مئات المستوطنين يجتاحون القدس القديمة ويدنسون الأقصى
في انتهاك جديد واعتداء على حرمة الأماكن المقدسة، اقتحم مئات المستوطنين الإسرائيليين، صباح أمس، المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال.
وأوضح فراس الدبس مسؤول العلاقات العامة والإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس في بيان أن نحو 1023 مستوطناً اقتحموا الأقصى في الصباح و313 آخرين بعد الظهر على شكل مجموعات متتالية قامت بأعمال استفزازية داخل الساحات وعلى الأبواب، كما وجهت الكلمات النابية ضد الفلسطينيين والأقصى، إضافة إلى الحث على هدم المسجد، وكل ذلك تحت حماية قوات الاحتلال.
واعتدى العشرات من المستوطنين على التجار والصحفيين والفلسطينيين في سوق القطانين الملاصق للمسجد الأقصى، كما اعتقلت شرطة الاحتلال فتيين وشابين من ساحات الأقصى وعلى أبوابه.
وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اقتحمت الأقصى قبل المستوطنين، وشرعت بتنفيذ حملة تفتيش داخله، وانتشرت في باحاته، ونصبت السواتر الحديدية على أبوابه، وأن أكثر من 500 مستوطن استباحوا المسجد منذ الصباح.
ومنعت قوات الاحتلال مدير التعليم الشرعي في الأوقاف الإسلامية من دخول المسجد، كما قامت باحتجاز البطاقات الشخصية للمصلين الفلسطينيين.
يذكر أن ما تسمى “منظمات الهيكل” دعت المستوطنين، أول أمس، إلى أوسع مشاركة في اقتحامات المسجد الأقصى لإقامة طقوس استفزازية، في حين دعت مختلف القوى والمؤسسات المقدسية الفلسطينيين إلى التوجّه للأقصى للتصدي لاستفزازات عصابات المستوطنين.
وكانت عصابات المستوطنين استباحت، قبل يومين، القدس القديمة ومارست طقوساً استفزازية أمام أبواب الأقصى وخاصة باب القطانين تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال.
من جهتها، طالبت الحكومة الفلسطينية المجتمع الدولي، وخاصة تلك الدول التي تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس العربية المحتلة ويفوق عددها 138 دولة، بالتحرّك الفوري لحماية المسجد الأقصى المبارك وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية ومدينة القدس المحتلة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود: “إن هذا اليوم أسود في تاريخ مدينة القدس وفي تاريخ فلسطين والعرب، فقد شهد إحدى صور زحف الغزاة إلى الأقصى المبارك بمشاركة ألف متطرف من المستوطنين الذين يتمتعون بحماية كاملة من حكومة الاحتلال الاسرائيلي، وينفذون سياستها في تحدٍّ سافر واعتداء على القوانين والشرائع الدولية”، وأوضح أن اعتداءات المستوطنين وانتهاكاتهم ضد المسجد الأقصى وضد أهل مدينة القدس في البلدة القديمة جاءت نتيجة الصمت والسكوت عن الاقتحامات اليومية التي يقومون بها.
بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية اقتحام مئات المستوطنين الإسرائيليين باحات المسجد الأقصى المبارك والقيام بطقوس استفزازية، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي كجزء من مخططات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد مدينة القدس، وأوضحت في بيان لها أن هذا التصعيد يأتي في إطار خطط وسياسات سلطات الاحتلال لتغيير الواقع القانوني والتاريخي للمسجد الأقصى وتهويد البلدة القديمة بالقدس المحتلة ومحيطها، وخاصة المنطقة الجنوبية للمسجد، وهو ما يجري تنفيذه من خلال ما يسمى “اتحاد منظمات الهيكل” وعدد من المنظمات المتطرفة الأخرى.
وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن تلك المنظمات المتطرفة بدأت في الآونة الأخيرة تنفيذ برامج خطيرة لتنظيم اقتحامات واسعة تمهيداً وترويجاً لقرارات سياسية إسرائيلية خطيرة تمس بالأقصى ومكانته.
ودعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي للتحرّك لوقف هذا التصعيد والمخططات الإسرائيلية والتغييرات التدريجية التي تفرضها سلطات الاحتلال على المسجد الأقصى كأمر واقع يصعب التراجع عنه تمهيداً لهدم المسجد الأقصى وبناء “الهيكل” المزعوم.
