أخبارصحيفة البعث

أمريكا بين الوهابية والعثمانية الإخوانية

 

د. مهدي دخل الله

يبدو أن الولايات وقعت – من جديد – تحت تأثير الضغط البريطاني، فيما يتعلق بالتعامل مع الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.

تفضل بريطانيا التركيز على العثمانية الإخوانية مقابل الولايات المتحدة التي ترى في الوهابية السعودية أكثر إنجازاً في حقل الاستراتيجيات التي تستهدف هذه المنطقة..

عطّلت العثمانية الإخوانية إعلان مشروع «صفقة القرن» بعد القمم الثلاث الشهيرة لترامب في السعودية. كان من المفروض أن يعلن ترامب بداية «المفاوضات» الفلسطينية – الإسرائيلية عندما زار إسرائيل بعد القمم مباشرة، لكن تفجير الكنيسة في مصر، وضرب مصر للإخوانيين في ليبيا، وغضبها على حماس الإخوانية عطّل الإعلان الترامبي..

التعطيل العثماني لإعلان الصفقة لم يكن نصراً للفلسطينيين، وإنما احتجاجاً على تجاهل التيار الإخواني في الصفقة لصالح التيار السعودي الوهابي.

احتدم الصراع على حضن أمريكا بين العثمانية والوهابية، حيث قامت أنقرة بدعم قطر، وتحريضها من أجل رفع سعرها في «الوليمة الكبرى» التي ستذهب فلسطين ضحية لها..

بعد ذلك جرت اتصالات مكثفة بين القطريين والأتراك من جهة والأمريكيين من جهة أخرى. بريطانيا دعمت هذه الاتصالات بهدف تحسين «وضع» العثمانية الإخوانية عند الأم الأمريكية. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عزز الضغط البريطاني على واشنطن، فلم تلق المخابرات الأمريكية بكل ثقلها للإطاحة بأردوغان في الانتخابات الأخيرة..

أما حماس فقد أرسلت رسائل غير مباشرة تطمئن فيها إسرائيل بأنها أكثر جهوزاً «للمفاوضات» من سلطة “أبو مازن”. محمد بن سلمان من جهته قدّم إغراءات سخية لترامب كي يكون هو «الأول بين المتساوين» في الحضن الأمريكي..

اليوم نحن في حالة شد الحبال هذه. النتيجة أن نتنياهو يزيد يومياً في مطالبه ابتزازاً وعنجهية ورفعاً لثمن قبوله التفاوض على الرغم أن النتيجة هي لصالح كيانه حتماً..

هكذا هي إسرائيل دائماً تريد سعراً مجزياً على عمل يعمله الأمريكيون، على الرغم من أن هذا العمل هدفه خدمة اسرائيل نفسها. لنتذكر مثالاً واحداً فقط، عندما دخل الجيش السوري إلى الأردن لنصرة المخيمات الفلسطينية في «أيلول الأسود» 1970 طلب الأمريكيون من إسرائيل ضرب القوات السورية بالطيران، سألهم الإسرائيليون وأي ثمن سياسي سنقبضه لقاء خدمتنا هذه؟.. والبقية معروفة..

الابتزاز الصهيوني لا يعرف حدوداً حتى في الأمور التي تخدم الكيان. وأمريكا دائماً سخية في هذا المجال. لدينا اليوم حالة عبثية تماماً: إسرائيل تحصل على البضاعة مجاناً وعلى تعويض أيضاً. السعودية تدفع للولايات المتحدة أموالاً طائلة، وتعطيها أيضاً البضاعة التي هي تنازل كامل عن فلسطين وقضية شعبها..

mahdidakhlala@gmail.com