لشهر رمضان ورقة عمل مسبقة فقدان الثقة بين المستهلك و”حماته”.. والمعنيون في امتحان تصريحات لاتسمن ولا تغني من جوع
ينتظر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك امتحان صعب لأداء أجهزتها الرقابية، وذلك بالتزامن مع عودة الأمن والأمان لأغلب المناطق، إضافة إلى اقتراب شهر رمضان، خاصة في ظل الانتقاد وعدم الثقة من قبل المستهلك الذي يقع ضحية فوضى الأسواق وتناقضاتها وحالات الاحتكار وفلتان ظاهرة التلاعب في المواصفات واتساعها، وبيع الأغذية والمواد والسلع المغشوشة مع غياب للدور الرقابي ومزاجية عناصر دوريات حماية المستهلك رغم تأكيدات وزير حماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي مراراً وتكراراً، وفي كل اللقاءات الإعلامية والجولات الميدانية على ضرورة قيام معاوني الوزير والمديرين المركزيين في الوزارة بمتابعة عمل جهاز حماية المستهلك بالمحافظات، وإجراء جولات ميدانية مستمرة إلى الأسواق والفعاليات التجارية ومنشآت وجهات الوزارة مع التشديد على ضرورة التأكد من التزام أصحاب الفعاليات التجارية والاقتصادية بنشرة الأسعار الصادرة عن مديريات حماية المستهلك في المحافظات والتقيد بهوامش الربح المحددة، وسحب عينات من المواد المطروحة في الأسواق لتحليلها والتأكد من مطابقتها للمواصفات وتوفر شروط وعوامل السلامة الصحية والغذائية فيها.
إلا أن المواطن لم يلمس أو يشعر بتطبيق هذه التصريحات على الواقع، ما ترك هوة مع فقد الثقة بحماية المستهلك، ويجمع المواطنون على الازدواجية بتطبيق القرارات، حيث يبقى بعض التجار خارج نطاق القانون من دون رادع مع تحكم بالسوق، في الوقت الذي تنهال الضبوط على أصحاب المحلات الصغيرة لكي يتغنى بها المعنيون على وسائل الإعلام، معتبرين أن كل الإجراءات وما يسمعون عنها غير كافية ولا يمكن ضبط الأسواق إلا بقرار حازم ونوايا صادقة وضمير حي من قبل أجهزة الرقابة، ليتطابق كلامهم مع رأي الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب الذي تحدث عن قصص واقعية جرت أمامه تؤكد مزاجية أجهزة الرقابة و”الخيار والفقوس” المتبع في الأسواق، ولاسيما أنه كان متواجداً في أحد المحلات التي تحوي بضائع منتهية الصلاحية إلا أن عناصر الرقابة وتخفيفاً على التجار لأسباب أصبحت معروفة..؟؟ تم تنظيم ضبط بعدم وجود فواتير فقط للتخفيف من شدة العقوبة، وفي المقابل محل آخر يكتب بحقه سبعة ضبوط متتالية وبشكل انتقامي كونه من صغار السوق ولا حول ولا قوة له ولا يستطيع إرضاء دورية حماية المستهلك كما يريدون!.
وأوضح ديب أن الغاية الأساسية من الفوترة تحقيق العدالة للجميع وليست لتكون وسيلة تستغل للابتزاز حسب أهواء الرقيب. وهذا ما يتناقض مع تأكيدات الوزير الغربي في تصريحاته الإعلامية على نجاعة الجولات الميدانية التي يقوم وفريق عمله بها بشكل دائم على الأسواق، والتي أفضت إلى ردع التجار وتخفيض التجاوزات التي تلحق الأذى بالمستهلك، معتبراً أن الرقابة الدائمة للأسواق من أولويات عمل الوزارة، وهي لا تقتصر على الأسعار وإنما على جودة المواد الاستهلاكية بمختلف أنواعها. ومن هنا يأتي التشكيك في مصداقية اقتران الأقوال بالأفعال ليتساءل متابعون لأداء وزارة حماية المستهلك كيف ستنجح حماية المستهلك في ضبط الأسواق، لاسيما في ظل اتساع رقعة الأمن والأمان لأغلب المناطق مع اقتراب حلول شهر رمضان الذي تصبح فيه الأسواق بحالة فلتان كلي وأسعار جنونية تكوي المستهلك؟ واستغرب المتابعون من تصريحات الوزير حول أن الوزارة تستعد لتقديم سلة غذائية مدعومة لكل مواطن سوري خلال شهر رمضان المقبل!! معتبرين أنه حل لا يغني ولا يسمن من جوع في ظل الغلاء الفاحش، إلا أن مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الدكتور حسام نصر الله كشف عن ورقة عمل تحضر لتطبيقها خلال شهر رمضان، مشيراً في تصريح لـ”البعث” إلى اجتماع مرتقب واستثنائي مع مدراء التجارة الداخلية في المحافظات برئاسة الوزير الغربي لوضع خطة يعمل في ضوئها لضبط الأسواق.
