ثقافةصحيفة البعث

إسماعيل العجيلي مع فرقة الرقة يحيون ذكرى الجلاء

 

 

“خفافيش الظلام تخشى شعاع النور، أفكار لم تذكر بأديان سماوية، قتل وسفك دم واغتصاب وجور، يارب نصرك على هادي الإرهابية”
بهذه القصيدة للشعر المحكي بدأت الشاعرة نبراس المسلط العرض الاستعراضي الراقص”أصداء وحنين” على مسرح الأوبرا، ليلتقي صوتها وإلقاؤها الشعري المنغم مع الفرس العربي الأصيل بجمال جسده وحركاته التي تنم عن العزّ والفخر والتمسك بالقيم الأصيلة متمثلاً قول الشاعر امرئ القيس:
مكر مفر مقبل مدبر معاً/كجلمود صخر حطّه السيل من عل
“أصداء وحنين” الذي قدمته فرقة الرقة للفنون الشعبية بإشراف مؤسسها الأستاذ إسماعيل العجيلي، مع نغمات الربابة ودق المهباج لتعلن المسلط الانتصار على الحرب، لتنطلق من جديد من أصداء التراث والفلكلور لمنطقة الفرات من خلال بانوراما راقصة لفرقة الرقة التي كانت وستبقى سفيرة سورية إلى العالم.
الأمسية التي حظيت بحضور مذهل من أهالي الرقة ومن جمهور دمشق بحضور الأستاذ توفيق الإمام معاون وزير الثقافة، قدمت جزءاً من أعمالها السابقة مع أعمال جديدة اتخذت أسلوب اللوحات المتصلة، لتنشد أنشودة الحب والسلام والعودة من خلال قصة غرام تبدأ بثنائية شعرية لتصبح متتاليات جماعية بين الراقصين والراقصات لحكايات بين العشائر.
اعتمد العجيلي في مواضع على الصوليست الإفرادي والثنائي والتركيز على الصولو الإفرادي مع الجماعي بتقديم بانوراما من تراث سورية، وإن كان المحور الأساسي هو فلكلور الرقة، فنوّع بين الدلعونا واللالا والجزراوي والمردلي والأسمر والأغنيات الشعبية التي تناغمت وتوحدت مع السرد للشعر المحكي.
والأمر الجديد أن العجيلي طوّر من أداء الفرقة من حيث الأداء الراقص والموسيقا والأزياء، فبدا بوضوح امتزاج الرقص التراثي الدبكة بشكل خاص مع حركات الرقص المعاصر المتمثلة بالهوائيات وحركات الجمباز بالقفز والالتفاتات السريعة، ومع الرقص الكلاسيكي والتعبيري في مواضع لاسيما في الصوليست بالتركيز على ملمح من ملامح الرقص التراثي بالزي والسبحة، ومن حيث التنويع الموسيقي بتوليفة آلات الأوركسترا مع الآلات التقليدية للموسيقا التراثية، بصوت خولة الحسن ورنيم عساف وعاصم سكر وميادة بسيليس، ولم يكن التجديد على مستوى الموسيقا والرقص والغناء وإنما اعتمد العجيلي على الصورة المرئية بإحياء رموز التراث العربي بقوافل الإبل والخيول والصقور والصحراء لتتقابل تلك الصور مع مفردات التراث الجزراوي، وعمد إلى توظيف السينوغرافيا لخلفية المسرح بالجلسة العربية ببيت الشعر مع المؤثرات الصوتية، فنقل المتلقي إلى تلك الأجواء المفعمة بالحبّ والغزل، مما جعل الجمهور في تفاعل كبير مع الراقصين منذ اللوحة الأولى، لكن تفاعلهم الأكبر كان في رقصة الاختتام الجزراوية التي اعتمدت على الارتباط بالأرض والحركات السريعة للأقدام.

المزج بين القديم والحديث
وعن التطور الموسيقي وما يتعلق بحركات الرقص أوضح العجيلي بأن الفرقة قدمت أعمالاً حديثة لشربل روحانا ورنيم عساف وميادة بسيليس وموسيقا سمير كويفاتي إضافة إلى أعمالها السابقة بعرض لوحات من التراث بتطور سواء للالا والدلعونا والأسمر والأغاني الشعبية، وعملت على المزج بين الحديث والقديم بالرقص وخاصة حركات التراث بإضافة ومضات من الرقص المعاصر الذي يتطلب لياقة عالية جداً، وهذا المزج يشد المتلقي لاسيما أنه ارتبط بتوليفة موسيقية جديدة إذ سجلت باستديو في بيروت بآلات أوركسترا كاملة بأستوديو جيورجيان إضافة إلى التسجيل بأستوديو كويفاتي.
وشارك الراقص طارق عيسى مع الذكور بالحركات الراقصة المتنوعة وبصولو الرقصة الجزراوية، بأسلوب إيمائي امتزج بالفلكلور، فبيّن بأن أعضاء فرقة الرقة اعتادوا على رقص الفلكلور السوري من كل المناطق، فالتنوع هو من برنامج الفرقة مع التركيز على الموروث الشعبي واللحن الفراتي لنقل الفلكلور السوري عامة والجزراوي خاصة إلى كل العالم. وأبدى الراقص علي أسعد سعادته بنجاح العرض وبأن الرايات السوداء في الرقة لم تستطع القضاء على تراثنا وعلى رسالتنا التي تؤكد للعالم بأسره بأننا مازلنا هنا ولن نتوقف رغم الحصار ورغم هجرة بعض أعضاء الفرقة.
الراقصة غيداء سليمان تميزت بحركات الجمباز والقفز نحو الأعلى-إكروباتية- أثناء صولو الرقص الإفرادي، مما منح الفرقة لمسة راقصة جديدة كما ذكرت، وتابعت حديثها عن الرقص لتراث المنطة الشرقية التي تأخذ طابع الدبكة.
ملده شويكاني