ليبيا: جبهة موانئ النفط تشتعل من جديد
فيما لا يزال الغموض يلف الوضع في منطقة موانئ تصدير النفط بليبيا، دانت فرنسا بشدة هجوم عناصر، وصفت بالمتطرّفة، على المنشآت النفطية الليبية في الهلال النفطي، وقالت المتحدّثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول قولها: “إن الموارد النفطية لليبيا هي ملك للشعب الليبي، ويتعيّن أن تظل تحت سلطة المؤسسة الوطنية للنفط، وأن يستفيد منها كل الليبيين”.
وشددت مول على أن “فرنسا مصممة على التوصل إلى حل سياسي دائم في ليبيا عبر إجراء انتخابات تمّ التوافق على موعدها بمؤتمر باريس في 29 أيار الماضي”، محذّرة من أن من سيعرقل هذه العملية “سيخضعون للمحاسبة”.
ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هي الأخرى “الهجوم على ميناءي تصدير النفط في راس لانوف والسدرة”، مضيفة: إن “هذا التصعيد الخطير في منطقة الهلال النفطي يعرّض اقتصاد ليبيا للخطر، ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد”.
وفي الشأن الميداني، نقلت بوابة “الوسط” عن مصادر متطابقة أن اشتباكات “كر وفر” تدور بين وحدات الجيش الوطني الليبي وقوة تابعة لإبراهيم الجضران، الذي كانت قوات تابعة له تسمى “حرس المنشآت النفطية فرع الوسطى” تسيطر على موانئ تصدير النفط في السابق، وأوضحت أن الاشتباكات بين قوات الطرفين، لا تزال متواصلة في المنطقة الواقعة بين السدرة وراس لانوف.
إلى ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة “القوة القاهرة”، وتمّ إيقاف عمليّات شحن النفط الخام من ميناءي رأس لانوف والسدرة.
وفي هذا الصدد أكدت المؤسسة الوطنية للنفط “قيام مجموعة مسلحة، بقيادة إبراهيم الجضران، بمهاجمة الميناءين، ما أدّى إلى إغلاقهما وإجلاء جميع الموظفين كتدبير وقائي”.
هذا، وحذّر رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط مصطفى صنع الله من أن استمرار الهجوم على الهلال النفطي من قبل الإرهابي إبراهيم الجضران سوف يتسبب في خسائر ستصل إلى أكثر من 800 مليون دولار شهرياً، وأشار إلى أن “سلامة عمالنا وأمنهم هي أولويتنا القصوى، وكل الأمور الأخرى ثانوية، كما أنّنا الآن بصدد مراقبة الوضع عن كثب، والعمل مع الشركاء المحليين والحكوميين لاستعادة النظام واستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن”.
وشدد المسؤول النفطي الليبي على ضرورة “مقاضاة كل الأفراد أو الجماعات السياسية التي تحاول الاستيلاء على المؤسسة الوطنية للنفط، واستغلال المنشآت النفطية في ليبيا، وفرض الحصار على عمليات الإنتاج، ومثل هذه الأفعال لا تمتّ إلى الوطنية بصلة، بل هي جرائم حرب، ويتوجّب على كل الليبيين وأفراد المجتمع الدولي إدانتها بشدة”.
وتشهد ليبيا منذ عدوان حلف الناتو عليها عام 2011 حالة من الفوضى والفلتان الأمني في ظل انتشار التنظيمات الإرهابية التي تحاول فرض نفوذها وسيطرتها على مختلف المدن والمناطق الليبية.
وكانت المنشآت النفطية في راس لانوف والسدرة تعرّضت لأضرار خطيرة نتيجة المعارك في 2016 و2017.
وأعلن متحدّث باسم قوات حفتر صد الهجوم الجديد للمجموعات التكفيرية، وأن “القوات الجوية تطارد الكتائب الإرهابية التي لاذت بالفرار”، وتابع: “يهدف الهجوم إلى تخفيف الضغط عن الإرهابيين في درنة، حيث يشن الجيش الوطني الليبي منذ أيار هجوماً لاستعادة السيطرة على المدينة الخاضعة لسيطرة التكفيريين الإرهابيين”.
وتلحق هذه المواجهات في كل مرة أضراراً بالمنشآت النفطية، وتؤدي إلى اضطراب في الإنتاج.
وكانت ليبيا، التي تعتمد على الصناعة النفطية بشكل أساسي، تنتج 1.6 مليون برميل يومياً، قبل عدوان الناتو، وارتفع إنتاج النفط في العام 2017 إلى أكثر من مليون برميل يومياً، بعدما كان انخفض إلى أقل من 500 ألف برميل يومياً بين عامي 2014 و2016.
ومنذ العام 2014، تتسبب أعمال التخريب أو حركات الاحتجاج لأسباب اجتماعية أو لدوافع سياسية في تعطيل وإغلاق المرافق النفطية التي تمثّل هدفاً رئيسياً للنزاع بين الأطراف المتصارعة.
وفي أواخر أيار، جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الفاعلين الليبيين الرئيسيين في الأزمة في باريس، وأعلنوا بعد الاجتماع التزامهم شفهياً بإعلان ينصّ على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 كانون الأول، واحترام نتائجها، وتوحيد المؤسسات، ومنها البنك المركزي، ويرى المحللون أن الانقسام الذي يعاني منه البلد يجعل هذه الوعود صعبة التحقيق.