تحقيقاتصحيفة البعث

ابتســــامة هوليــود حلــم لم تمنعــه التكاليــف مـــن التحقــق

بات طرق باب عيادة الأسنان بحثاً عن الابتسامة البيضاء أكثر انتشاراً، رغم الحرب، والظروف المعيشية السيئة لمعظم الناس، ويرى بعض أطباء الأسنان أن الأزمة، والدخل المحدود لم يقفا حائلاً أمام ما أسموه: “بريستيج وهوس التبييض” الذي يسعى إليه معظم المواطنين رغم تكلفته الكبيرة، لنجد في الجانب الآخر تأكيداً على كلام الأطباء عند من توجّه نحو سحب القروض، أو الدين للحصول على الابتسامة الهوليودية، لتبقى الحالة النفسية، كما يبدو، هي الحكم في عالم الأسنان وتجميلها.

اختلاف

لانا، فتاة على أبواب الثلاثين، مهووسة بتقليد الفنانات، فعدا عن عمليات التجميل الظاهرة على وجهها، بيّنت أن الابتسامة البيضاء تضفي على روحها سعادة، وتشعر بأنها لا تقل جمالاً عن أية ممثلة أو مطربة، وهي، على حد تعبيرها، لا “تفكر بالمصاري”، المهم أن تكون جميلة.

أما السيدة أمل التي التقيناها بأحد مراكز التجميل، والتي “لا تكل ولا تمل من السفر”، فرأت أن الجمال حتى يكتمل تنقصه ابتسامة هوليودية، ولم تفكر يوماً بأن المال قد يقف حائلاً أمام مظهرها الجميل، كلام أمل وافقتها عليه المدرّسة منى التي أكدت أنها اضطرت للاستدانة والقرض لتكسب ابتسامة بيضاء، وعند سؤالها عن السبب كان جوابها: “ما بعرف يمكن حالة نفسية”.  أما الموظف أبو أيهم فقد رأى أن راتب الموظف لا يكفي قوته وقوت عياله حتى يذهب لتجميل أسنانه، إضافة إلى أنه لا يعير هذه الأمور أي اهتمام، فهو يكابر كثيراً على ألم الأسنان حتى لا يذهب للطبيب الذي تبدأ رحلة العلاج معه ولا تنتهي إلا بتفريغ الجيوب!.

التبييض للتقليد

الدكتور إيهاب نعمان، اختصاصي طب الأسنان وجراحتها، عرّف تجميل الأسنان بأنه عملية تجميلية تهدف إلى تحسين مظهر الأسنان واللثة والابتسامة، وليس بالضرورة أن تكون لها أية وظيفة بيولوجية، ورغم الفروقات المعيشية ما بين المناطق المنظمة والعشوائية، لا تخلو الأحياء الشعبية من أناس يرغبون باكتساب ابتسامة بيضاء حتى لو اضطرهم  الأمر للدين والاقتراض على حد تعبيره، أما من يعيش حالة رفاهية فقد عزا نعمان تطرقهم  لتجميل الأسنان إلى الحالة النفسية، أو تأثير الدراما، ورغبة الشخص بتقليد المشاهير، وهذه الحالات تلاحظ أكثر عند الفتيات والنساء رغبة منهن باكتساب ابتسامة شبيهة بإحدى الفنانات، أو لإضفاء مظهر جميل، تماشياً مع المجتمع الذي ينتمين له، وهو بمجمله مخملي.

زبائن وليسوا مرضى

وعن الأسعار أكد نعمان أنه فيما يخص الإصلاح والعلاجات العادية فإن ذلك يختلف حسب المنطقة والطبيب، فبعض العيادات تبدأ بـ 3000، أو 10000، وتنتهي عند الـ 35 ألفاً “كإصلاح”، أما تجميل الأسنان، فعلاوة على ما ذكر تختلف التسعيرة بحسب “الزبون”، وبحسب وصف الطبيب، باعتبار أن الراغب بالتجميل يعتبر في عرف طب الأسنان زبوناً وليس مريضاً، إضافة لعدد الأسنان، وطول وقصر الابتسامة، إلا أنها بالمجمل تصل إلى مليون ليرة لعشرين سناً، أما الابتسامة المؤقتة التي تطلبها السيدات أثناء حضورهن الحفلات فهي تكلّف 50 ألفاً، وهي غير مؤهلة لتناول الطعام، أي هي مظهر فقط، وفي حالات الومنير والفينيير التي تلاحظ عند الممثلين، تبدأ بـ 50 ألفاً للسن الواحد، وتختلف حسب عرض الابتسامة، وعمرها ينتهي بعد فترة معينة، هذا عدا عن عمليات قلب الشفاه، و”الغمازة” التي تسيطر على الصبايا في الوقت الراهن، وتكلّف مبالغ كبيرة أيضاً.

أسباب

أما تكاليف إصلاح الأسنان الباهظة فمردها، بحسب الدكتور نعمان، إلى أن المواد الطبية ليست ذات منشأ وطني، ويتحكم السوق والتجار بالطبيب، حيث يصل غرام الحشوة في بعض الأحيان إلى 8000 ليرة، ناهيك عن الأسعار العالية للحشوات الضوئية، معتبراً أن “تسعيرة” الطبيب عادلة بالنسبة للمواطن مقابل الخدمات التي يقدمها طبيب الأسنان، والأسعار المتواجدة في السوق، منوّهاً إلى أن علاج الأسنان في سورية مازال، رغم كل شيء، أرخص من دول الجوار كلبنان، والأردن، والإمارات الذين يقصدون دمشق لعلاج أسنانهم.

نجوى عيدة