اقتصادصحيفة البعث

قضية القضايا !

 

 

بعض المؤشرات المفاجئة سكانياً وديمغرافياً، وأثرها المقلق على القضايا التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، كانت وبكثير من الحسبان محط اهتمامنا، ولا نعلم إن تلقفتها الجهات الحكومية المعنية بنفس الاهتمام؟
وهي في حد ذاتها ليست “كقضية خطرة” جديدة كلياً، فقد كانت قائمة قبل الأزمة التي نمر بها، لكنها اليوم ومع دخول الأزمة عامها الثامن، تكتسب حسابات مختلفة يجب أخذها على محمل الجد، دراسةً وتحليلاً ومن ثم معالجة..
القضية والتي نستند عليها، للتنبيه منها وعليها، تتمثل باختصار في اختلال التوازن ما بين الإمكانات الإنتاجية الزراعية وغير الزراعية وبين النمو السكاني، إذ إن هذا الأخير وكما كان يقال قبل الأزمة: سيأكل أي نمو اقتصادي مهما بلغ، إن لم يتم تنظيمه وضبطه.
هذا ما كان قبل الأزمة، ونعتقد أن هذه القضية لا تزال قائمة، رغم ما طرأ من تغيرات سكانية، خلال سبع سنوات الماضية!
ولعل توجسنا المستبق من هكذا قضية، أمر في محله ووقته، وهو توجس تبرره أرقام تشي بأن نسبة الولادات (وفي مناطق كان يعتقد أن حالها لا يسمح بأية زيادة..)، لا تزال عالية مقارنة بالواقع المعيشي والاقتصادي المعروف بتراجعه كثيراً، سواء لناحية الدخل وفرص العمل وبالتالي الإنفاق لتأمين متطلبات الحياة من غذاء وصحة وتعليم.. إلخ؟!
فعلى سبيل الإشارة، هل يعقل ومن أصل 105 آلاف شخص خرجوا من بعض مناطق الغوطة، كانت الدولة “تُتَهم” بحصارها وتجويعها ومنع الغذاء عنها والدواء وخلافهما، بينهم 25 ألف طفل؟!
كما يقال: “من لا يرى من المنخل هو أعمى”، وهنا نتساءل: إن كان هكذا واقع الولادات في ظل الظروف التي يعلمها الجميع، فكيف سيكون عليه الحال بعدما عاد الأمن والاستقرار لعديد من المناطق؟!
أما السؤال الأكثر حرجاً فهو: هل بواقع زراعي وصناعي إنتاجي حالياً وقادم على المدى المنظور، سنكون قادرين على تأمين متطلبات التكاثر في الولادات؟! نسأل ونحن نقرأ أن هناك مفاوضات لشراء واستيراد مليون طن من القمح الروسي، مقابل تصدير خضراوات وفاكهة!
من المؤكد أن القضية تتعدى الشق الزراعي الغذائي، إلى توقعات استهلاك موارد الطاقة عامة، مياه وكهرباء.. وغيرها المنتظر من فواتير ضخمة تترصد موازنتنا العامة السنوية وتحديات قنوات تأمينها.
بالمختصر.. هناك معادلة غاية في الصعوبة ستواجهنا وهي مرتبطة عضوياً بمفهوم إعادة الإعمار، وهي المعادلة السكانية الاقتصادية التنموية المركبة، إن لم نأخذها بكثير من الاعتبار.. فنعتقد أن مجهولها سيأخذ بمعلومها.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com