رغم أهميتها الثقافة الطبية.. تشتت في التوجهات الصحية.. ومعلومات ومبــادرات شــــخصية خاطئة وقاتلة!
انتهت الجلسة الصباحية عند أم أحمد بمعلومة جعلت جميع الحاضرات في الجلسة يتجهن إلى أقرب صيدلية لأخذ لقاح ضد مرض الكريب قبل بدء فصل الشتاء الذي يعشعش فيه هذا المرض، ودون أية استشارة طبية، أعطى الصيدلاني المقيم هذا اللقاح لتلك النسوة اللواتي وجدن في هذا الحل ضالتهن للقضاء على العذاب الذي يحمله لهن هذا المرض في الشتاء، لكن “يسرى” التي تعاني من عدة أمراض لم يستطع جسدها الهزيل تقبّل هذا اللقاح لتمسي في المستشفى بعد ساعات قليلة جرّاء أخذها هذا اللقاح الذي لم يتحمّله جسدها!.
تغيب عن أذهان الكثيرين الأهمية الحقيقية للقاحات المخصصة لأمراض معينة، فبعض أنواع اللقاحات لا يجوز أن يأخذها الفرد من تلقاء نفسه، وخاصة أن أغلب الأفراد يقومون بوظيفة الطبيب، فيصفون اللقاحات لبعضهم غير مدركين الخطورة المترتبة على ذلك، ولعل لقاحات الأطفال تأتي في المقدمة لخطورة الأمراض التي قد تصيبهم، فما هي هذه اللقاحات الضرورية للكبار والصغار؟ وما مدى إقبال الأفراد عليها؟ ومن المسؤول عن توعية الأهل بضرورة أخذ الطفل جميع لقاحاته؟.
توفر اللقاحات
تؤكد نقابة الصيادلة أن العديد من الأفراد ليست لديهم الفكرة الكاملة عن اللقاحات، فمنهم من يعتبر أخذ اللقاح في سن متقدمة مفيداً للصحة دون أن يدرك أن اللقاح له مواعيد معينة يجب أخذه خلالها، فلقاح الكريب الذي بات يأخذه أغلب الناس دون استشارة طبية أمر خاطئ، فمرض الكريب لا حاجة لأخذ لقاح له دون رأي طبيب مختص، لأنه في سن معينة قد تكون للقاح آثار سلبية على الفرد، أما اللقاحات الضرورية واللازمة للفرد فتوزع على الصيدليات المركزية، وتبعاً لحاجة الفرد يتم إعطاؤه اللقاح اللازم، وفيما يتعلق بلقاح الكبد تؤكد نقابة الصيادلة أنه ليست هناك جائحة لهذا المرض في بلدنا، وهذا المرض مسيطر عليه في بلدنا.
لقاحات للصغار والكبار
لأنهم أمانة في أعناقنا لا يجب التهاون في التعامل مع لقاحاتهم الضرورية وفق الأعمار المحددة للطفل في بطاقته اللقاحية، حيث أكد الطبيب عماد زيود، “جراحة عامة”، وجوب إعطاء الطفل كل لقاحاته الضرورية منذ ولادته لأهميتها في مساعدة الطفل على التكيف مع البيئة الجديدة التي انتقل إليها، وهذه اللقاحات أصبحت معروفة، حيث يشمل برنامج التلقيح في سورية مرض شلل الأطفال الذي يتم إعطاؤه وفق حملات تطلقها وزارة الصحة بين الحين، ويطعم بها جميع الأطفال حتى سن الخامسة، بينما تمنح باقي اللقاحات في موعدها المحدد بدفاتر لقاحات الأطفال، وهي مرض السل، والكزاز، والحصبة، وبعض أنواع التهاب السحايا، والسعال الديكي، وبعض التهاب الكبد، ليكون مجموع اللقاحات المعتمدة في برنامج التلقيح أحد عشر لقاحاً، وبفضل برامج التوعية لأهمية اللقاحات ارتفعت معدلات الاستجابة للقاحات الأطفال الأساسية من 5% إلى 80% حول العالم، ويتم بذلك، على الأقل، تجنب ثلاثة ملايين حالة وفاة ناجمة عن الحصبة، وكزاز الوليد، والسعال الديكي، و500 ألف حالة شلل أطفال كل سنة.
أما فيما يتعلق بلقاحات الكبار فأكد زيود على وجود ما يسمى جرعات داعمة، وهي ضرورية في عمر محدد، وعند فئات معينة، فمثلاً لقاح الأنفلونزا، ينصح بإعطائه للمصابين بالربو، وأيضاً لقاح الكزاز، نوصي النساء الحوامل بأخذه في حال لم تكن الحامل أكملت سلسلة لقاحاتها حفاظاً على حياة وصحة الجنين، وهناك بعض اللقاحات الموسمية، خاصة في فصل الخريف والربيع، للأشخاص الذين يعانون من مشاكل تنفسية، وبالتالي يأخذون هذه الجرعات الداعمة لتقوية مناعتهم ضد هذه الأمراض التي تكثر خلال هذين الفصلين.
دخلاء
الثقافة الطبية أمر ضروري وهام في الأسرة، وتقع هذه المهمة على عاتق وزارة الصحة، والإعلام، والتربية، من خلال برامج التوعية الصحية، والحملات التوعوية بأهمية هذه اللقاحات، وضرورة أخذها في المواعيد المحددة، حسب رأي الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، حيث نجد الكثير من النساء حديثات الزواج لا يملكن أية خلفية ثقافية في هذا المجال، لذا لابد من توجيههن من خلال هذه البرامج، كذلك هناك مشكلة تكمن في الأشخاص الدخلاء الذين يدّعون معرفتهم بالأمراض، واللقاحات الخاصة بالصغار والكبار، ويقومون بوصفها وكأنهم خريجو كلية الطب البشري بحجة تجاربهم السابقة، إذ إن الأخذ برأيهم يؤدي في كثير من الأحيان لمشاكل صحية بغنى عنها، ما يستوجب الاستشارة الطبية الدائمة، لأن الطبيب هو الأعلم بصحة الفرد وسلامته، وأكدت شعبان على التأثير الإيجابي للقاحات على اقتصاد البلد، حيث تزيد من كفاءة وإنتاجية المواطن، كما تقلل أيضاً من تكاليف نفقات العلاج، ومن ثم نفقات التأمين الصحي، وعملية استخراج اللقاح ليست عملية سهلة، بل تحتاج لعمليات دقيقة، وتجارب قد تصل لعشرات الأعوام.
ميس بركات