التشدد بالتعليمات ومتابعة الشكاوى ومعاقبة من يخالف بالملايين أقساط جنونية في المدارس الخاصة ومطارح ضريبية خارج الخزينة جراء عدم الترخيص
استطاعت المدارس الخاصة استغلال الظروف الراهنة في عملية الضغط على الأهالي ورفع الأقساط بشكل فوضوي ومزاجي، لتتستر الإدارت بقوانين حددت الرسوم لكنها فتحت الباب لبند الخدمات، وكل مدرسة حسب ما تقدم من خدمات مختلفة عن الأخرى، وذلك بحسب كلام مدير تربية دمشق محمد مارديني الذي أوضح في أحد الاجتماعات أن تحديد الرسوم والأقساط في المدارس الخاصة يتم وفق قرار وزارة التربية والمتضمن الخدمات التي تقدمها المدرسة التي لا توجد لها ضابطة حيث تختلف الخدمات المقدمة من مدرسة إلى أخرى من تدفئة ولباس وكتب وأنشطة مختلفة، داعياً الأهالي إلى تقديم شكوى خطية للوزارة من أجل محاسبة المدرسة التي تبالغ في الأقساط، ولاسيما أنه تمت مخالفة العديد من المدارس الخاصة وفرض الغرامات بحقها التي وصلت إلى ملايين الليرات.
واقع المدارس الخاصة لا ينحصر في محافظة واحدة فقط، بل يعيش الأهالي في جميع المحافظات معاناة مريرة مع تحكم أصحاب هذه المدارس متذرعين تارة بالتأهيل والصيانة، وتارة أخرى برفع أجور العاملین، وحسب شكاوى المواطنين فإن الحال على وضعه لا خدمات ولا صيانة، بل على العكس فالأمور في تراجع عند بعض المدارس وخاصة رياض الأطفال، لتشكل قضية ارتفاع الأقساط مشكلة حقیقیة بحاجة إلى حلول جذرية وقوانين تحد من جشع هؤلاء، ويجمع الأهالي على تراجع ملحوظ في مستوى التدريس وخاصة الاعتماد على مدرسين غير مؤهلين جامعياً؛ وذلك للتخفيف من نفقات الرواتب لكون المدرسين غير المجازين يقتنعون بأجور منخفضة مما يقلل من جودة التعليم بغياب أصحاب الكفاءات التربوية المختصة.
ويضيف الشاكون أن الموضوع لم يقف عند رفع الأقساط، بل وصل إلى رفع أجور النقل مع أجور أخرى ولباس، مع مزاجية التسجيل لتصل أقساط بعض المدارس إلى 400 ألف ليرة، وفي مدارس أخرى إلى أكثر من ذلك، مما يثير جدلاً لدى أهالي الطلاب، ولا سيما في الظروف الحالية فيما يعتبر المعنيون في وزارة التربية أن الارتفاعات في الحدود المقبولة وزيادتها كانت لتغطية نفقاتها وتأمين خدمة تعليمية مميزة، مؤكدين على معالجة أي شكوى ترد إلى الوزارة ومعاقبة أي مدرسة تخالف القوانين والقرارات الصادرة أصولاً.
ويوضح مدير التعليم الخاص في وزارة التربية غيث شيكاغي في تصريح سابق أن الزيادات التي منحت للعاملين بموجب قرارات الحد الأدنى لأجور العاملين الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم /89/ لعام 2014/ والتعويض المعاشي الممنوح لهم والبالغ 11500 ليرة شهرياً بموجب قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مشيراً إلى أن زيادة أسعار المحروقات وما يترتب عليها من زيادة في نفقات المؤسسات التعليمية الخاصة من كهرباء وتدفئة وإنارة ونقل الطلاب، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الضرورية للعملية التربوية من / قرطاسية ووسائل تعليمية/ أدت إلى ارتفاع التكاليف؛ مما دفع أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة إلى المطالبة بزيادة أقساطها لتغطية نفقاتها.
