اقتصادصحيفة البعث

التوازن الاقتصادي..مدخلا..؟!

بعد سنوات تجاوزت السبع من الحرب على كل مقدراتنا المادية والبشرية، هل يمكننا القول: إننا دخلنا في مرحلة “التوازن الاقتصادي”، بحيث نتمكن كدولة وحكومة وقطاع خاص، عاجلا أم آجلا، من الانطلاقة أو بالأصح المباشرة الصحيحة باتجاه العمل على تحقيق شيءٍ من مؤشرات النمو الاقتصادي، وبالتالي إمكانية التفاؤل بحدوث تغيرات جوهرية نستطيع بها الاستعانة على ما يواجهنا وسيواجهنا من تحديات أثناء عملية إعادة البناء والإعمار بمفهومها الشامل والمتكامل.

نعتقد أن فيما تقدم الكثير من الإحراج، وخاصة إذا ما أردنا الخوض بلغة الأرقام والنسب والنتائج، التي لا تشي نتيجة لتبايناتها وتباين مصادرها واختلاف وخلاف الأخيرة حولها، بالحقيقة الكاملة لما هو عليه وضعنا وواقعنا الاقتصادي، الذي ورغم ما يشهده من حراك إيجابي في ظاهري، إلاَّ أن هناك العديد من الملموسات التي لا تعكس ذلك.

ولعل محاولة الوقوف على جملة من العوامل ومنها (إجمالي الإنفاق الاستهلاكي الخاص والاستثمار التجاري والإنفاق الحكومي والصادرات غير النفطية..)، والتي تمثل مجتمعة أبرز محركات النمو الاقتصادي لأي اقتصاد حول العالم، وبالتالي لاقتصادنا الوطني، حيث ومن خلالها يتكشف مدى ضعف أو قوة النمو الاقتصادي، هي محاولة فيها من الصعوبة والتعقيد، المبررين ربما بسبب ما تعرض له اقتصادنا من تشوهات بنيوية، أدت إلى تشوه العلاقات التي تربط العلاقات الاقتصادية وبالتالي تشوه الحسابات الكلية الجزئية للاقتصاد.

طبعا لا يمكن تجاهل أهمية بيانات التضخم والبطالة ونمو التوظيف، التي تعد مؤشراتها من أهم انعكاسات عمل تلك العوامل على الأرض، وكيف أن استقراءها مجتمعة خلال الفترة الفائتة، يتيح للمخطط الاقتصادي التعرف على الوضع الاقتصادي الراهن، وإمكانية التنبؤ قدر الإمكان إلى أين يتجه الاقتصاد الوطني، وما إذا كان يتجه لمزيد من النشاط والنمو أم يتجه نحو الركود أو الاستقرار.  وعليه فإنه وقياسا على تحسنها، يتوقف تحسن النمو الاقتصادي، كما يتوقف عليه إسهامها في زيادة قدرة ومتانة الاقتصاد الوطني على تحمل آثار إعادة الهيكلة والإصلاحات الراهنة، تلك الإصلاحات التي يجب أن تكون الأهم في تاريخ اقتصادنا الوطني، بهدف زيادة تنويع قاعدته الإنتاجية، وزيادة قدرته على توطين فرص العمل الكريمة والمجدية، بما يسهم في رفع مستويات دخول السورين وظروفهم المعيشية، وهذا لعله بيت القصيد في أي اقتصاد.

ولا شك أن الوصول للمبتغى، سيصاحبه كثير من الصعوبات والضغوط على القطاع الخاص بالدرجة الأولى، وعلى غيره من أشكال التشوهات التي كانت قائمة في مختلف أنشطة الاقتصاد الوطني كالتستر والغش التجاريين والاحتكار والتلاعب بالأسعار والمضاربات على الأراضي والأصول غير المنتجة..

إلا أنها في النتيجة النهائية ستعيد تشكيل الاقتصاد الوطني بما يتوافق ويلبي احتياجات البلاد والعباد، وبما يوفر كثيرا من فرص النمو الاقتصادي المستدام والشامل، ويقلص من تفاوت مستويات الدخل بين شرائح المجتمع، ويقضي على كثير من التشوهات وأشكال الفساد المالي والإداري، ويتقدم بمنجزات التنمية الشاملة لعموم أفراد المجتمع، وهي الأهداف التي واجهت كثيرا من المعوقات كأداء طوال عقود سابقة.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com