نجاح الدورة 59 يضع “مؤسسة المعارض” أمام تحدّ لنجاح أكبر للنسخة ستين كرتلي: التسويق لمعرض دمشق الدولي لا يزال مستمراً.. ونتوقع مشاركة خمسين دولة وألفي شركة
يضع نجاح الدورة الـ59 لمعرض دمشق الدولي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثلة بالمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، أمام تحدّ لنجاح أكبر للدورة 60، ولاسيما بالتوازي مع تحسن الأوضاع الأمنية، وانعكاس ذلك على ازدياد دوران العجلة الإنتاجية، وبالتالي على حركة الصادرات، فمشاركة 43 دولة و1532 شركة عربية وأجنبية في الدورة السابقة في ظل ظروف أشد وطأة من التي نعيش حالياً، كانت إنجازاً يسجل للحكومة قاطبة وللوزارة والمؤسسة على وجه التحديد، لكنه وفي الوقت نفسه يضع الأخيرة على محك تحقيق إخراج أكثر تميزاً شكلاً ومضموناً للدورة القادمة.
بوادر
بوادر المشاركة في الدورة 60 لمعرض دمشق الدولي تنبئ بتأكيد مشاركة 12 دولة بشكل رسمي حتى تاريخه، وفقاً لما أكده مدير عام المؤسسة فارس كرتلي الذي بيّن في السياق نفسه تلقي المؤسسة وعوداً بمشاركة 15 دولة أخرى من خلال الزيارات التي قامت بها اللجنة المشكلة في مؤسسة المعارض، وتنتظر هذه الدول بعض الإجراءات من حكومتها، إضافة إلى فتح باب التسجيل للشركات الممثلة بوكلاء سوريين والبالغ عددهم حتى تاريخه 168 شركة عربية وأجنبية، على أن يتمّ اختيار الشركات حسب الوكالات الممنوحة لها من خلال التفاضل فيما بينها لاختيار من تنطبق عليه الشروط، مشيراً إلى أنها شركات ممثلة للدول، مؤكداً في الوقت نفسه أن المشاركة المحلية كبيرة وستشمل كل القطاعات.
لا تزال جارية
وأكد كرتلي لـ”البعث” قيام المؤسسة بدعوة رسمية لـ45 دولة من خلال وزارة الخارجية والمغتربين، وأن عملية التسويق للمعرض لا تزال جارية حتى تاريخه عبر دعوات لسفارات الدول العربية والأجنبية من خلال سفارات الدول في دمشق وسفارات الجمهورية العربية السورية في الخارج، متوقعاً أن يتجاوز عدد الشركات المشاركة في هذه الدورة 2000 شركة، وعدد الدول 50 دولة، خاصة في ظل وجود تجاوب كبير من قبل الدول والشركات للمشاركة في الدورة الـ60 لمعرض دمشق الدولي سواء الشركات المحلية بكل أشكالها والتي تتمثل بالقطاعين العام والخاص أم الشركات الأجنبية والعربية، منوهاً في هذا الخصوص بأنه تمّ التعميم من رئاسة مجلس الوزراء إلى كافة الوزارات للمشاركة في معرض دمشق الدولي بدورته 60 وأبدت جميع الجهات العامة رغبتها بالمشاركة، على أن يتمّ حالياً تحديد الأماكن الخاصة بالمشاركة المحلية وفق القطاعات “نسيجي، غذائي، كيميائي، هندسي، سياحي.. إلخ”، لافتاً إلى أن عدد الطلبات المقدمة يغطي كافة الأجنحة الموجودة في مدينة المعارض، إذ يبلغ عدد الأجنحة الدولية والوطنية 8 أجنحة، إلى جانب 23 جناحاً للشركات الخاصة، إضافة إلى سوق البيع، وجناح الجمهورية العربية السورية.
عوامل مساعدة
وأكد كرتلي أن المؤسسة لم تدخر أي جهد تجاه تهيئة مدينة المعارض وتجهيز بناها التحتية من كهرباء وطلاء وشارات الدلالة وكوات الاستعمالات، كي تتمكن من إخراج النسخة ستين للمعرض على أكمل وجه، مشيراً إلى وجود عدة عوامل كفيلة بتميز هذه الدورة عن سابقتها يتمّ العمل عليها حالياً وتتمثل بزيادة عدد الدول والشركات المشاركة، وزيادة المساحات المخصصة للعرض، وتسهيل حركة السيارات في المعرض، وكذلك تسهيل عملية دخول الزوار، وزيادة عدد البوابات الخاصة بالزوار، والعناية بالنظافة بشكل أكبر لتجاوز ما حدث في العام الماضي، إضافة إلى إيجاد شارات دلالة ونقاط استعلامات، وزيادة عدد مراكز البيع المباشر، إلى جانب المهرجانات لمسرح الطفل ومسرح الجمهور، وتقديم أبرز نجوم الطرب والفرق الفنية من سورية والدول العربية.