وأكد نصر الله أن الوزارة بكامل مديرياتها تعمل على مدار الساعة، وجهود الوزارة بدت واضحة على أرض الواقع من خلال آراء المواطنين ورضاهم وإن لم تكن بشكل كامل، علماً أن الوزارة تواصل مساعيها لتحقيق المزيد من الإجراءات بهدف الوصول إلى مرحلة الرضا التام من قبل المواطنين، منوّهاً بالتعاون الملحوظ مؤخراً من قبل المواطن، وذلك بتفعيل ثقافة الشكوى من خلال عين المواطن الذي يستقبل الشكاوى بشكل يومي، وتتم معالجتها فوراً، ما ترك حالة خوف عند التجار من التلاعب والغش.
واعتبر نصر الله أنه مع عودة الأمن والأمان للمناطق يتطلب استنفار كامل ومضاعفة الجهود من دوريات الرقابة وضبط الأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، مضيفاً إنه سيتم تعزيز ودعم مؤسسات التدخل الايجابي لتوفير السلع وخلق المنافسة.
ولم يخف الدكتور علي ديب جهود ونشاط وزير “حماية المستهلك” إلا أنه لم يحقق إلا جزء من اختصاصات وزارته لاسيما أن الوزارة ما زالت تابعة للسوق وليست قاطرة لتوجيهه بما يحقق الغايات الأساسية من تأمين مواد بأسعار مناسبة وبجودة صحية وجيدة.
ولفت مدير حماية المستهلك إلى أن الوزارة تسعى إلى الأخذ بيد المواطن قدر المستطاع من خلال تنظيم الضبوط وتكثيف الدوريات خاصة في المناطق التي تشهد التلاعب الكبير بالأسعار،علماً أن أعداد الضبوط المنظمة بحق المخالفين ليست هي المؤشر الوحيد على عمل حماية المستهلك، فهناك الكثير من الإجراءات التي اتخذتها الوزارة للحد من حالة الغلاء والاحتكار والارتفاعات السعرية سعياً من الوزارة لتخفيض الأسعار قدر المستطاع. مشدداً على تطوير قدرات ومهارات كوادر الرقابة التموينية وصولاً إلى آليات تسمح بالكشف عن المواصفات الحقيقية، وخاصة المواد والمنتجات المستوردة .
ولم يغفل مدير حماية المستهلك ضرورة الاعتماد على أساليب جديدة في العمل الرقابي تتناسب مع تطور الأسواق وتفرع المهن من خلال تنظيم الدوريات على شكل مجموعات رقابية بعد تقسيم المحافظة إلى قطاعات والاعتماد على نظام الدوريات النوعية المختصة بالمواضيع الفنية، مثل دوريات معنية بمراقبة ومتابعة عمل محطات الوقود وتوزيع المحروقات أو عمل المخابز وإنتاج الرغيف، ودوريات متخصصة بسحب العينات ومعرفة مدى مطابقتها للمواصفات، ويتم التركيز حالياً قبل حلول شهر رمضان على مراقبة المواد الأساسية والمواد التي يرتفع عليها الطلب من المواطن، وخاصة المواد الغذائية لجهة سلامتها وقيمتها السعرية.
علي حسون