هل يثبت اللامنطق جدواه في القمة الأمريكية الكورية الديمقراطية؟!
يمكن وصف ما يجري في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الديمقراطية بـ”اللامنطق” أو “اللامعقول”، حيث لاحظ العالم تغيّرات سريعة ومفاجئة، فيما يخص عقد قمة مشتركة بين رئيسي البلدين دونالد ترامب وكيم جونغ أون، ففي حين أكد ترامب في آب الماضي أن التفاوض مع بيونغ يانغ ليس حلاً، متوعداً بـ”النار والغضب”، ومطلقاً الاتهامات والوعيد، بالتزامن مع تأكيدات بيونغ يانغ أنها مستمرة في نشاطها النووي لطالما الخطر الأمريكي قائم، معتبرة أن تحليق قاذفات أمريكية بالقرب من سواحلها هو إعلان للحرب عليها، فوجئ العالم بتقارب -كان شبه مستحيل- بين الكوريتين الديمقراطية والجنوبية، تلاه دعوة، في آذار 2018، لعقد قمة بين كيم وترامب .
ورغم نيل هذه الخطوات المتسارعة دعم وتشجيع دول كثيرة، إلا أنه سرعان ما أعلن ترامب في أيار عن إلغائه القمة التي تقرر إقامتها في سنغافورة في 12 حزيران الجاري، ليعود ويؤكد أنه جاهز للقاء نظيره الكوري في الموعد والمكان المحددين.
تسارعت الأحداث في شبه الجزيرة الكورية: هدوء حذر يتلوه توتر حاد وبعده هدوء، في مشهد أشبه بهدوء ما قبل العاصفة، متزامن مع تغيرات مفصلية في بنية النظام الدولي. ولا شك أن التنافس الروسي الأمريكي ، كان له ثقله في التوترات التي تشهدها شبه الجزيرة الكورية، فقد صرّح الجانب الروسي مراراً بضرورة تشجيع هذه القمة لإشاعة السلام في المنطقة، فيما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية سياستها الاستفزازية، ومحاولاتها للظهور بمظهر القوي والراعي الرسمي للسلام في العالم، لكن بيونغ يانغ تقطع عليها الطريق، وتفوّت عليها الفرصة مؤكدة ألا شيء يجبرها على التفاوض سوى إرادة ذاتية، وأنها لا تخضع للضغوط، منوهة إلى إمكانية انسحابها من المفاوضات في حال أبدت واشنطن أي استخفاف لنظيرتها.
وحسب تصريحات الجانبين، فإن القمة تستهدف بشكل رئيسي نزع السلاح، وإيقاف النشاط النووي من قبل بيونغ يانغ، وتحسين العلاقات بين البلدين، وإنهاء الحرب، وإحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية، لكن ترامب، وفي إطار الاستفزاز أيضاً، أكد أن عقد القمة لا يعني رفع العقوبات عن كوريا الديمقراطية، وأن هذه القمة هي بداية تفاوضية من المرجح أن يتبعها قمم ولقاءات عديدة.
يكتنف العالم عشية انعقاد القمة ترقب وحذر شديدان في محاولة لفهم ما يحدث أولاً، وتتبعه تالياً، ليبقى المشهد مفتوحاً على كثير من السيناريوهات والنبوءات، فيما سيحدث خلال قمة اليوم، فهل سيكون الانفراج مصير العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ بعد قطيعة قاربت السبعين عاماً؟!.
ريناس إبراهيم