تحية إلى بلاد الشام
محمد إبراهيم الحصايري
السفير التونسي السابق في دمشق
عندما أحببت أن أعبّر عن تعاطفي وتضامني مع سورية الشقيقة إثر العدوان الثلاثي الظالم الغاشم الذي شنته عليها أكبر ثلاث قوى استعمارية عرفها تاريخ البشرية ماضيا وحاضرا، بتحريض وتمويل من بعض العرب، وبتواطؤ وتخاذل من البعض الآخر، لم أجد أفضل من إعادة نشر هذه القصيدة التي ودّعت بها دمشق في شهر (حزيران) 2002 بعد خمس سنوات من العمل سفيرا لتونس فيها:
اضطربْ في الأرض واضربْ
بعصا الترحال في أرجائها طولا وعرضا
إن في الأرض لحسنا
رائع التكوين أحرى
أن ينال المرء من مرآه حظا
فلتعانقْ جسمها الغضّ بقلب
نابض بالحب نبضا
ولتسافرْ في تضاريس مداها
لا تني رفعا وخفضا
فإذا أحببت أن تنعم يوما
بجمال عربيّ
أسمرِ الجبهة بسّام المحيّا
فلْتُيَمِّمْ توأم الخضراء حسنا
درّةَ الشّرق بلادَ الشام فورا
لترى فيها من الحسن صنوفا
بعضها ينسيك بعضا
فلقد أنشأها البارئ في أحسن تقويم فكانت
من رياض الخُلْدِ روضا
ولقد أعطى بَنِيها
من كريم الخَلق والخُلق فكانوا
الكُرَمَا معنى ولفظا
نبتت في حضنها أم الحضارات ومنها
أشرقت شمس الرسالات ففاضت
بِسَنَا الحقّ على العالم فيضا
اسأل التاريخ يُنْبِئْكَ يقينا
أنها ما فتئت للحق حصنا
وعلى الباطل نارا تتلظّى
ربما هادنت الأعداء حينا
حكمةً منها ولكن
لم تفرط أبدا في حقها
فالحقّ كلٌّ عندها لا يتشظّى
وقفت في زمن “الفسق السياسي” على عادتها في كبرياء
ترفض الإذعان للطغيان رفضا
وتنادي: أمّتي يا أمّة الأحرار أصغي لي مليا
إن هذا العصر عصر فاسد الذمّة موبوء النوايا
فيه أمسى قادة الأرض مجانين ومرضى
فإذا العالم فوضى غابة ظالمة ظلماء لا شِرْعَةَ فيها
طَلْعُهَا من شجر الزقّوم مَنْ يَأكُلْهُ يَزْدَدْ
ظمأً، جوعًا وفي الأحشاء قيظا
أمْعَنُوا لما رأوا ضعفك في عدوانهم جورا وقهرا
واستباحوا الأرض والعرض معا حقدا وبغضا
فلتفيقي أمتي ولْتَنْفُضي عنك ركام العجز نفضا
ولتًهُبِّي أمّتي هَبَّةَ عزّ وانتقام
فلقد حق الفدى بل بات فرضا
*******
درّةَ الشرق، بلادَ الشام عذرا
إن أنا قصّرت في شرح معاني
حُسنِك الفرد جميعا
فلقد حاولت لكن
كنتِ فوق الوصف حقّا
وأنا يا توأمَ الخضراء أصلا
لست بالشاعر لكن
حسنك الأخّاذ أغراني بقرض الشعر إغراء عجيبا
فتطوّعت ودبّجت قصيدي
بفؤادٍ مستهامٍ
يبذُلُ الحبّ متى يَبْذُلْه محضا
ورجائي أنني أحسنت تقريظا وقرضا