ثقافةصحيفة البعث

السينما البريطانية وأميرة القلوب

على بعد أمتار عديدة من باب قصرها الذي كان مقرها حتى مماتها، وعند حافة باقات الورد الممتدة من باب البيت وحتى الطريق العام، تلك التي وضعها البريطانيون حدادا على أميرة قلوبهم “ديانا”، يقف “محمد حسنات”، الطبيب الباكستاني الذي كانت ديانا قد وقعت في حبه، بعد ان حصلت على طلاقها من الأمير تشارلز، خصوصا وأنها أدركت بحدسها كامرأة كما أخبرت الصحافة في الفيلم، أنه يخونها مع حبيبته السابقة؛ “حسنات” يضع باقة من زهور بيضاء، وورقة كتب عليها: “في مكان ما بين الحق والباطل، سيكون هناك مكان التقيك فيه”، ثم مشى الرجل الذي لم يسمع بقصته أحد حتى عرض فيلم “الأميرة ديانا” 2013، “محاصرة في رحلة جوية” وعندها تم إثارة قصته في الإعلام، وأعيد للتلميع نجم “ديانا” الأميرة الشقراء، بقصة حب لم يسمع بها أحد ويُقال أن حارسها الشخصي هو من أعطى معلومات كهذه لكُتاب القصة، التي لا تجيء في هذا الفيلم لتوثق حياتها وقصتها الشهيرة، بل لتعيد صياغة الحكاية، ولإظهار خبثا مختبئا بين السطور أو المشاهد، يحكي أن الأميرة الجميلة، لم تقبل بها أم الطبيب الباكستاني كزوجة له بسبب الفرق الديني والاجتماعي بينهما، بينما لا يمانع “محمد الفايد” المصري ولا أهله بذلك.

الفيلم الذي جاء بتوقيع المخرج “أوليفر هيرشبيجل” ومن تأليف الكاتب “ستيفن جيفريز” بالإضافة لدور البطولة الذي أدته بحرفية عالية النجمة “نعومي واتس”، لم يتقصد الإبهار البصري، ولا تفخيم الموسيقا الرومانسية التي رافقت حياة ديانا في السينما سابقا، لإضافة الفخامة الملكية التي عرضت لها العديد من الأفلام تلك التي تناولت حكاية الأميرة العاشقة، بل ذهب نحو رواية بصرية هادئة وتسير بإيقاع مختلف مع كل ذروة تصل إليها الحكاية،وهي نسخة شبه الأصل كما يريد الفيلم، عن تفاصيل حكاية غرامية أخرى عاشتها الأميرة ديانا بعد انفصالها عن زوجها، وهذا بدوره يدفع للسؤال؟ ما الهدف من إظهار امرأة عالمية إن صح الوصف، كديانا وبعد زمن طويل مرّ على غيابها، كأنها امرأة تبحث فقط عن الحب، بينما، حياتها الاجتماعية التي تظهر فيها للعلن، ورغم إنسانيتها، إلا أنها محضّر لها سلفا، و ما ارتجاليات ديانا العفوية، التي عرفها الجمهور عن حياتها، إلا خطوات مدروسة من طاقمها الأمني لحفظ أمانها، وللعمل على ظهورها للصحافة والرأي العام بأفضل وجه، فلقد حرص الفيلم على تقديم هذه النقطة أكثر من مرة، وكأنها لم تكن سوى مريدة للشهرة، رغم معرفة الرأي العام أنها كانت عكس ذلك تماما، كما في المشهد الذي تمشي فيه في واحد من حقول الألغام، بعد أن تم نزع جميع ما فيه من ألغام، فيتساءل احد الحاضرين، الذين رأوا الاستعراض: لكن الحقل خال من الألغام؟ ما يظهرها وكأنها تمثل أيضا على من زارتهم في أنغولا في حملتها لإزالة الألغام، وهاهي بعد أن تجتاز الحقل الآمن، تخطب بمبتوري الأقدام والأجساد البؤساء، عن التعلق بالحياة وحبها، ثم تطلق مشروعها عن إزالة الألغام في بلد يعاني أهله من أثار حرب أهلية دمرت البشر والحجر -بمعية من حكومة دولتها طبعا-منها تلك الألغام التي لا زالت موجودة في كل مكان وتقتل منهم من تقتل وتجرح من تجرح.

