ثقافةصحيفة البعث

ملتقى جرمانا الأول للنحت على الحجر.. توثيق للانتصار

 

مدينة جرمانا التي بقيت صامدة بوجه الإرهاب الأسود الذي أمطرها بقذائف الموت كانت الدرع الذي تلقى من ضربات العدو أشكالاً وأصنافاً، وقدمت مئات الشهداء والجرحى، وكانت الخاصرة الصلبة لسيدة الدنيا دمشق والملاذ الآمن لجميع الهاربين، فقد كبرت المدينة فجأة لتصبح بحجم محافظة كبرى تتسع عشرات أضعاف سكانها، وجزيرة الحياة وسط بحر الخطر المتلاطم في أنحاء الغوطتين وأفرزت تعايشاً قل نظيره وقدرة على التعافي بسرعة مدهشة، وهاهي اليوم تنفض عن كاهلها غبار الحرب وتحتفل بانتصار الغوطة بالطريقة الأكثر رقياً عبر فن تنتجه من كل أرجاء الوطن وتنثره في ساحاتها وشوارعها، حيث تبنى مجلس مدينتها إقامة ملتقى جرمانا الأول للنحت على الحجر تحت عنوان “سورية عراقة الماضي وأمل الحاضر” ليكون نافذة على غد أحلى، ومدينة أكثر ألقاً وحضارةً وحباً للحياة.

مرحلة جديدة

الملتقى الذي ستبدأ فعالياته في 24 من الشهر الجاري ويستمر لمدة 15 يوماً يأمل القائمون عليه أنه سيكون عنواناً لمرحلة جديدة، وأفقاً لتطوير المدينة وإضفاء لمسة من الجمال على ساحاتها لتكون حجر فسيفساء جميل في لوحة إعادة إعمار بلد بكامله، ونيشاناً على صدر وطن عرف كيف يغسل جروحه ويبني حاضره ويؤسس لمستقبله، وهو خطوة أولى في بداية درب طويل، وقد أوضح المسؤول فنياً عن إدارة الملتقى النحات حسان حلواني بأنه فكرة عظيمة وهامة جداً ومقولته الأساسية  هي توثيق انتصار الغوطة الشرقية ونشر الثقافة الفنية في الشوارع كبديل لثقافة الموت، حيث سيجتمع في الملتقى ثلاثة وعشرون نحاتاً من أهم الأسماء في مجال النحت من مختلف المحافظات السورية، ليشكلوا بأزاميلهم منحوتات تلامس مواضيعها هموم المواطن وتجسد العمل الفني السوري على اختلافه، لافتاً إلى تبني مجلس مدينة جرمانا الذي يترأسه الأستاذ خلدون عفوف فكرة الملتقى وتم دعمها وتمويلها بشكل كلي وكامل اعتماداً على مبادرات أهلية ومجتمعية وليس بالاعتماد على صندوق مجلس البلدية، معبراً عن تقديره الكبير لهذه الخطوة والمبادرة الإيجابية، وعن امتنانه لجميع المساعي من اجل تنفيذ هذا الملتقى وإنجاحه والذي يتم الترويج له بحماس كبير وخاصة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم التعريف بالفنانين المشاركين عبر بطاقة تعريفية بكل نحات، منوهاً إلى أن الملتقى يجسد معاناة شعب سورية وانتصاراته على الأزمة، وهو يقام بمناسبة انتصارات الغوطة الشرقية حيث تتبع جرمانا لها، وهي تشكل سورية الصغيرة بكل ما فيها من مكونات وتناغم واختلاف وكثافة سكانية، وبكل ما تعرضت له من دمار والأهم أنها تعبر عن سورية بكامل صمودها.

ثقافة بصرية

ويتابع حلواني: سيكون مكان الملتقى وتنفيذ المنحوتات في الملعب البلدي بجرمانا مما يتيح المجال لمن يريد متابعة مراحل تنفيذ العمل والاحتكاك مع الفنانين النحاتين، مبينا أنه سيتم الاعتماد على خامة الحجر لما تتصف به من  ديمومة وبقاء تناسب شروط العرض وتناسب الساحات العامة، مؤكداً أن النحات قادر على التعامل مع أي خامة سواء حجر أو معدن أو خشب، وهو بخبرته وتجربته سيتمكن من تطويع أي مادة تقدم له وتجسيد فكرته وتحويلها إلى منحوتة، وأضاف: كنت صلة الوصل مع النحاتين المشاركين (أبي حاطوم، أكسم السلوم، محمد بعجانو، أنور رشيد، إياد البلال، د.سمير رحمة، فؤاد أبوعساف، هشام الغدو، هادي عبيد، وضاح سلامة، وائل دهان، علي سليمان، غازي كاسوح، زهير خليفة، فيصل دياب، عادل خضر، حمزة ياغي، حسن سليمان، غاندي خضر، منتجب يوسف) وقد قمت بتوجيه الدعوات لهم والتواصل معهم بحكم علاقتي الشخصية والمهنية معهم، وبحكم أني مشارك في الملتقى أيضاَ، ولفت حلواني إلى أنه سيتم تشكيل لجنة من أجل توزيع نتاج الملتقى من منحوتات على ساحات وشوارع جرمانا، لتعرض فيها بشكل دائم، ولتصبح عنصرا بصريا فاعلا في حياة سكان المدينة مما ينشط المخيلة البشرية ويعطي الأجيال الناشئة فرصة لإغناء الثقافة البصرية وتكثيف العناصر الجميلة في المشهد اليومي، بالإضافة إلى رفع الذائقة الفنية للجميع فهل هناك أجمل من الفن وسيلة لمحاربة الموت والقتل، وعن أهمية الملتقيات والهدف منها يرى الحلواني أنها بشكل عام مهمة وضرورية ويجب أن تقام بشكل دوري وتغطي كل مساحة سورية الحبيبة، لأنها ثقافة بصرية ومن الجميل أن تنتشر على كامل الجغرافيا السورية، فنحن بلد الفن والجمال ولسنا بلد التطرف والإرهاب، لاسيما وأن الفن وحب الحياة موجود في جينات كل مواطن سوري.

لوردا فوزي