للمرة الأولى بين يدي القراء.. وثائق اتفاقيات سايكس بيكو
تضع مؤسسة وثيقة وطن مراسلات سايكس وبيكو بين يدي القارئ العربي من خلال كتابها “وثائق اتفاقيات سايكس بيكو” ترجمة موسى ديب الخوري، تقديم د. بثينة شعبان رئيسة مجلس أمناء وثيقة وطن والتي أشارت في تقديمها للكتاب أن الغاية منه إطلاع القارئ العربي بصورة مباشرة على موقع الوطن العربي في قلوب وعقول من يستهدفونه، وكي يوقن أن الذين يستهدفون هذا الوطن لا يرون فيه سوى بقعة جغرافية مفيدة أو ثروات تخدم اقتصادات وتقدّم بلدان من يستهدفنا جميعاً، من خلال تقديم المؤسسة مراسلات سايكس بيكو والتي بقيت سرية لعقود من الزمن وحرصت بريطانيا وفرنسا على التعتيم عليها كي لا يشكل نشرها عقبة في تنفيذ المخطط المرسوم، وكي لا يدرك العرب حقائق وأهداف السياسات التي تستهدفهم جميعاً مبينة د. شعبان أن الهدف من نشر هذه المراسلات هو البدء بنشر الوثائق التي شكلت تاريخ العرب السياسي المعاصر والتوقف عند هذه الوثائق وطرح الأسئلة على الذات العربية: هل يمكن للعرب أن يبقوا أسرى تاريخ خطّه لهم الآخرون؟ وهل يمكن لهم الاعتزاز بدول قطرية ليسوا صانعيها؟ وما هي الأهداف التي كانت وراء هذه الخطط؟ هل هي أهداف تحقق قوة العرب وعزّتهم أم هي أهداف تسهّل التعامل معهم متفرّقين مجزّأين وتجعل وحدة كلمتهم أمراَ شبه مستحيل ووحدة جغرافيتهم والتواصل بينهم على أي مستوى التحقق؟ مؤكدة أن التقصير في دراسة كل العوامل التي أوصلت أمتنا إلى هذا المآل من الفرقة والضعف تقصيراً خطيراً يجب الانتباه إليه ومعالجة أسبابه، ولهذا ومن هذا المنظور الوطني العربي رأت مؤسسة وطن ضرورة وضع هذه المراسلات بين يدي القراء العرب متمنية أن تثير نقاشاً وحواراً وصحوة حول استخفاف العالم الغربي بوطننا العربي، وأن تثير نخوة العرب الحريصين على مراجعة مفاصل أخرى من تاريخنا لا تقل إشكالية وخطورة على كل ما يعتري وطننا اليوم من عواصف هوجاء مستمرة بأشكال مختلفة منذ قرن ونيّف، منوهة إلى أن الحرب الأخيرة على العراق وليبيا وسورية واليمن برهنت أن الأعداء لن يستكينوا بأقل من تدمير الهوية وتفتيت البلدان وشرذمة الشعوب ولذلك نرى هذه المعركة مصيرية تستدعي شحذ كل الأدوات التاريخية والمعرفية والثقافية لنعيد كتابة تاريخنا الحقيقي ونعمل على أسس وطنية ثابتة ومتينة ونضع مصلحة العرب العليا فوق كل اعتبار، لأن المعركة بالفعل أصبحت معركة وجود وكلها ثقة أن العرب أهل للانتصار بها إذا ما اتخذوا أدواتهم ووضعوا آليات العمل الصحيحة ودرسوا تاريخهم دراسة نقدية وانطلقوا بصدق وإيمان لبناء الأوطان، بعد التعمّق في معرفة الأعداء والأصدقاء ورسم الخطة الإستراتيجية لمستقبل أجيالهم.
النشر الأول
أما مترجم الاتفاقية موسى الخوري فقد أوضح في مقدمة الكتاب أن نشر هذه المخطوطات اليوم في مؤسسة وثيقة وطن يعدّ الأول وذلك ليس فقط باللغة العربية بل وباللغات الأجنبية أيضاً، فنصوص المراسلات والمفاوضات التي جرت بين الحكومتين لم تنشر سابقاً حتى باللغة الفرنسية، بل ظلت محفوظة في مركز الوثائق الفرنسية في “نانت” مشيراً إلى أن وثائق المراسلات والاتفاقات التي أدت إلى النص الأخير لهذه الاتفاقية تضمنت عبارات ونصوصاً تدل على استهانة الغرب بنا وعلى مطامعهم المزمنة والمستمرة بأرضنا وعلى استعدادهم للعمل بالأساليب كافة في سبيل إنجاح مصالحهم على سبيل شعوبنا، وإن ترجمة هذه الاتفاقات ونشرها خطوة بسيطة في سبيل إجراء دراسات معمقة لتاريخنا المعاصر، لكي نفهم أسباب تخلفنا وضعفنا وركود فكرنا وانغلاق عقلنا، ولكي ننطلق إلى محاولات ورؤى مستقبلية مبنية على فهم عميق لوجودنا ولهويتنا ولكياننا.
أمينة عباس