“ظل لصيف العاج”.. قصائد معمدة بماء الحزن
في ديوانه “ظلٌ لصيف العاج” الصادر حديثاً عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية يرصد الشاعر عصام خليل حالات إنسانية تنزع في مضمونها للحرية، حالات فرح تنضح بمعاني الحزن.. والشاعر كما يبدو عبر قصائده يعبّر عن أفكاره وقناعاته ببساطة وعفوية بعيداً عن كل تعقيد، متجاوزاً تقليدية النظم الشعري، متمرداً على اللغة، يجسد لنا حلمه بحياة تحفل بقيم ومثل تتسامى بروحانيتها عن كل ما هو مادي، من خلال استعراضه لحالة الصدق مع ذاته، واستيائه من حاضره الذي يفتقد للمحبة والألفة بعد أن طغت المادة على كل شيء جميل، فيلجأ إلى الطبيعة يغزل من معانيها أجمل القصائد يهديها لكل الذين ولدوا في زمن الخيبة، ويدعوهم إلى التمرد على القيود التي تكبل أحلامهم بالانطلاق إلى الأفق الرحب، حيث ينتصر الحب على الموت المفاجئ فتشرق المحبة في كل مكان، وتعلن الأرض حنينها للشمس والنجوم حنينها للسهر والبشر. كما في قصيدته “ولكنه من ندم”
“يخيل إليّ أنه من ندم/يسمونه الشعر/يرفو شقوق الكلام/بخيطانه المبهرة/يمزقه البرق/بين المدارات/بحثاً عن اللغة المضمرة/وحين يؤوب هلوكاً/يقولون: تم/كما لو مشى شجرٌ/-في الغبار-/بأبنائه يابسين، عراة/ ملامحهم من تعب/وأحلامهم من حطب/وهم يسرقون الظلال/ليبنوا أراجيحهم في الخيم”.
إننا من خلال ما يطرحه الشاعر من صور شعرية نراه يشترك مع مجموعات إنسانية تمثل خطاباً ليس له عنوان، خطاباً لا يهمه الإعلان عن نفسه بقدر تأكيده على وجوده الحقيقي، نرى علاقات متداخلة ترتبط بالحياة كلها قيم لا تتجاوز حدودها، فهو يرسم في ذاكرته صورة للحرية ويهيم في أزقة قريته يبحث عن زمنه الذي ضاع منه، رافضاً التعايش مع زمن القهر والتشتت فيمخر عباب التمرد والمواجهة، مشرعاً روحه للموج يغسل عنه ما تراكم من غبار الأيام. من قصيدته بلادي
“مباركة أنت يا أم روحي/مباركة يا بلاد النزيف/ترابك عائلتي منذ هابيل/منذ دم صار أول قمح/وأشهى رغيف/لأنك أبهى من الحزن في وجه أمي/وأشهى من الموت/حين أراه-بعده- الله في ملكوت الضياء/أقولك بالعشب والكلام/وأُشهدُ كل الينابيع أني أحبك/قبل الزمان وبعد الفناء”.