على وقع مطالبة المستثمرين بتخفيف الروتين وتبسيط إجراءات الاستثمار.. مغتربون سوريون يبدون استعدادهم لوضع 6 مليارات دولار وديعة مبدئية في المصارف
دمشق– فداء شاهين
بدا الحماس واضحاً على رجال الأعمال والمستثمرين الذين تدفقوا مع حقائبهم التمويلية إلى مؤتمر الاستثمار أمس، مبدين رغبتهم للبدء والانخراط في بناء ما هدمه الإرهاب، ليأتي ما حقّقه الجيش العربي السوري من انتصارات تتويجاً ونقطة انطلاق لهذه المنصة التي شكلت حالة ارتياح وطمأنينة عند جميع الشركات الصديقة والحليفة، وتجلّت بمشاركة الشركات اللبنانية بقوة، ليبقى الهاجس الذي يتشارك فيه جميع المستثمرين هو تقديم التسهيلات وإلغاء الروتين.
المال موجود ولكن..!
لم يخفِ وزير الصناعة اللبناني الدكتور حسين حاج حسن عن “البعث” أن الاستثمار لا يتعلق برأس المال فقط، فرأس المال موجود بل يرتبط بطبيعة المشاريع ومناخ الاستثمار والقوانين، حيث هناك عدد كبير من الصناعيين اللبنانيين حضروا الملتقى ويريدون الاستثمار في سورية، علماً أن الصناعة في لبنان تحتاج إلى معالجة بعض الصعوبات، منها كلفة الإنتاج والعوائق أمام الصادرات اللبنانية في الخارج. وفي السياق نفسه أبدى سفير الفلبين في دمشق اليكس في لامدريد استعداد بلاده للمشاركة في الاستثمار ودعوة القطاع الخاص المتخصّص بالبناء، كونه لا يوجد أي استثمار للفلبين في سورية.
بانتظار الموافقة
وأبدى المغتربون السوريون رغبتهم بالمساهمة في الإعمار، إذ أكد سفير النوايا الحسنة ورجل الأعمال الدكتور فراس رجوح استعداد مجموعة من المغتربين السوريين لإعادة البناء والبدء بوضع مبلغ 6 مليارات دولار كوديعة لمدة 20 عاماً بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الحكومة السورية. وأمل رئيس رابطة المغتربين السوريين في السويد الدكتور سمير عيسى التخفيف من الروتين والاستعجال بالبناء وتقديم تسهيلات لدخول معدات الشركات التي تستحق أن تكون في سورية، خاصة وأن سبب إقامة الملتقى هو انتصارات الجيش العربي السوري، مؤكداً أن المغتربين السوريين سيقومون بتمويل المشاريع التي ستبنيها السواعد الوطنية جنباً إلى جنب مع المواطن والجندي السوري، مشيراً إلى وجود مشاريع كبيرة بانتظار أن ترسو على الشركات الصديقة من روسيا وإيران والسويد.
خسائر
لم يسلم لبنان من الحرب التي تتعرّض لها سورية لتضرب القطاع الزراعي، بحسب ما أوضح رئيس تجمع المزارعين وأمين سر نقابة المصدّرين والمستوردين في لبنان إبراهيم الترشيشي، وأنه خلال سنوات الحرب كان لبنان يعاني ويتوجع، ومرت الكوارث على لبنان ولاسيما في القطاع الزراعي، منها إغلاق معبر نصيب الذي أدى إلى توقف تصدير الإنتاج الزراعي كله البالغ 550 ألف طن بالسنة، في وقت كان الطموح الوصول إلى 600 ألف طن، وانخفضت أسعار الفواكه بشكل كبير حتى قام بعض المزارعين بجرف بعض البساتين. وبيّن الترشيشي أن محاولة التصدير عبر البحر تعرّضت لمعوقات كبيرة، وخسرت الدولة اللبنانية التي دفعت نحو 50 مليون دولار لدعم التصدير البحري، إلا أن التكلفة كانت مرتفعة جداً، وتحوّلت السوق السورية من مستورد إلى مصدر للسوق اللبنانية بعد إغلاق المعابر الحدودية.
ولم يخفِ الترشيشي تقصير المسؤولين في لبنان تجاه المزارعين وعدم تجديد الاتفاقيات مع الجانب السوري، وتوقف التعاون في مجال الطب البيطري والزراعة، إذ يشتري المزارع اللبناني أدوية أغلى وأقل جودة، علماً أنه يأتي للمشاركة رغم وجود الأصوات الشاذة في لبنان التي لا ترغب بعودة التعاون والاتفاق الزراعي مع سورية، مطالباً المسؤولين في لبنان بالانفتاح على سورية والوقوف ضد القوى التي تغلق المعابر لخنق الاقتصاد اللبناني. وكشف الترشيشي عن خسائر الفلاحين في لبنان والتي بلغت في قطاع الزراعة نحو 10 مليارات دولار خلال سنوات الحرب الثماني، في حين بلغت في القطاع الصناعي نحو 25 مليار دولار.
وأشار المهندس الاستشاري سليم طفيلي من لبنان إلى ضرورة وضع قنوات تواصل واضحة معلنة، بحيث تكون مدخلاً لاستثمار القدرات والكفاءات التي ترغب في المساهمة بالبناء، مع التركيز على التنظيم في الاستثمار.
ولفت مدير شركة ستروي السورية نبيل الموسوي إلى أن الشركة تضمّ مجموعة شركات هولندية وبرازيلية وروسية وصينية ولبنانية متخصّصة في البناء والبترول والمعدات والآليات الهندسية والمقاولات، وتقوم بتمويل وتنفيذ المشاريع، حيث بدأ العمل والتعاون مع وزارة الأشغال العامة وستعلن بعض المشاريع قريباً، منها توريد المعدات الهندسية ومشاريع سكنية في منطقة الديماس وغيرها. ودعا المستثمر بلال غزالة من لبنان إلى تسهيل الفرص أمام المستثمرين ولاسيما من ناحية الجمارك. في حين أمل المستثمر غسان حمزة صاحب شركة لصناعة السيراميك في إسبانيا بضرورة تطوير العلاقة وتسهيل دخول المواد إلى المشاريع.
وطالب صاحب شركة شام بلوك غالب حامد بالوقوف مع المستثمرين وحلّ الصعوبات ووضع كل ما يخصّ المستثمر من موافقات في دائرة الهيئة العامة للاستثمار، وبالتالي تسهيل الحصول على المعلومات عن البيئة والمياه والكهرباء والرخص.
إعفاء
وأشار مدير المسح والتنقيب في المؤسسة العامة للجيولوجيا الدكتور محمد يزبك إلى مشاريع الثروة المعدنية المطروحة عن طريق الهيئة، ولاسيما أن البلاد بحاجة إلى المواد الأولية بشكل كبير، منها الاسمنت، الرمال، الزيوليت، الطف البركاني.
ولفت ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الكوا إلى أن القرار 888 الناظم لعمل غير السوريين أعفى المستثمر من الغرامات، في الوقت الذي طوّرت الوزارة قاعدة بيانات مكاتب التشغيل البالغ عددها 14 مكتباً في المحافظات تقوم بتسجيل المعلومات عن الباحثين عن فرص عمل، وتوفر معلومات لجهة القدرات المهنية والعلمية والتوزع الجغرافي لهم، كما تمّ إطلاق مركز الإرشاد الوظيفي وريادة الأعمال ليغطي محافظة دمشق وريفها والمنطقة الجنوبية ويقدم خدمات خاصة بأصحاب العمل، فضلاً عن توفير العمالة للمستثمرين.