منصة اقتصادية
إن الحديث عن ضرورة أن تكون الدورة القادمة للمعرض أكثر تميزاً عن سابقاتها ينبع من مسألة حرص رجال المال والأعمال على توجيه بوصلتهم نحو مواطن الدسم الاستثماري، ما يحتّم علينا أهمية تسويق ما في جعبة اقتصادنا الوطني عبر ممثليه من القطاعين العام والخاص من فرص استثمارية، وإمكانية إقامة شراكات اقتصادية إستراتيجية من على منصة معرض دمشق الدولي، وبمقدار نجاحنا باستقطاب أكبر قدر من الشركات، بمقدار ما ينعكس ذلك على تفعيل الحركة الإنتاجية بكل مكوناتها.
تحديد الأهداف
وفي حضرة المراهنات على نواتج معرض دمشق الدولي من عقود تصدير وفرص استثمارية، علينا تحديد أهدافنا الاقتصادية مع الشركاء بدقة متناهية وفق مبدأ الربح والخسارة، وهذا يتطلّب بالضرورة تفعيل أدوات استشعارنا لمعرفة ما يتوق له الشريك جراء فرده لما في جعبته من فرص استثمارية وعقود تجارية، وتوظيفها ضمن سياق ما يسدّ احتياجاتنا، وقد بدا واضحاً خلال الدورة السابقة أهمية تحديد مثل هذه الأهداف، فعلى سبيل المثال لا الحصر أبدت السودان استعدادها لتخصيص مساحات واسعة من الأراضي للاستثمارات السورية، وهي في الحقيقة فرصة لتعويض خروج مساحات من أراضي خارج الخدمة بسبب تداعيات الأزمة.
منطق المصالح
وتبيّن لنا خلال الدورة الماضية أيضاً أن منطق المصالح يملي علينا عقد صيغة للتعاون مع الجزائر في مجال المكننة الزراعية، ويمكن أن يؤطر هذا التعاون بنوع من المقايضة بين الجانبين بحيث يلتزم الشريك الجزائري باستجرار احتياجاته من البذور والمبيدات الزراعية وغير ذلك مما ننتجه، مقابل استيراد ما يلزمنا من الآلات الزراعية. فالمعرض إذاً فرصة داعمة للتفاوض مع الشركاء كونه مقاماً على أرضنا، فهم من أتوا إلينا بحثاً عن الاستثمار في الدورة الماضية، ويجب أن يزدادوا في الدورة القادمة، لأن قدومهم إلينا هو نقطة في صالحنا تستوجب استثمارها إلى أبعد حدّ، وهو فرصة أيضاً لتحديد معالم شراكتنا مع الشركاء الجدد وبما يتواءم مع مصالحنا وشروطنا السيادية وذلك بعد تجربتنا الفاشلة مع أوروبا.
نبرة حكومية
ويبقى أن نشير في هذا المقام إلى أن نبرة فريقنا الاقتصادي أثناء وجودنا معهم خلال الدورة السابقة -سواء باجتماعاتهم الرسمية مع الوفود الحكومية وغير الحكومية للدول المشاركة، أم خلال لقاءاتهم معهم ضمن أروقة المعرض- بدت مرتفعة لجهة إبداء الجدية والرغبة بالتعاون المشترك معهم. وهذا يعتبر فاتحة خير لحقبة استثمارية قوامها الأساسي التنمية الحقيقية خاصة وأن المحادثات دارت في فلك المشاريع الإنتاجية بالدرجة الأولى أكثر من فلك نظيرتها الخدمية الريعية.. ونعرج ختاماً على رجال أعمالنا المغتربين لنعترف لهم بأن الرهان الحقيقي هو أن يكون المعرض محرضاً لعودة الكثيرين منهم لما يحمله من دلالات على الصعد كافة، نطق بها من عاين الواقع بنفسه من رجال الأعمال الأجانب قبل العرب، والتي لم تكن مشاركتهم في الدورة السابقة من قبيل العبث.
ح. النابلسي