قانون عنصري جديد يشرعن “تهويد” الأراضي المحتلة
أقر الكنيست الإسرائيلي، أمس، قانوناً عنصرياً جديداً لا يعترف إلا باليهود، ويتضمّن المساس باللغة العربية وجعلها لغة ثانوية، كما يكرّس احتلال القدس.
ويسنّ كيان الاحتلال بين الفينة والأخرى قوانين جديدة للعنصرية وإنكار وجود الآخر لإبعاد العرب عن دولتهم الأزلية فلسطين المحتلة، وتكريس سياسة التهويد التي تتبعها سلطات الاحتلال، فبعد عشرات القوانين العنصرية، والتي كان آخرها قانون الأذان الذي يحرم المصلين في القدس المحتلة من سماع صوت الأذان، أقر الكنيست مشروع القانون الذي قدمه حزب “الليكود” بالتعاون مع حزب “البيت اليهودي” تحت مسمى قانون “الدولة القومية”، حيث وافق عليه 62 نائباً وعارضه 55 وامتنع نائبان عن التصويت، فيما مزّق بعض النواب العرب القانون، وألقوه في وجه رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وينص القانون على أن “إسرائيل” هي “البيت القومي لليهود” وأن حق تقرير المصير فيها يقتصر على اليهود، كما أن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية وأن اللغة العربية ليست لغة رسمية، وإنما لغة ذات مكانة خاصة. كما ينص القانون على أن عاصمة كيان الاحتلال هي القدس المحتلة وعلى تشجيع الاستيطان ودعمه وإقامته وتثبيته وتطويره.
وسيحرم القانون العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 من دراسة اللغة العربية خلال فترة التعليم الأساسي أو امتلاك أراضٍ أو منازل للقضاء على أي أثر عربي في الأراضي العربية المحتلة عام 1948.
وأكدت القائمة العربية المشتركة في الكنيست في بيان لها أن “قانون القومية” من أخطر القوانين التي سنّت في العقود الأخيرة، حيث سيطغى على أي تشريع عادي، وسيؤثر على تفسير القوانين في المحاكم، لأنه يحدد الهوية الدستورية للنظام التي تحدد من هو صاحب السيادة، وتعتبر اليهود وحدهم أصحاب السيادة، وجاء في البيان: “إن “قانون القومية” يعد قانوناً كولونيالياً معادياً للديمقراطية عنصري الطابع والمضمون، ويحمل خصائص الأبرتهايد المعروفة”.
بدورها، أدانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تصويت الكنيست الإسرائيلي، بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع “قانون القومية” العنصري، مؤكدةً أن دولة الاحتلال تشرّع العنصرية والتمييز من أجل القضاء على الوجود الفلسطيني.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي في بيان باسم اللجنة: “إن محاولات الكيان الإسرائيلي تثبيت مفاهيم الاحتلال والاستيطان ونظام الفصل العنصري، وإلغاء الوجود الفلسطيني عبثية لن تمر، وسيبقى الشعب الفلسطيني صاحب الحق والأرض والرواية والحيز والمكان”، وأضافت: “إن نتنياهو وائتلاف الحكومة اليميني المتطرف وبدعم وشراكة من الإدارة الأمريكية تواصل نهجها القائم على الإقصاء ورفض وإلغاء الآخر، وشكلت مثالاً حقيقياً لطبيعة النظام العنصري الذي يمارس سياساته القائمة على التمييز والتشريد والإجلاء والتهجير القسري عبر المصادقة على القوانين العنصرية والمضي قدماً بمخططات تهويدية، في مخالفة صارخة للقوانين الدولية والإنسانية”، وتابعت: “إن هذا القانون الخطير يهدف إلى إقصاء سكان الأرض الأصليين وشطبهم وتشريدهم من خلال مواصلة نهج دولة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني القائم على سرقة الأرض والممتلكات والموارد والموروث التاريخي والديني والحضاري”.
وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بضرورة العمل على لجم ممارسات الاحتلال، ورفع الحصانة عنه وإلزامه بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومحاسبته ومساءلته على انتهاكاته الممنهجة للقوانين الدولية والقرارات الأممية.
وفي السياق، رأت لجان المقاومة في فلسطين ببيان لها أن قانون “يهودية الدولة” يكشف عن الوجه العنصري القبيح للاحتلال الصهيوني، ويأتي استكمالاً لمخططات التهويد والاستيطان، ويشكل عدواناً جديداً على الأرض والهوية في فلسطين، واعتبرت أن هذا القانون العدواني هو محاولة بائسة للتزوير والتزييف لسرقة الأرض وشرعنة الاحتلال وطمس الهوية الفلسطينية.
بالتوازي، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه حيال القانون العنصري الجديد الذي أقره الكنيست الإسرائيلي والذي يشرع الاستيطان، ويكرس احتلال القدس.
وقالت المتحدثة باسم مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: “نحن قلقون، وعبّرنا عن هذا القلق، وسنستمر في التواصل مع السلطات الإسرائيلية بهذا السياق”، وأضافت: “كنا واضحين جداً فيما يتعلق بحل الدولتين، ونعتقد أنه السبيل الوحيد للمضي قدماً وأية خطوة من شأنها تعقيد هذا الحل أو منع التوصل إليه وتحويله إلى حقيقة واقعة يتعين تجنبها”.
ميدانياً، استشهد شاب فلسطيني وأصيب ثلاثة آخرون، أمس، جراء قصف نفذته طائرة استطلاع للاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال مصدر طبي في رفح: “إن الشاب عبد الكريم رضوان استشهد وأصيب ثلاثة آخرون وصفت جروح أحدهم ببالغة الخطورة جراء قصف للاحتلال على شرق رفح”.
وكان شاب فلسطيني استشهد، قبل يومين، متأثراً بجروح أصيب بها برصاص قوات الاحتلال خلال مشاركته بمسيرات العودة في 14 أيار الماضي شرق مدينة غزة.
كما اعتقلت قوات الاحتلال تسعة فلسطينيين خلال اقتحامها قرى وبلدات في الضفة الغربية، سبعة منهم في رام الله والبيرة واثنان آخران في بيت لحم وأريحا.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت، أول أمس، 26 فلسطينياً في عدة مناطق بالضفة الغربية.
إلى ذلك، جرفت قوات الاحتلال خطوط مياه في بلدة فروش بيت دجن شرق نابلس، وأوضح نائب رئيس مجلس البلدة عازم الحج محمد أن جرافات الاحتلال ترافقها مركبات عسكرية إسرائيلية جرفت خطوط مياه تغذي مناطق زراعية ومساكن المواطنين في المنطقة بحجة أنها غير مشروعة، مؤكداً أن الأهالي يعانون من شح المياه في الوقت الذي لا يسمح الاحتلال بحفر آبار جديدة.
وفي القدس المحتلة، هدمت قوات الاحتلال أربعة منازل في بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة، وألزمت أصحابها بدفع تكاليف الهدم.
يذكر أن سلطات الاحتلال صعّدت منذ بداية الأسبوع الجاري عمليات هدم وإخلاء المنازل في القدس، وهدمت الثلاثاء الماضي منزلاً في حي شعفاط، فيما أجبرت بلدية الاحتلال في الأسبوع ذاته مقدسياً على إخلاء منزله في حي الثوري ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى استعداداً لهدمه بحجة البناء دون ترخيص.