ثقافةصحيفة البعث

هناء العباس: أكتب بحرف يثمل وجعاً

طرطوس- هويدا محمد مصطفى

حروفها تسافر حدود الذات المنصهرة في تفاصيل النصّ اليومية لتكتب بإحساس مرهف ولغة شفيفة عذبة بعيداً عن الغموض، ولتنسج حروفها بفضاءات الشعر المستمدة من مخيلة مبدعة تكتب قصيدة النثر بإيقاع موسيقي، وعبر مساحات الرؤية في درج اللغة الشعرية تنهض قصيدتها وتعلن عن البوح الشاعرة هناء عباس العباس التي تحدثنا عن تجربتها الشعرية من خلال الحوار التالي.

بداية رحلة العباس في عالم الشعر تحدثنا عنها بالقول: “إذا أردت فضح روحك اجلب قلماً ودعه يجرّ الحروف حرفاً تلو الآخر، كلمةً تلو الكلمة ليثمل همسك فينسكب بوحاً شجياً على بياض الورق، لقد كانت بداية الكتابة عندي منذ الصغر وأنا التي ترعرعت في قرية جميلة على ضفاف العاصي  بين شتلات القطن وسنابل القمح، أركض حافية القدمين وراء قبرات الحقل، وأغفو تحت شجر الصفصاف، في هذا الجو الرائع، وفي دفتري الصغير كنت أدوّن بعض الخواطر وبعد أن لفّ الحزن أيامي اتخذت القلم حبيباّ ورفيقاً في وحدتي”.

وحول قصائدها وأسئلتها المتروكة للقارئ بلغة متجدّدة تتابع العباس حديثها: “لا أعتقد أني أكتب بلغة سهلة بسيطة نابعة مما أشعر به، ولكل قصيدة حالة مختلفة، فأحياناً تبدأ بفكرة تتفاعل معها مشاعرك ليجرك الكلام في أخذ القلم والبدء بتدوين ما يسرح بالخاطر”.

تحضر الأنثى في قصائدها بكل تفاصيلها، توضح: “ما أجمل القصيدة حين تكون للأنثى ولكوني امرأة داهمتها هموم الحياة باكراً أقف دائماً إلى جانبها وأدعمها لتحقق ما تصبو إليه، إني أجد نفسي في تلك القصائد التي تنزف حروفها وجعاً فهي تشبهني وأنا أتقمصها”، مضيفةً: “القصيدة مميزة عن بقية الأنماط الشعرية لتؤكد أن الشعر أرقى أنواع الفنون اللغوية، وكلما تفنّن الشاعر وابتكر الأفكار يضوي عليها تارة، ويخفيها ليبدأ الغموض الذي يشدك إلى القصيدة، وكل قصيدة لا تبدو جميلة إلا إذا طبع الشاعر لغته الخاصة بها، وأنا أحبّ الشعر العمودي جداً وأعشق قوافيه لكني أجد نفسي في قصيدة النثر لأن حروفي فيها تتمدّد بحرية بعيداً عن الوزن والقافية وفي نص بعنوان”.

“من أكون” عنوان قصيدة كتبتها العباس للتعريف عن نفسها وآلامها، تقول فيها:

“أنا بنت الوجع

معجونة بطين الألم

أمشي حافية القدمين

على دروب الصبر

لا أبالي بأشواك الأنين

أنا يتيمة الصباحات

أنتظر على قارعة النهار

فتات فرح.. كسرة شوق

روحي ظمأى لشربة حنين

أنا رفيقة الصفصاف

عبس الربيع بوجهي

وعلى غصينات أضلعي

ناح غراب البين

لا تسألوني من أكون

أنا التائهة في ضباب العمر

لا حلم يغريني

ولا ذكرى تنسيني الألم

وحدها الأحزان تجرّ آهاتها

لتغفو على صدر السنين.

تبيّن العباس: “قصيدتي تعبر إلى المتلقي، فهي رسالة كتبتها بأحاسيس مرهفة وبقدر ما تكون قصيدتي قريبة من الواقع بقدر ما تجد بوابة عبور للقارئ وهي بالتأكيد تصل، لأني حين أكتب يكون الحرف ثملاً بالوجع وقلمي يئنّ حين يرسم حروفي على السطور، ولن أخفيك سراً حين أنهي قصيدتي وأقرأها تبدأ دموعي بالهطول على خد الورق، لأني أعيش الإحساس الذي أكتب به، وهذا ما حدث عندما كتبت في فقد الأحبة زوجي وأخي وفي غربة ولدي”.

وتعدّ العباس أن الشعر والموسيقا يكملان بعضهما، تقول: “فالشعر كما الموسيقا فن سمعي، وكلاهما يعتمد على الأداء الصوتي، لكن المضمون واحد وكلّ يكمل بعضهما بعضاً، فالشاعر ينظّم والموسيقار يلحن، لي محاولات خجولة وكانت في فن العتابا”.