انكسار شمّاعة الأزمة
مع إعلان الجيش العربي السوري أول أمس تطهير منطقة الحجر الأسود من رجس الإرهاب، يكون بذلك قد عاد الأمان والاطمئنان إلى دمشق وريفها بشكل كامل.
أمام هذا الإنجاز البطولي الذي قُوبل بفرحة عامرة من سكان العاصمة وريفها، ثمّة استحقاقات خدمية تفرض نفسها بقوة تتعلق بسرعة ترميم وإصلاح البنية التحتية من أجل عودة شريان الحياة إلى طبيعتها، ولاسيما ما يتعلّق بتأهيل المرافق العامة، وفتح الطرقات وتعبيدها من جديد وصيانة شبكات الصرف الصحي، وإنارة الشوارع، وكل ما من شأنه تعزيز الأمن والأمان والاطمئنان بحياة طبيعية عكّر صفوها سبع سنوات من الحرب المدمرة.
القصد من إثارة هذا الكلام أن شمّاعة الأزمة التي كانت تعلّق عليها كل الأخطاء لم تعد تنفع لتبرير التقصير والإهمال والإجحاف بحق تأمين الخدمات الضرورية وإيصالها، حيث كانت سبباً لدفن أية حالة إخفاق، علماً أن الغالبية من بلدات ريف دمشق وحتى المدن المحيطة كانت آمنة لكنها كانت وما زالت تشكو من شح الخدمات بشكل واضح ولو بحدودها الدنيا!.
المؤلم أن هناك مبالغ كبيرة تُخصّص سنوياً للبلديات لخدمة الأغراض المذكورة، لكن لا أثر إيجابياً واضحاً يشير إلى أنها صُرفت بمكانها، وأبسط مثال على ذلك ترقيع الشوارع بالإسفلت الذي يتمّ بطريقة بدائية جداً مع “ضرب المواطن بمنية”، فكيف وأين تصرف تلك الأموال؟!.
لن نذهب بعيداً، فخير السماء الذي غمر كل أنحاء الوطن في الأيام الأولى من هذا الشهر، كشف مدى هشاشة وسوء الخدمات، حيث كانت العديد من البلدات مهدّدة بالغرق نتيجة الطوفان وسوء تنفيذ الطرقات والريكارات الشكلية غير الصالحة للتصريف، وقسْ على ذلك الكثير الكثير!!.
من جانب آخر تبدو أكوام، بل تلال القمامة في شوارع البلدات وعلى أطراف ومداخل المدن وانتشار الكلاب الشاردة، علامات فارقة على اللامبالاة المستفزة التي يتعامل فيها رؤساء البلديات ومجالس المدن مع محيطهم!.
بعد كل هذا، أليس من حق المواطن أن يسأل: أين خدماتي التي أدفع ثمنها ضرائب مثبتة على فواتير المياه والكهرباء والهاتف ووو…. الخ؟!.
سؤال مشروع من بين عشرات الأسئلة الباحثة عن إجابات مقنعة في زمن نحتاج فيه لكوادر مشهود لها بالنزاهة والكفاءة والانتماء الحقيقي للوطن، بعيداً عن المصالح الضيّقة والاستهتار واللامبالاة وسط غياب المساءلة والمحاسبة رغم الفساد والخلل الإداري الواضح للعيان!!.
غسان فطوم
ghassanfatom@gmail.com