مع بدء عروض “دو ري مي” غسان الدبس: تظاهرة فرح الطفولة طقس من طقوس العيد
أكد مخرج مسرحية الأطفال “دو.. ري.. مي” غسان الدبس التي بدأت عروضها مساء أمس الجمعة على خشبة مسرح القباني ضمن تظاهرة فرح الطفولة التي تقيمها مديرية المسارح والموسيقا-مسرح الطفل- بمناسبة عيد الفطر على أهمية التظاهرة التي تضم عدة عروض مسرحية للأطفال بهدف إدخال الفرح والسعادة إلى قلوبهم، وكل ما يتمناه الدبس أن تعم هذه التظاهرة جميع المحافظات السورية لإسعاد أطفال سورية أينما كانوا، خاصة بعد الظروف الصعبة التي عانوا منها في ظل الأزمة التي عاشتها سورية على مدار عدة سنوات، وبيّن الدبس أن أفضل عيدية للأطفال من المسرحيين في أيام العيد هي هذه التظاهرة التي تقدم عروضاً مسرحية تحقق لهم المتعة والفائدة.
عيدية المسرحيين
ويشير الدبس إلى الجمهور الكبير من الأطفال الذي اعتاد أن يتابع عروض هذه التظاهرة بكل شغف وحب، وأن هذا الحضور الكبير سببه أنها أصبحت بالنسبة لهم طقساً من طقوس العيد، وهذا أمر جيد، والأجمل برأيه أن يتحول هذا الطقس لحالة شبه دائمة، وهذا ما لا يحدث دائماً خاصة وأن الكثيرين يعتقدون أنه مع انتهاء فترة العيد يتوقف النشاط المسرحي، من هنا يجب تعريف الجمهور باستمرارية النشاط المسرحي من خلال الدعاية والترويج الجيد له في وسائل الإعلام المختلفة، وأن مديرية المسارح تحاول جاهدة عبر آلية إعلامية معينة الترويج لأعمالها عبر الأدوات والوسائل الممكنة ويجب أن تتشارك جميع وسائل الإعلام بالترويج وبأفضل الطرق والأشكال، لأن الطفل يبحث دوماً عن ما يمتعه في العيد وفي كل الأوقات، والأجمل أن يستمتع بما هو فني من خلال هذه التظاهرة التي تحولت في السنتين الأخيرتين لطقس من طقوس العيد، والهام فيها أن المديرية تقدم من خلالها وجبات فنية رائعة يلتقي فيها المسرحيون بالأطفال في أيام كلها فرح وسعادة، ومن المهم برأيه أن يحضر الطفل للمسرح ليتفاعل مع الأحداث التي يسردها الممثلون وليشارك في اللعب على المسرح، الذي يمثل بالنسبة للطفل حاجة أساسية من حاجاته ويمكن من خلال المسرح ممارسته مع الطفل ليلعب مع الممثلين لعبة المسرح ليستمتع ويضحك وينسى همومه ولو لمدة قصيرة من خلال تقديم عمل يحقق المتعة والفائدة، وهو أمر مرهون بعناصر عديدة منها النص والإخراج والموسيقا والإضاءة والديكور.. ورداً على من يستهين بمسرح الطفل يؤكد الدبس أنه مسرح صعب جداً ومن يستهتر أو يستخف به لا يحترم الطفل، وعلاقته به علاقة غير صحيحة وهو غير قادر على تقديم عمل مسرحي حقيقي للأطفال
ليست مغامرة
استقطب الدبس في عمله مجموعة من الأطفال الممثلين وأوضح أن اعتماده على الأطفال ليس مغامرة كما يعتقد البعض، فهو اعتاد أن يفعل ذلك منذ فترة طويلة عبر تجارب سبق وأن قدمها، فعلاقته مع الطفل قائمة على الاحترام، وبيّن أنه كمخرج لا يعتمد على الطفل الممثل كحالة تزيينية أو لمجرد الرغبة في ذلك وإنما كضرورة لحاجة يفرضها النص بحد ذاته، فإذا كان النص الذي اعتمد عرضه يتطلب وجود أطفال لا يتردد في فعل ذلك، أما عن سبب هروب أو ابتعاد المخرجين عن فعل ذلك فالأمر يعود برأيه لأسباب مختلفة بعضها له علاقة بالنص، ونوه بالوقت ذاته إلى أن بعض المخرجين يهابون التعامل مع الطفل، في حين لا يجد هو صعوبة في هذا التعامل بالعروض المسرحية التي يقدمها، وأكد أن وجودهم فيها أضاف الكثير للعروض من حيث العلاقة الجميلة التي تنشأ بين الأطفال الممثلين وبين الأطفال من الجمهور.. من هنا يبين الدبس أن المخرج الذي سيستعين بأطفال ممثلين عليه أن يفهم الآلية التي يفكر بها الطفل ككائن يتمتع بطاقة كبيرة وبعقلية يجب احترامها.
