في نقد الحياة الحزبية وأساسياتها
تعتبر الأحزاب السياسية ظاهرة جديدة في الحياة السياسية في بلادنا قياساً على ما هو عليه الأمر في بلدان أوروبا لأسباب عديدة لا حاجة للخوض فيها وعند الحديث عن الأحزاب السياسية ودورها يقفز الى الذهن السؤال المتعلق بالدور الوظيفي لها وقدرتها على القيام به وهل استطاعت الأحزاب السياسية في بلادنا لعب مثل هذا الدور وهذا يطرح سؤالاً إشكالياً تحتاج الإجابة عنه لاستعراض تاريخي شفاف ودقيق وموضوعي بعيداً عن أي عصاب إيديولوجي أو سياسي .
وبالعودة للسؤال الأساسي عن الدور الوظيفي للأحزاب لابد من الإشارة الى أن الحياة الحزبية لا يمكنها أن تلعب دوراً إيجابياً إلا في ظل مناخ من الحرية والديمقراطية والمنافسة الشريفة لأن الهدف الأساسي للأحزاب هو الوصول إلى البرلمان وبالتالي محاولة الوصول إلى السلطة بهدف تحقيق البرامج السياسية والاقتصادية التي تطرحها وتجعلها تحصل على قاعدة شعبية وازنة تمكنها من الوصول للسلطة عبر العملية الديمقراطية السلمية وفق سيادة القانون وحريةالنشاط السياسي والتداول السلمي للسلطة .
إن الهدف الأساسي الذي يحب أن تسعى إليه الأحزاب السياسية في الوقت الحاضر كأولوية من وجهة نظرنا هو التوعية ومواجهة الانتماءات ما تحت الوطنية من مذهبية وعرقية وعشائرية وجهوية وغيرها والتركيز على الانتماء الوطني والسياسي كخيار موضوعي وهذه مسألة غاية في الأهمية لأنه يفترض بالأحزاب أن يكون حاملها الفكري والإيديولوجي متضمناً مشروعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً واضحاً بحيث لا تشكل أو تدفع باتجاه تشكيلات لا وطنية لأن في ذلك نسفاً للعقد الاجتماعي .
من خلال ما تقدم وبنظرة للحياة الحزبية في سورية خلال العقود التي سبقت الاستقلال يمكننا القول إن ثمة تيارات سياسية كانت أكثر نشاطاً وحضوراً سياسياً من الأحزاب التقليدية حيث تصدر قادتها المشهد السياسي في فترة الاحتلال الفرنسي ولكن الظاهرة الحزبية كفعل مؤثر في المجتمع السياسي لم تتبلور إلا بعد الاستقلال على الرغم من أن الانقلابات العسكرية التي شهدتها سورية بعد الاستقلال قد أعاقت الحياة الحزبية التي سرعان ما نشطت بعد عام 1954 عندما بدأت الحياة البرلمانية تستعيد حضورها في المشهد السوري من هنا تاتي أهمية التركيز على وجود برلمانات منتخبة بشكل ديمقراطي في تعزيز وتحفيز الحياة الحزبية في إطار لعبة الديمقراطية .
وباختصار وقبل الدخول في حيثيات الأحزاب ودورها في سورية نقداً أو تقييماً لابد من تحديد قواعد عامة أساسية يمكن من خلالها إيجاد مناخ يوفر شروطاً لحياة حزبية سليمة ومن أهم تلك القواعد والشروط من وجهة نظرنا :
1- سيادة القانون
2- الحريات السياسية والتعبير عن الرأي
3- وجود برلمان منتخب
4- صحافة حرة
6- المرجعية الوطنية للأحزاب
7- وجود قانون ينظم الحياة الحزبية
8- تكريس مبدأ فصل السلطات
إن توفر مثل هذه العناصر المشار إليها هي التي تحكم على وجود حياة حزبية حقيقية من عدمه لأن العبرة ليست في وجود أحزاب أياً كان عددها أو تسمياتها وإنما في فاعلية تلك الأحزاب في المشهد السياسي ووجودها الفاعل في البرلمان الذي وحدة قياسه هي الانتخابات الشفافة وتنافس المشاريع في إطار أية تعددية سياسية يجري الحديث عنها .
د . خلف المفتاح