الفيلم الذي لم يلق ترحيبا نقديا من قبل نُقاد السينما في العالم، بعد أن وجد فيه العديد منهم شيئا من الإسفاف في تقديم حياتها بهذا الشكل، خصوصا وأن ولداها كبرا، وسوف يشاهدان أمهما في الفيلم تُغير مظهرها مثلا حتى تستطيع الخروج والسهر مع حبيبها الطبيب، أو وهي تُدخله لقصرها مختبئا في السيارة، كما رأى فيه العديد من الجمهور تحطيما لأيقونة الحب في العالم، أميرة القلوب، تلك التي تحضر صورتها في الأذهان وكأنها ملاك، لمجرد أنها تمردت على العادات والقيم الملكية، وذهبت نحو ما يعنيها كإنسانة.

امرأة جميلة جاءت من عامة الشعب لتكون أميرة عليه بزواجها من الأمير تشارلز، ولتعد إليه ميتة في حادث سير وقع في باريس، وهي بصحبة حبيبها، المرأة إذا نالت عقابها السماوي والملكي العادل كما تروي الكتب المقدسة –وهذا مالم يفت الفيلم قوله ولو بطريقة مواربة-، وهذا عادل كما جرى الإيحاء إليه في الفيلم، الذي حمل اسم “محاصرة في رحلة جوية” وهو يعتبر الفيلم الروائي البريطاني الأول عنها، بينما كانت الشركات الهوليودية، قد سبقتها في صناعة العديد من الأفلام بمختلف أنواعها عن تلك الأيقونة العالمية.

إلا أن الفيلم الذي يُظهر أنه يصيغ الحياة الإنسانية لهذه السيدة التي شغلت قلوب العالم، من خلال حكاية يقدمها عن حياتها الواقعية، مضافا إليها قصة جديدة عن غرامياتها التي لم تخرج للعامة من قبل، لا يهمل أن يُظهر “ديانا” بالمرأة الغريزية، التي تتقصد إثارة البلبلة في حياة العائلة الحاكمة، وكأنه يؤكد أنها بخروجها عن أعراف الملوك والأمراء، فإنها بذلك خرجت عن أعراف الشعب، الذي أحبها لشعبيتها أولا ولأمومتها وعاطفتها العالية التي ظهرت خلال العديد من الأفعال الإنسانية ثانيا، تلك الأفعال التي كان فيها لاسم “ديانا” كبير الأثر في نجاح ما ظهر للرأي العام عن نجاحها بسبب ع حب الأميرة العابر للحدود وحنانها العالمي.

الطبيب الذي تغيرت حياته بعد الفيلم، خصوصا وأنه تم كشف علاقته بالأميرة، لم يدلي بتصريحات أبدا حول القصة، وأبدى انزعاجه الشديد مما رآه في الفيلم، لكن الأكيد أن فيلما يحمل هذه الصورة عن أميرة ويلز، ويقدمها بشكل ناعم ومن “ورا لورا” كما يقال، لا كما يعرفها الناس، بل كما يجب أن يعرفوها، مثلما تعرفها الملكة إليزابيث، التي لا ريب، نال الفيلم رضاها ومباركتها التامين.

تمّام علي بركات

 

واختتم حفلَ تكريم الشاعر حكمت فرح بكلمة ألقاها مدير ثقافة دمشق الأستاذ أيمن ياسين أكد فيها أن فعالية ذاكرة وطن فعالية حضارية لأنها تقوم على ثقافة التكريم وأن المديرية ووزارة الثقافة تسعى لتكريس هذه الثقافة لتنتشر بيننا ولترتقي مجمتعاتنا بهذه القامات التي يجب الالتفات إليها وفاء لها ولما قدمته لأنها قامات كان لها عظيم الأثر، ولولاها لما بقيت سورية صامدة وشامخة في وجه كل من يتعرض لها، موضحاً أن المديرية مستمرة في تكريم قاماتنا الإبداعية، ومن منهم لا يستطيع الحضور إلى المراكز الثقافية سيتم الذهاب إليها، وهذا ما حصل مؤخراً حينما تمت زيارة د.بهجت القيسي في بيته، أما الشاعر حكمت فرح والذي قرأ بعض قصائده فقد شكر كلَّ من ساهم بتكريمه، منوهاً إلى ديوان جديد لديه سيصدر قريباً إلى جانب استمراره في العمل الإعلامي كمدير عام لمجلة “نبض الواقع”.

أمينة عباس