وبالتوازي، حذّر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جيمي ماكغولدريك من أن إمدادات وقود الطوارئ التي تقدمها المنظمة الدولية للمنشآت الحيوية في قطاع غزة تتعرض للنضوب السريع، داعياً سلطات الاحتلال إلى إزالة القيود المفروضة على إدخال الوقود إلى القطاع، وأوضح في تصريح صحفي أنه بالنظر إلى انقطاع الكهرباء في القطاع بصورة متواصلة ولفترة تصل إلى 20 ساعة يومياً، فإن مشفى واحداً على الأقل اضطر إلى تعطيل أعماله لساعات، ويجري تقليص الخدمات في مشافٍ أخرى إلى حدّ كبير، وفي حال لم يجرِ توريد الوقود على الفور، فستتعرض حياة الناس للخطر.
وطالب المسؤول الأممي سلطات الاحتلال السماح بدخول الوقود وغيره من الإمدادات الأساسية إلى غزة لضمان حصول المنشآت الحيوية على الوقود الذي تحتاجه والذي يتوقع أن ينفد مطلع الشهر القادم ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع في غزة.
وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت في وقت سابق من أن خمسة مشافٍ في القطاع ستضطر إلى تقليص الخدمات الطبية الأساسية وإيقاف استقبال المرضى خلال الأيام القليلة القادمة بسبب نقص الوقود.
في الأثناء، حذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين من تفاقم الأوضاع الصحية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، مشيرةً إلى أن إدارة معتقلات الاحتلال تمارس ضغوطاً على الأسرى لإجبارهم على فك إضرابهم.
وقالت الهيئة: “إن عدد الأسرى المضربين عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم الإداري ارتفع إلى 6 وأقدمهم الأسير حسن شوكة الذي بدأ إضرابه في آذار الماضي، حيث يعاني من وضع صحي حرج للغاية، وتم عزله في سجن الرملة الإسرائيلي”.
وقال محامي الهيئة لؤي عكة: “إن ثلاثة أسرى يواصلون إضرابهم عن الطعام منذ 18 يوماً وهم إسلام جواريش ومحمود عياد وعيسى عوض، فيما انضم الأسيران أنس شديد وعمر أبو شخيدم للإضراب يوم الخميس الماضي”، وأضاف: “إن المضربين يعانون من آلام في الرأس والمعدة والمفاصل وفقدان للتوازن وأوجاع في الخاصرتين”.
يذكر أن عدد الأسرى الإداريين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى 430 معتقلاً بينهم اثنان من الأسرى القاصرين.
وتنتهك سلطات الاحتلال الاسرائيلي القانون الدولي والإنساني، وترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها.
من جهته، أكد رئيس الهيئة عيسى قراقع أن سلطات الاحتلال تواصل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها.
وأوضح قراقع، خلال لقائه عدداً من الأسرى المحررين في بيت لحم والخليل، أن الاحتلال يستمر بممارساته القمعية بحق الأسرى، حيث يواصل التعذيب الممنهج واعتقال القاصرين والاعتقال الإداري التعسفي والمحاكمات غير العادلة والإهمال الطبي والعزل الانفرادي وحرمان عدد كبير من عائلات الأسرى من الزيارات وفرض عقوبات فردية وجماعية على الأسرى وعلى عائلاتهم.
وأشار قراقع إلى أن انتهاكات الاحتلال المتواصلة لحقوق الأسرى وتجاهله القوانين والاتفاقيات الدولية والإنسانية دفعت الهيئة إلى التحرك على جميع الجهات ووضع برنامج فعاليات متواصل لمساندة الأسرى وفضح الإجراءات الإسرائيلية الوحشية بحقهم.
وحذر قراقع من استمرار سياسة إصدار أوامر الاعتقال الإداري وتجديدها بشكل روتيني وتطبيق القوانين العنصرية العدائية على الأسرى واستمرار حكومة الاحتلال في الضغط على المعتقلين وسلبهم حقوقهم، داعياً إلى تشكيل غطاء قانوني دولي لحماية الأسرى ووقف التشريعات التعسفية والقوانين الجائرة التي تطبق بحقهم.