انسداد الأفق يؤجج غضب الشارع الأردني
تواصلت التظاهرات الاحتجاجية في الأردن عقب إعلان رئيس وزراء النظم الأردني هاني الملقي أنه لن يسحب مشروع قانون الضرائب على الرغم من مطالب الاتحادات العمالية والنقابات، وقال عدد من الاتحادات الأردنية وأغلبية أعضاء مجلس النواب: إنهم سيواصلون الضغط على الحكومة من أجل إلغاء مشروع قانون الضرائب.
ويشهد الأردن منذ الأربعاء احتجاجات، دعت إليها النقابات المهنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي أقرته الحكومة مؤخراً، وأرسلته للبرلمان للتصويت عليه.
وهذا القانون هو الأحدث بين سلسلة تدابير حكومية، شملت زيادات في الأسعار على السلع الأساسية، منذ أن حصلت عمان على قرض ائتماني مدته ثلاث سنوات بقيمة 723 مليون دولار من صندوق النقد الدولي عام 2016.
وتجمّع نحو ثلاثة آلاف شخص قرب مبنى رئاسة الوزراء في الدوار الرابع وسط عمان رغم الإجراءات الأمنية المشددة، ورددوا هتافات “يلي قاعد على الرصيف بكرا تشحذ الرغيف”، و”شعب الأردن يا جبار رفعوا عليك الأسعار”، و”هذا الأردن أردنّا والملقي يرحل عنا”، في إشارة إلى رئيس الوزراء، كما هتفوا “اللي بيرفع بالأسعار بدو البلد تولع نار”، و”أهتف أهتف لا تتذمر نحنا الشعب الخط الأحمر”.
ورفع بعض المحتجين لافتات كتب عليها “لن نركع” و”معناش” باللون الأحمر و”نحن الشعب السيد في الوطن السيد” إلى جانب أعلام أردنية.
وقال محمد شلبية (28 عاماً)، الذي يعمل موظفاً في مصرف: “نريد أن نوصل صوتنا وأن نقول للحكومة: إن دخل المواطن الأردني لا يتناسب مع هكذا قانون، وإن من حقنا الخروج للشارع”، فيما قالت لينا ارشيدات (35 عاماً)، وهي ربة منزل، وقد لفت كوفيه حمراء حول عنقها: “هذا القانون غير عادل، وسيمس الشعب الأردني، ونحن ضده”.
وشهدت مدن الزرقاء والبلقاء (شرق) والطفيلة ومعان والكرك (جنوب) والمفرق اربد وجرش (شمال) أيضاً احتجاجات شارك فيها المئات.
وكان النظام الأردني اتخذ إجراءات في السنوات الثلاث الماضية استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي، الذي طالب المملكة بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار.
وزادت السلطات الأردنية مطلع العام الحالي أسعار الخبز، وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد بهدف خفض الدين العام.
ووفقاً للأرقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى 20%، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 18,5% في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار، والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
واحتلت عمان المركز الأول عربياً في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالمياً، وفقاً لدراسة نشرتها مؤخراً مجلة “ذي ايكونومست”.
ودعت النقابات المهنية إلى تنفيذ اعتصام جديد الأربعاء، وقال رئيس مجلس النقباء علي العبوس في بيان: إن المجلس “قرر تنفيذ اعتصام أمام مجمع النقابات المهنية الأربعاء المقبل في تمام الساعة الواحدة ظهراً احتجاجاً على رفض الحكومة سحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب”.
وعقد مجلس الأعيان اجتماعاً حول مشروع قانون الضريبة، تمّ خلاله بحث “المشهد الراهن”، و”سبل مواجهة الأزمة”، وأكد رئيس المجلس فيصل الفايز “ضرورة فتح حوار وطني شامل حول قانون ضريبة الدخل”.
وكان 78 نائباً من مجموع 130 نائباً أعلنوا في بيان رفضهم مشروع قانون ضريبة الدخل الذي أقرته الحكومة في 21 أيار، وينصّ على معاقبة التهرب الضريبي، وزيادة الضرائب على مداخيل الأفراد والشركات بنسب مختلفة، وبرّر النواب رفضهم بالحرص “على أمننا الوطني والاقتصادي والاجتماعي”.
وأكد خبراء “أن الحراك الشعبي للشارع الأردني ضد مشروع قانون ضريبة الدخل فاجأ الدولة برد فعله العفوي”، وأضافوا: “لا بد من التقاط الإشارة قبل أن تكبر كرة الثلج، فلا أحد يعلم حينها كيفية إعادة الهدوء للشارع الملتهب، ما يدخل الأردن في أزمة داخلية”، وتابعوا: “إن حراك الشارع الأردني سيستمر لحين تحقيق مطالبه في إسقاط حكومة الملقي، وإلغاء مشروع القانون الضريبي”.