اقتصادصحيفة البعث

في حضرة الحديث عن زيادة الإنتاج والتشغيل.. وصفة نقابية لتأمين التمويل وإصلاح القطاع العام الصناعي

 

تشكل زيادة الإنتاج والتشغيل التحدي الأكبر الذي يشغل بال الكثير من الجهات العاملة على إعادة دوران عجلة الإنتاج وتسريع وتيرتها، ورغم الاهتمام الكبير بهذا الموضوع إلا أنه يسير بخطى متثاقلة غير منتجة أو ملبية للتطلعات والآمال، بعكس الجهود المبذولة التي تراوح وللأسف على خط البداية دون إقلاع حقيقي بالعملية الإنتاجية.
هذا التحدي وضعه عمر حورية أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال مقام العقبة الأساسية في مشروع العودة للإنتاج، ولكن في الوقت نفسه لا يشكل تجاوزه عملاً مستحيلاً برأي حورية، فهناك الكثير من الحلول وفي مقدمتها إنشاء مناطق تجمع صناعات صغيرة ومتناهية الصغر (حرفية) مجهزة ببنية تحتية جيدة (ماء – كهرباء – خدمات أخرى) قريبة من مركز المدينة في كل محافظة آمنة، ودعوة أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للعمل فيها لقاء أجور رمزية لمدة ثلاث سنوات، ويعاد النظر بها بعد ذلك، وعلى أن يكون لهذه التجمعات أنظمة مالية وإدارية خاصة وبسيطة تشجع على مساهمتها الفاعلة في زيادة الإنتاج.

دعم الطاقة
طرح حورية أيضاً منح القروض التشغيلية لمنشآت الصناعات الزراعية وخاصة متناهية الصغر (بفوائد مدعومة)، ودعم أسعار الطاقة المستخدمة بالمنشآت الزراعية والحرفية والنقل العام والمكنات والمعدات الزراعية، وهذا من شأنه تخفيض تكاليف النقل والإنتاج وحصر الشواغر في الشركات والجهات العامة والموافقة على ملئها بموجب مسابقات أو اختبارات ورصد الاعتمادات المالية اللازمة لإنشاء صناعات الأدوات والمعدات والآليات الزراعية، ولإنشاء معمل عصائر أو أكثر في المنطقة الساحلية، وكذلك إنشاء الصناعات الغذائية بمختلف أنواعها، وبالأخص الألبان والأجبان والتغليف والتعليب، وكذلك لإنشاء صناعات الطاقات المتجددة (أجهزة سخان شمسي – لواقط كهروضوئية –عنفات ريحية…) كونها ستخفض بشكل جوهري من فاتورة استيراد المشتقات النفطية وحصر تأمين احتياجات الجهات العامة والشركات العامة بمنتجات شركات ومعامل القطاع العام الإنتاجي، بهدف تحقيق التكامل فيما بينها، بحيث تكون مدخلات إحدى الشركات هي من مخرجات شركة أخرى لغاية تخفيض عبء تمويل مستوردات هذا القطاع من القطع الأجنبي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بما يسهم في تحقيق قيمة مضافة أعلى تنعكس على الناتج المحلي الإجمالي.

جدية الإنجاز
وأضاف حورية كما يجب النظر إلى موضوع إصلاح القطاع العام الصناعي بجدية، وإنجاز ذلك قبل نهاية عام 2018، وإصلاح القوانين المرتبطة بعمل القطاع العام سواء القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004، أو نظام العقود الموحد الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004 والإسراع في تطبيق نظام الفوترة بهدف ضبط التكاليف وربطها بالأسعار من ناحية، وبهدف زيادة الحصيلة الضريبية من ناحية أخرى، وتوجيه الجهات الرقابية للتدقيق في كفاءة الإنفاق العام (رقابة الأداء – رقابة فعالية استخدام الليرة السورية الواحدة) في كافة الجهات العامة، وعدم الاكتفاء برقابة مشروعية النفقة، ودعم التصدير، وفرض رسوم جمركية مرتفعة على المستوردات من سلع الاستهلاك الترفي والكمالي، وتخصيص أراضٍ للبناء في كافة المحافظات الآمنة للمؤسسة العامة للإسكان، ودعم القطاع الإنشائي للمساهمة في الحد من ارتفاع أسعار السكن والإيجار من ناحية، ومن ناحية أخرى تأمين فرص عمل جديدة وتنشيط حوالي (70) مهنة مرتبطة بهذا القطاع، ودراسة موضوع شركات التطوير العقاري لتكون شركات مساهمة عامة حصراً، ومشاركة القطاع الخاص والمشترك في عملية إعادة إعمار المناطق المدمرة التي خرج منها المسلحون، من خلال تعديل ضابطة البناء والمخططات التنظيمية بهدف منح حيز إضافي من البناء للشركات التي ستقوم بذلك لقاء إعمار المساكن والمدارس والمستوصفات والحدائق مقابل هذا الحيز الإضافي، والتأكيد على تفعيل التعاملات المصرفية في كافة المقبوضات والمدفوعات الخاصة بالأفراد أو المؤسسات، والعمل أيضاً على تطبيق مشروع “الذمة المالية” للموظف العام.

واقع التنفيذ
وعن مدى إمكانية تطبيق الحلول التي طرحها وكيفية تأمين التمويل اللازم لها، قدم لنا حورية جملة من الحلول والسبل لتنفيذ المقترحات على المستويين الإسعافي، وقصير ومتوسط الأمد حيث رأى بأنه يمكن تأمين التمويل اللازم من خلال الإصدار النقدي والتمويل بالعجز وإصدار سندات دين عام لاقتراض مبلغ (مليار دولار) مثلاً بمعدل فائدة مشجع (4 % – 5 %) سنوياً، وإصدار سندات دين عام لاقتراض مبلغ (ألف مليار ليرة سورية) مثلاً بمعدل فائدة مشجع (12% – 15%)، ويمكن أن يقسم على شرائح زمنية ( 5 – 10 – 15 – 20 سنة)، ومعالجة التراكم الضريبي لدى وزارة المالية وتسوية مخالفات البناء الحديثة والقديمة (القابلة فنياً للتسوية)، وبالأخص تلك التي انتشرت خلال سنوات الأزمة على نطاق واسع، وخاصةً في مدن ومناطق الساحل، وحصر أملاك الدولة والأملاك العامة وخاصة أملاك وزارة الأوقاف، وإعادة النظر في آليات استثمارها أو المشاركة فيها كونها تحقق عوائد مالية ضخمة جداً.
غياب الرأي
عدم تفاعل وزارة الصناعة مع بحثنا عن واقع التشغيل والإنتاج في مؤسساتها وشركاتها، وعدم الرد والاهتمام بما نبحث عنه، شكل صدمة كبيرة لنا ومنحنا الحق في الاستنتاج والبناء على ما يردد في الأوساط الشعبية أو الاختصاصية أو حتى في بعض مكاتب الجهات المعنية بأن إجراءات وزارة الصناعة جوفاء غير صالحة للعمل والتنفيذ، وهي بذلك تنفخ في القرب المقطوعة كما يقولون، وللأسف سنسمح أيضاً لأنفسنا بتشخيص حال هذه الوزارة التي مازالت عالقة منذ أكثر من عشرين عاماً إلى الآن في مرحلة تشخيص وتوصيف حالة القطاع العام الصناعي، وبالتالي هي ذاتها بحاجة إلى معالجة حقيقية لواقعها الذي على ما يبدو بات في مراحل متقدمة من ضعف الأداء والحضور الوهمي على الساحة الصناعية.
بشير فرزان