وبناء على ما ذكر فقد أعادت وزارة التربية النظر بالموضوع من خلال دراسة توصلت إلى رفع الأقساط بما لا يتجاوز 5 بالمئة كل سنتين، مع متابعة مدى التزام المؤسسات التعليمية الخاصة بالأقساط المحددة بها أصولاً عن طريق المديرين المندبين والموجهين التربويين والاختصاصيين المشرفين عليها، أو عن طريق لجان مكلفة بالمتابعة، علماً أنه يتم تحديد أقساط المؤسسات التعليمية الخاصة لكل مرحلة تعليمية قبل بداية تسجيل الطلاب على أن يشمل القسط “الرعاية الصحية والخدمات التعليمية وثمن القرطاسية الخاصة بالمؤسسة التعليمية ورسم التسجيل”.
وفي دراسة لأحد الخبراء التربويين أكد أن معدل زيادة الأقساط في المدارس الخاصة خلال السنوات الأخيرة الماضیة «تراوح بین 100% إلى 140% وذلك حسب تصنيف المدرسة أو الروضة. واعتبر الخبير التربوي أن مخالفات المدارس الخاصة لا تقتصر على رفع الأقساط بل هناك مخالفات تنظيمية إدارية، ولاسيما التراخيص، علماً أن هناك زيادة في المدارس والروضات غير المرخصة مستغلة الظروف الراهنة؛ مما يتطلب من وزارة التربية التدقيق والمتابعة المستمرة لهذه القضية، وخاصة أن أموالاً كثيرة لقاء رسوم ونفقات التراخيص تخسرها الخزينة جراء الفوضى الحاصلة في زيادة المنشآت التربوية الخاصة خارج أطر القانون والتنظيم التربوي، علماً أن المرسوم التشريعي رقم 35 لعام 2010 حظر استخدام العقارات والأماكن غير المرخصة وفق التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 الناظم للمؤسسات التعليمية الخاصة للتعليم ما قبل الجامعي كمؤسسات تعليمية أو كمراكز أو مكاتب للتدريس أو لتقديم خدمات تربوية أو تعليمية لمجموعات من الطلبة ذات صلة بالمناهج التربوية الرسمية. كما نص المرسوم على فرض غرامة بحق المخالف المستخدم للأمكنة المشار إليها مقدارها 50 ألف ليرة وذلك بقرار من وزير التربية بناء على اقتراح اللجنة الرئيسية لشؤون التعليم الخاص، وتضاعف العقوبة في حال التكرار، وتم تعديل هذه الفقرة بالمرسوم التشريعي رقم 7 للعام الحالي 2017 لتصبح الغرامة 500 ألف ليرة مع مضاعفة العقوبة.
ولم تقف متابعتنا لهذا الموضوع عند الأقساط والتراخيص بل لمسنا معاناة العديد من المعلمات في دور الحضانة ورياض الأطفال وخاصة ما يتقاضونه من أجور متدنية، ولكنهن لا يستطعن الاعتراض أو الشكوى بسبب الخوف من فقدان فرصة العمل بسبب عدم وجود ضوابط وإجراءات رادعة، وما يؤكد كلام المعلمات العدد القليل الذي يستمر في العمل أكثر من عامين في الوقت الذي توضح التعليمات الوزارية أن أجور المعلمين يجب ألا تقل عن الحد الأدنى المعمول به في التعليم الرسمي وذلك حسب الشهادة، ووفق ما هو محدد من وزارة الشؤون الاجتماعية كما يجب على صاحب العمل تسجيل جميع العاملين في التأمينات الاجتماعية.
ومع كل الارتفاعات الجنونية للأقساط يبقى السؤال لماذا هذا الإصرار من الأهالي في التسابق لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، علماً أن نسبة مرتفعة من الطلاب المتفوقين في كل عام من المدارس الحكومية، وفقاً للنتائج الامتحانية، إضافة إلى أن صعوبة التسجيل في “الخاص” بسبب مزاجية أصحاب المدارس متمسكين بالقوانين فقط المتعلقة بالتسجيل، لتأتي آمال الأهالي بتطبيق القوانين والتعليمات الوزارية على كل الأصعدة في الخدمات والرسوم وليس فقط تعليمات التسجيل!!
علي حسون