هكذا رسم أطفال اللاذقية حلمهم
كما كل ربيع لم يخلفوا موعدهم مع الورد.. جمعوا رحيق مواسم زهورهم التي زرعوها واعتنوا بها سنة كاملة بلا كلل أو ملل، فأعطتهم عسلاً لذيذاً شهياً على هيئة لوحات فنية ضجت بها جدران دار الأسد للثقافة في مدينة اللاذقية، لاذقية الحياة.
اجتمعوا في هذا اليوم البهي وكخلية نحل وزعوا العمل فيما بينهم، فكل يعرف عمله ويتقنه على أكمل وجه.. أطفال بعمر الندى أتوا ليرسموا حلمهم بغد أجمل، أتوا ليقولوا للعالم كله انظروا ما اقترفت ألواننا من إبداع وجمال.. نعم فنحن نرسم حلماً هنا وآباؤنا يرسمون نصراً هناك على جميع جبهات القتال.. وبتلك الفسيفساء تكتمل لوحة الوطن الحبيب، فنحن لن نهزم، نحن أبناء الحياة.
ضمن كرنفال مميز وجميل قدمت جمعية أرسم حلمي إبداعات أطفالها، كان المشهد أشبه بسوق عكاظ، الكل قدم إنتاجه من لوحات تشكيلية وأشغال يدوية ومنحوتات حجرية وخشبية، وتخلل الكرنفال ندوات شعرية وأدبية.
وبجمال روحها التي تشبه لوحاتها حدثتنا الفنانة التشكيلية هيام سلمان رئيسة مجلس جمعية أرسم حلمي عن مشروعها قائلة:
تأسيس الجمعية هو نتيجة طبيعية لعملي مع الأطفال، وشغل حيز كبير من الزمن في مجال الفنون التشكيلية حيث كان ميداننا هو قاعات المدارس في مدينة اللاذقية، وعملت جاهدة على تفعيل مادة الفنون الجميلة في مناهجنا الدراسية في الوقت الذي كانت تعتبر مادة ثانوية وأكثر الأحيان حصة فارغة من كل علم يذكر، وفعلاً امتلكنا قاعات خاصة بالفنون التشكيلية من خلالها قمنا بالاهتمام بالأطفال الموهوبين وتطوير مواهبهم في هذا المجال، وتفعيل ثقافة الفن التشكيلي في نفوس أطفالنا، وهذا ما دفعني وبقوة لتأسيس الجمعية لكي أتابع هؤلاء الأطفال من باب حرصي الشديد على نقل حالة الإبداع من الآني إلى الدائم والمستمر، وبرأيي (أي موهبة مهما عظمت إن لم تتابع وتفعّل فمع مرور الوقت ستصاب بالضمور والزوال) وفعلا تم تأسيس الجمعية ومقرها في بسنادا في محافظة اللاذقية، وكان لأهالي الأطفال دور كبير في نمو الجمعية ورعايتها. وقد شارك أطفال الجمعية بمسابقات فنية على المستوى المحلي والعالمي.
ولم تغفل الجمعية عن تنمية ومتابعة الجانب النفسي والتربوي من خلال برامج خاصة بذلك، حيث اتخذنا من الريشة والقلم والألوان وسيلة لمعالجة بعض مشاكل الأطفال النفسية، فلم ينجو هؤلاء الأقمار من الآثار السلبية التي خلفتها الحرب اللعينة في نفوسهم وحياتهم كلها.
وتحدثت السيدة هيام عن سعادتها الكبيرة لتوقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة (تنامي ترين) للتدريب والاستشارات لتكون الحاضنة التدريبية للجمعية وبالتالي تلبي احتياجات محيطها لتنمية القدرات البشرية.
وبكامل ألقها وحضورها البهي حدثتنا د. سناء مخلوف عن الحبل السري الذي يربطها بجمعية أرسم حلمي، فالمصادفة البحتة هي ما جمعها بتلك الجمعية حيث لفت انتباهها اسمها، فكانت من أهم داعمي الجمعية ونشاطاتها، ولم تدخر أي جهد مادي أو معنوي قد يسهم في تنمية هؤلاء الأطفال المبدعين، حيث قادها شغفها بالفن التشكيلي إلى دروب العطاء في رحاب جمعية أرسم حلمي، هي التي تتابع رسالة الدكتوراه في مجال الإعلام، أيضا لم تجد أي بعد بين دراستها وما يقوم به أطفال أرسم حلمي حيث قالت: (هم يرسمون بالألوان وأنا أرسم بالكلمات) وكلانا نكمل مشوار الإبداع من خلال تضافر الجهود مع الفنانة هيام سلمان فهي الأم والصديقة والفنانة والمدربة والإنسانة أولاً وآخراً.
وختمت قائلة بأنها سعيدة جدا لأنها تشارك بطريقة أو بأخرى بإعادة بناء الإنسان داخل نفوس هذه البراعم الغضة، بمحاولة مطالبين بها جميعا لترميم ما خربته الحرب في نفوس وعقول أطفالنا.
لينا أحمد نبيعة