اقتصادصحيفة البعث

سر تمترس “المالية” وراء “النسب”..!

 

تصر وزارة المالية على التمترس وراء “النسب” لدى حديثها عن أية إنجازات لها علاقة بالتحصيل الضريبي، في محاولة – أغلب الظن – باتت مكشوفة تبتغي من ورائها التستر على ضآلة التحصيل!
إذ من البدهي ملاحظة النمط العام لتصريحات أي مفصل من مفاصل الوزارة بدءاً من رأس هرمها، مروراً بمدير عام هيئة الضرائب والرسوم، وانتهاءً بمديري المال في المحافظات، المبني على عموميات لا تخلو في كثير من الأحيان من الإنشاء ذي الطابع التعبوي البعيد عن لغة الأرقام الحقيقية التي تعكس الواقع الفعلي لإنجازات التحصيل الضريبي!
وإذا ما سمحنا لأنفسنا الوقوف على خفايا هذا المشهد، يتبين لنا أن التحصيل الضريبي ليس كما يرام، إما لعدم امتلاك أذرع المالية الجدية المطلوبة لاعتماد الآليات اللازمة للبحث عن الـ400 مليار المصنفة في خانة التهريب الضريبي وفقاً لتقديرات بعض الخبراء، وإما لأن عدداً من هذه الأذرع متواطئ مع المحتجزين لهذه المليارات!
كما أن المشهد يحرض العديد من التساؤلات حول النتاج الحقيقي لقسمي كبار ومتوسطي المكلفين اللذين أحدثتهما الهيئة العامة للضرائب والرسوم منذ سنوات خلت؟
وما مبادرات الهيئة تجاه تعزيز نظام التقدير الذاتي على فئة كبار المكلفين، الذي اشتغلت على تدعيم أسسه منذ عدة سنوات؟
وإلى أي حد نجحت بتوطين علاقة الثقة المتبادلة ما بين المكلف والإدارة الضريبية، ولاسيما لجهة أن يقدم الأول بياناته بعد أن يحسب أرباحه ويحدد الضريبة المتوجبة عليه؟
كما أن أبرز أهداف الهيئة – على ما نعتقد – هي زيادة الالتزام الطوعي في المجتمع الضريبي، لكونها خطوة جوهرية على طريق مكافحة التهرب؛ لأن الفكر الضريبي في معظم الأنظمة الضريبية يسعى لتكريس فكرة الالتزام لدرء التهرب الضريبي، لأنه كلما زادت كفاءة عمل جهاز الالتزام الضريبي من خلال الشفافية والوضوح بالتشريعات الضريبية، وتقديم الخدمات والتوعية الضريبية، إضافة إلى تبسيط إجراءات العمل في التدقيق والتكليف والاعتراض، إلى جانب استخدام استراتيجيات التدقيق المعتمدة على نماذج إدارة المخاطر، زادت معها علاقة الثقة بين المكلف والإدارة الضريبية، وبالتالي انخفضت الحاجة إلى مكافحة التهرب!
في حين أن زيادة كفاءة جهاز مكافحة التهرب الضريبي فقط، لا يؤدي إلى انخفاض الحاجة إلى عمل القسم التنفيذي، وهو الالتزام الضريبي، مع الإشارة إلى أن ما يزيد من كفاءة عمل الالتزام هو تضافر جهود المعنيين الأساسيين به: (المكلف – المحاسب القانوني – مراقب الدخل)!
ما سبق ربما يوضح بشكل أو بآخر إحجام الوزارة عن الإفصاح – بالأرقام وليس بالنسب – عن الرقم الحقيقي للتحصيل الضريبي!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com