حالة تربوية وتعليمية
يؤمن الدبس أن العرض المسرحي الموجه للأطفال حالة تربوية وتعليمية، إلى جانب كونه وجبة فنية تقدم متعة فنية بعيداً عن المباشرة في الطرح، ونوه إلى أهمية المسرح كوسيلة تعليمية يمكن من خلاله إيصال ما يجب إيصاله بالسرعة الممكنة، ومن هنا تأتي أهمية مسرحة المنهاج التعليمي، وقد أثبتت التجارب أن تعليم الطفل عبر المسرح يأتي بنتائج إيجابية وسريعة، كما يؤمن الدبس أنه لا يمكن الحديث عن مسرح الطفل دون الحديث عن مسرح العائلة لأن الطفل لا يتابع العروض المسرحية لوحده فغالباً ما تأتي العائلة كلها معه، من هنا فإنه كمخرج حريص في أعماله المسرحية على تقديم عرض مسرحي يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار من خلال تقديم عرض يعزف فيه على الوتر الذي يحبه الطفل والعائلة، ومحاولة تقديم عرض مسرحي يحرض عقل الطفل وملامسة كينونة هذا الطفل والاقتراب من عالمه، لكن دون إرهاقه او الاستهانة به.
ويشير المخرج الدبس إلى أن أزمة النص المسرحي أزمة عالمية، خاصة ما يتعلق بنصوص مسرح الطفل، وبيّن أن معظم النصوص الموجودة هي نصوص مقولبة باتجاه الخير أو الشر المطلق، والمشكلة أن طفل اليوم مع ثورة التكنولوجيا لم يعد يتقبل مثل هذه النصوص الجاهزة، لذلك يعتقد أن طفل اليوم بحاجة لنصوص واقعية قريبة من عالمه، والأهم طرحها وتقديمها بشكل فني يحقق الفائدة والمتعة له، وأوضح أن نص “دو ري مي” لفت انتباهه لأنه يطرح موضوعات مختلفة عن المواضيع التقليدية التي اعتادت النصوص طرحها من خلال تأكيد كاتبه جوان جان في نصه على دور الموسيقا والفنون في حياتنا وحياة أطفالنا كلغة عالمية لا تحتاج لترجمة، ونوّه الدبس إلى أن نقاشات عديدة دارت بينه وبين الكاتب بهدف تقديم عرض مسرحي فني كما يشاهده اليوم أطفالنا، مع إشارته إلى أنه كمخرج قدم قراءة فنية خاصة به على صعيد الشكل الفني، وأنه بشكل عام وقبل تنفيذ أي عمل يتفق مع الكاتب على آلية قراءته للنص منعاً لحدوث أي صدام معه، ويسعده أن جميع الأعمال التي قدمها حققت الرضا من قبل الكتاب والجمهور.
وعلى الرغم من حبه الكبير وعشقه لمسرح الطفل إلا أن غسان الدبس يؤكد أنه مخرج وممثل في مسرح الكبار أيضاً، وكل ما يتمناه أن يتطور مسرح الطفل في سورية بمواكبته للتطورات التقنية والتكنولوجية، خاصة وأنه مسرح يعتمد على الإبهار والبهرجة.
أمينة عباس