“في رحاب لغتنا العربية”.. الطريق لاتزال طويلة
يتناول د. محمود السيد في كتابه واقع اللغة العربية التي عانت لفترة من تدنٍ في المستوى ومحاولات الباحثين الوصول إلى مقترحات وتوصيات ترفع السوية بعد تشخيص العلة وتقديم العلاج.
بهذا قدم د. السيد لكتاب “في رحاب لغتنا العربية/ واقعاً وتجديداً ونموذجاً للارتقاء” متابعاً أن هذا الكتاب ما هو إلا محاولة من المحاولات العديدة التي تسلط الضوء على واقع اللغة، معتبراً أنه رغم الجهود المبذولة في سبيل الخروج من أزمة لغتنا إلا أنها لم تكن على المستوى المأمول وأن الطريق إلى ذلك لا تزال طويلة وشاقة. توزعت مادة الكتاب على فصول ثمانية، اشتمل الأول منها على قراءة في واقع اللغة “بين الامتداد والانحسار” من خلال التعريف بحالها بدءاً بفترات امتدادها وصولاً إلى الانحسار الذي عانت منه والذي يرده السيد إلى عاملين أساسيين أولهما أعداء الأمة العربية ذلك أنهم يعلمون أنها تشكل عاملاً أساسياً يشدّ أبناء الأمة بعضهم إلى بعض، وثانيهما هو الفئة من أبناء اللغة الذين ساروا في فُلك الأعداء سواء عن وعي منهم أو عن غير وعي. ينتقل بعدها إلى مستلزمات الإمداد التي ترتكز إلى عدد من العوامل تبدأ بالقدوة من الحكام والزعماء، الوعي والانتماء، قوانين الحماية، وسواها من العوامل وصولاً إلى الاقتداء بالتجربة السورية التي تعتبر أنموذجاً برهن دائماً على قدرة اللغة العربية مواكبة العصر ومستجداته.
في الفصل الثاني عرضٌ للتحديات التي تواجه تعليم اللغة العربية في التعليم العام والتي من بينها قصور أداء المعلمين والمناهج، وتخلف طرائق التعليم والكثير من التحديات التي لا بد من وجود سبل لمواجهتها والخروج من تأثيراتها، وتعتمد على إعادة النظر في كل ما سبق، بينما تضمن الفصل الثالث الإشارة إلى واقع التدريس في الجامعات العربية وضعف مخرجاتها في لغتهم الأم الذي يرده إلى ضعف طرائق التدريس ومساراتها، ويخلص إلى عدد من التوصيات للنهوض بهذا الواقع. ليصل في الفصل الرابع إلى طبيعة العصر وتعليم اللغة، إضافة إلى عرض للوسائل التعليمية السائدة حالياً.
في الفصل الخامس كانت جولة في رحاب التجديد اللغوي ما بين الحافظين والمجددين واتجاهات هذا التجديد، بينما قدم في الفصل السادس تعريفاً لمفهوم الكفاية اللغوية لينتهي في الفصلين السابع والثامن للإضاءة على التجربة السورية في خدمة اللغة العربية من خلال قراءة أعمال اللجنة العليا لتمكين اللغة العربية وتجربة مجمع اللغة العربية في دمشق كأنموذجين يمكن الاقتداء بهما. ليختتم بالإشارة إلى الأثر السلبي الذي عكسته الأوضاع الصعبة التي مرت بها سورية في السنوات الأخيرة على عمل المجمع آخذين في الحسبان أن تمكين اللغة مسؤولية لا تتوقف على اللجان ومجمع اللغة إنما هو “مسؤولية الجميع، مسؤولية أبناء اللغة كافة ما دامت اللغة العربية هي لغتهم الأم، وجميل جداً أن يكون الأبناء بررة بأمهاتم وأوفياء لهن”. الكتاب الصادر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب أتى بواقع ما يقارب الأربعمائة صفحة من القطع المتوسط وتأليف د. محمود أحمد السيد.
بشرى الحكيم