اقتصادصحيفة البعث

لا حول.. ولا حوالة..؟!

 

 

مع استقرار سعر الصرف بجوار السعر المعلن من المصرف المركز، ييتزايد أعداد المغتربين الراغبين بالتعامل عبر القنوات الرسمية
والتأكيد على أن يتم تصريف حوالاتهم عبر المصارف والشركات المرخصة.
هذا ما أكده حاكم مصرفنا المركزي مؤخراً، وبدلالات يدعم بها تأكيده.. وزاد في “طنبور” نقدنا نغماً بتبيانه أن ما آنف يسمح بالوصول إلى استقرار أكبر في سعر الصرف؛ ما يساهم في خفض تدريجي أكبر لمستويات أسعار السلع والخدمات ويزيد من وتيرة النشاط الاقتصادي.
وبلباقته المعهودة لم يفته تقديم الشكر لكل الحريصين على التعامل مع القنوات الرسمية، معرباً عن أمله خلال الأسابيع والأشهر القادمة عن استكمال الجهود المبذولة على مستوى السياسة النقدية، وتناغمها مع باقي المفاصل الحكومية للوصول إلى ما فيه الخير.
ما أدلى به الحاكم سنضعه في خانة الكلام الجميل والمتفائل – على الأقل – حتى نتلمس النتائج المتوقعة الواردة في كلامه، سواء لناحية ازدياد عدد المغتربين الراغبين بالتعامل عبر القنوات الرسمية، أم لناحية الاستقرار الأكبر في سعر الصرف، وبالتالي انعكاس ذلك على الأسعار.
هنا نود أن نضع حاكم نقدنا والمعنيين في صورة ما نعلمه وما يتم بالنسبة للآلية المتبعة في استلام الحولات، سواء من خارج سورية أم من داخلها، وبعدها يمكن الحكم على توقع الزيادة أم لا في عدد المغتربين الذين يفضلون التعامل مع القنوات الرسمية المرخصة والمراقبة حكماً.
أحد المراجعين لإحدى الشركات العاملة بهذا المجال تفاجأ – وهو المعتاد- على تلقي حوالات خارجية بمبالغ بسيطة تُحول من قريب لمساعدة العائلة على تأمين متطلبات المعيشة في سورية، بنصيحة أحد العاملين بالشركة بألا يرسل الحوالة باسمه أكثر من مرة، وذلك تلافياً من المساءلة والتحقيق معه..؟!
ذلك المراجع شأنه شأن غيره ربما؛ ولأن المبالغ التي تصله لا تشبع ولا تغني، ولأنه ممن لا يحبون وجع الرأس – كما يقال – لجأ لطريقة تعفيه من “وجع الرأس” أسرع وأسلس وأوفر، وهي من المؤكد أنها غير خافية لا على حاكمنا ولا على الجهات المعنية، والسؤال: لماذا مثل هذه الآلية والاشتراطات غير المبررة والمفهومة، والتي تحرم خزينتا العاملة من الرسوم وخلافها..؟ وهل بمثل ذلك سيزداد عدد المغتربين الراغبين..؟!
أما داخلياً فقد تفاجأ مراجع آخر حين أراد استلام حوالة باسمه محولة من صديق له من حمص لمساعدته على شراء منزل، تفاجأ بطلب الشركة منه كتابة تعهد (والذي يعد شرطاً لازماً لاستلام حوالته) حول المبلغ المحول بشكل نظامي، علماً أنه لا يتجاوز المليون ونصف مليون ليرة، فما كان منه إلاّ الاحتجاج والطلب بإعادة الحوالة لصاحبها، لتصل بعدها بطريقة معروفة للكل، والسؤال: هل يحتاج مثل ذلك المبلغ وتلك حوالة، تم تحويلها بالطرق المشروعة والرسمية لهذا..؟!
ننتقل الآن لربط حاكمنا زيادة الراغبين وبالتالي الحوالات باستقرار أكبر لسعر الصرف وانعكاس ذلك على خفض الأسعار، وهنا نقول متسائلين: رغم ما شهده سعر الصرف من استقرار تجاوز السنة (وهي المدة التي يفترض أن ينعكس فيها استقرار سعر الصرف على الأسعار..)، إلاَّ أن الأسعار عموماً لم تنخفض، بل زادت بنسب متفاوتة بحسب نوع السلعة والخدمة، حتى المنتجة ملحياً، فكيف يحدث هذا ويسكت عنه في ضوء ما نسمع..؟!
أخيراً وليس آخراً، نلفت عناية الحاكم والغيورين على نقدنا وقطعنا، إلى أن شكره للحريصين على التعامل مع الجهات الرسمية يجب ترجمته في ضوء ما عرضنا من وقائع على سبيل المثال، ولعل معالجة ذلك يجب أن يكون من صلب لا استكمال الجهود المبذولة على مستوى السياسة النقدية، وحينها فقط يمكننا التسليم بوجود تناغم مع باقي المفاصل الحكومية للوصول إلى ما فيه الخير.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com