات المعنية، أم أنها ناجمة عن حاجتها لها، لتقوم الهيئة بدراسة هذه المشاريع، واعتماد المناسب منها على عدة اعتبارات، منها إيجاد توازن بين المشاريع في كل القطاعات بشكل عام بالدرجة الأولى، وجاهزية المشاريع وقابليتها للتنفيذ السريع، بالإضافة إلى مطالبة الجهات بدليل إجرائي لتنفيذها وتخصيص موقع عقار لها، وفي حال عدم وجود عقار ستقوم الهيئة – بحسب بعض المصادر المطلعة – بطلب تراخيص لهذه المشاريع المطروحة، إما عن طريق أملاك الدولة، وإما من خلال التنسيق مع هيئة التخطيط الإقليمي، إذ شكلت الهيئة فريقاً فنياً للتعاون مع هيئة التخطيط الإقليمي، وهيئة التخطيط للتعاون الدولي، للوصول إلى خريطة استثمارية متوازنة ومتوافقة مع الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي تلافياً لعرض فرص استثمارية خلبية، وإعداد دراسات لتطوير عمل الهيئة، وإعادة الإقلاع بالمشاريع التي تحتاج إلى التمويل وذلك عبر البحث عن الشريك المناسب، وتجميع قاعدة بيانات تستطيع الهيئة من خلالها تقديم الحلول المجدية.
مزايا نسبية
وفي إطار مشاركة الهيئة في الفعاليات الترويجية الخاصة بالاستثمار، ومنها ملتقى رجال الأعمال الرابع المزمع عقده في اللاذقية بتاريخ 25 و26 الشهر الجاري، فقد أعدت هيئة الاستثمار حقيبة استثمارية تشمل ما يقارب 15 مشروعاً، بحسب مديرة الترويج والإعلام ريما الإبراهيم التي بينت أن المشاريع تشمل كل المجالات الاستثمارية، ويطغى عليها الطابع الخدمي والسياحي بحكم المزايا النسبية للمنطقة الساحلية، بالإضافة إلى مشاريع زراعية أو صناعة زراعية، وهي مشاريع تم طرحها من قبل القطاع العام، ونوهت الإبراهيم إلى أن الهيئة ستقوم بعقد اجتماع مع المستثمرين بغية الوقوف على بعض الصعوبات والعوائق التي تواجه المستثمرين في المحافظة، والعمل على إيجاد الحلول الكفيلة لمتابعة هذه المشاريع طريقها، بالإضافة لزيارة تتبع لبعض المشاريع الاستثمارية في المنطقة والتي هي قيد التنفيذ، أو بدأت بالتنفيذ ودخلت في حيز التشغيل التجريبي، وتعول الهيئة على هذا الاجتماع كمؤشر عن واقع المشاريع الموجودة في اللاذقية، وبالتالي توجيه الاستثمارات المستقبلية بما يحقق توازناً اقتصادياً في المنطقة.
فرص استثمارية
وكشفت مديرة الخارطة الاستثمارية فتون استانبولي عن أهم المشاريع المعدة لمحافظة اللاذقية، كمشاريع الصناعة الاستخراجية “استخراج الإسفلت” بالتعاون مع المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية، إضافة إلى فرصة الاستثمار في مجال التشييد السريع في اللاذقية بالتعاون مع الشركة العامة للبناء والتعمير، كما أن لقطاع النقل والمواصلات فرصتين استثماريتين؛ الأولى تتعلق بتطوير وتوسيع مرفأ اللاذقية، منوهةً في هذا السياق إلى أن الهيئة بصدد إقامة مدينة صناعية بحرية في منطقة جبلة، وتشمل كل الصناعات المتعلقة بالسفن، أما الفرصة الثانية فمن نصيب محافظة طرطوس، وهي توسيع مرفأ طرطوس، وحوض لإصلاح السفن فيه، بالإضافة إلى عدد من الفنادق التي تتبع أراضيها لمجالس المدن، مؤكدةً أن مواقع جميع الفرص جاهزة، بالإضافة إلى وجود موافقات مبدئية لكل الوزارات المعنية. وبينت استانبولي أن الفرص الاستثمارية الزراعية والصناعات التحويلية قيد الدراسة من حيث إعداد الدليل الإجرائي الخاص بالآلية التنفيذية لها.
استمارة خاصة
لاشك أن الهيئة تعتمد عدداً محدوداً من الفرص، ولكنها فرص استثمارية حقيقية قابلة للتنفيذ، تحاشياً من ظهور عراقيل أمام تنفيذ أية فرصة منها، مؤكدةً أن الفرص مدروسة وحاصلة على موافقات مبدئية من جهة، وقابلة للتطبيق من جهة أخرى، ولها عقارات تتوافق مع طبيعة المشاريع المقترحة، كي لا تتحول فيما بعد إلى مشاريع متعثرة وتحتاج إلى معالجات تستنزف الوقت والجهد للهيئة والمستثمر، بالإضافة إلى اعتماد استمارة خاصة بالفرص المطروحة تتضمن توقيع الوزير المختص، وتبين ملكية الأرض ورقم العقار، وكما تتضمن الدراسة الأولية، ويتم البحث مع وزارة الزراعة حول الإمكانات المتوفرة لتنفيذ هذه الفرص على أراضي أملاك الدولة.
إلغاء توحيد
وفي سياق متصل بينت بعض مصادر الهيئة أن مشروع قانون الاستثمار الجديد يبحث في إمكانية إلغاء توحيد الحوافز التشجيعية لجميع القطاعات، وتوجيهها إلى ما يناسب الخطة الوطنية وحاجة الاقتصاد الفعلي، فهناك العديد من المشاريع أو المناطق تحتاج إلى إعفاءات أكثر من غيرها، وخاصة أن بعض القطاعات تلقى نفس الحوافز وهي قطاعات رابحة كقطاع النقل؛ لذلك من المجدي توجيه الاستثمار إلى قطاعات يمكن وصفها بالنامية بحسب مؤشراتها الضعيفة، وتوجيه الحوافز التشجيعية لها لتحقيق العدالة بالتوزيع والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى ضرورة اعتماد بوابة واحدة للاستثمار، ومرجعية واحدة للمستثمر من خلال نافذة واحدة من شأنها تبسيط الإجراءات، وتطبيق ضوابط محددة في الاستثمار، تضمن تخفيف التكلفة والوقت والجهد، وترفع ترتيب سورية في تقرير أداء الأعمال العالمي الذي يعد أهم الوسائل الجاذبة للاستثمار بوجه عام.
فاتن شنان