أخبارصحيفة البعث

ترامب يتجه لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

لم يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبيلاً للتخفيف من وطأة الاستقالات التي تعرضت لها إدارته سوى التغريد عبر توتير، ومحاولة تبرئة ساحته من أي فشل قد لحق بها رامياً كل أسباب الفشل على الذين استقالوا ولم يتمكنوا من الحفاظ على المكسب الكبير في تاريخهم المهني وهو العمل إلى جانب الرئيس الذي سيعيد أمريكا إلى العالم من جديد حسب زعمه.

سلسلة استقالات وإقالات طويلة شهدتها إدارة ترامب مع ابتعاد كثير من الوزراء والمسؤولين والموظفين في مراكز مختلفة ولأسباب متعددة عن إدارته بعد أن طفح الكيل بهم من سياساته المتهورة من جهة وتصريحاته الاستفزازية والعدائية من جهة أخرى.

الاستقالات تعكس حجم الخلافات في إدارته جراء القرارات والإجراءات المتهورة التي اتخذها منذ توليه الحكم حيث أعلن عن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ومن منظمة اليونيسكو ومن الاتفاق النووي مع إيران وهدد بالخروج من منظمة التجارة العالمية كما افتعل مؤخراً حرباً تجارية مع الكثير من دول العالم من خلال فرض الرسوم على منتجاتها وبضائعها من الصلب والألمنيوم وغير ذلك إلى جانب إجراءاته حيال المهاجرين.

ولاية ترامب سجلت منذ وصوله إلى البيت الأبيض مطلع عام 2017 أعلى نسبة استقالات في تاريخ الإدارات الأمريكية وألقت بظلالها على المشهد السياسي لتضاف إلى سلسلة القرارات المتهورة في معظمها التي اتخذها الرئيس الأمريكي وأثار بها جدلاً واسعاً تجاوزت حدوده الداخل الأمريكي.

وزراء وموظفون ومستشارون بالجملة انضموا إلى قائمة طويلة من الذين قرروا النأي بأنفسهم عن ترامب لوجود تباينات شاسعة في الآراء والسياسات وآخرهم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي تحدث في خطاب صريح وجهه للرئيس الأمريكي عن تزايد الشقاق والخلافات بينهما.

ترامب الذي لم يعتد مخالفة أوامره بوصفه رجل أعمال واجه أحدث استقالة بفريقه بشن هجوم على ماتيس عبر تغريدة أطلقها على موقع تويتر المفضل لديه واعتبر فيها أنه منح الأخير فرصة أخرى عندما فصله الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووفر له موارد لم تكن لديه.

وبالتوازي مع استقالة ماتيس وجه بريت ماكغورك المبعوث إلى تحالف واشنطن المزعوم ضد تنظيم داعش الإرهابي صفعة أخرى لترامب بتقديمه الاستقالة هو الآخر عبر خطاب وجهه إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ما أثار حفيظة الرئيس الأمريكي ودفعه إلى اتهام ماكغورك بالتصنع.

عقد فريق ترامب من مستشارين ومسؤوليين وتنفيذيين بدأ يتصدع على نحو متسارع خلال عامين تقريباً أمضاهما في البيت الأبيض حيث فارقه العديد من المسؤولين الكبار بمن فيهم وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون والعدل جيف سينشز ومستشار الأمن القومي مايكل فلين الذي لم يستمر في منصبه سوى 25 يوماً فقط إضافة إلى شون سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض وجيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” وأنطوني سكاراموتشي أحد مديري الاتصالات بالبيت الأبيض ورينس بريبوس كبير موظفي البيت الأبيض وستيف بانون كبير المخططين الاستراتيجيين في البيت الأبيض إلى جانب العديد من المسؤولين الآخرين.

وقبل أقل من أسبوعين وتحديداً في الـ 15 من كانون الأول الجاري جاء إعلان تخلي وزير الداخلية الأمريكي ريان زينك عن مهامه على لسان ترامب نفسه كما أعلن أمام الصحفيين في الثامن من هذا الشهر أن مستشاره جون كيلي سيغادر أيضاً في نهاية العام.

ومن بين المسؤولين الذين اختلفوا مع ترامب وقرروا الابتعاد عن فريقه مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي التي قررت الاستقالة من منصبها نهاية العام الجاري دون إعطاء تفسير واضح.

وفي السادس من آذار الماضي ترك غاري كوهن المستشار الاقتصادي لترامب منصبه احتجاجاً على قرار الأخير فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الصلب والألمنيوم وهي خطوة أثارت خلافات واسعة بين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والعالم.

وفى خطوة وصفها البعض بأنها انتقام لعدم تنفيذ أوامره بدأ ترامب بحسب مصادر أمريكية مطلعة التحرك نحو إصدار قرار بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عبر التباحث مع مستشاريه حول قانونية مثل هذا الإجراء الذي قد يحدث هزة في أسواق المال العالمية. وكشفت مصادر مطلعة على نقاشات ترامب وفق ما نقلت وسائل إعلام أمريكية أن الرئيس الأمريكي ناقش في جلسات خاصة إمكانية إقالة باول بعد قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع معدلات الفائدة خلافا لرغبته، وأضافت أن ترامب بدأ بسبر آراء مستشاريه حول رغبته بالتخلص من باول لكن وفق القوانين لا يحق له إقالة محافظ الاحتياطي الفيدرالي دون إبداء أسباب موجبة.

بعض المقربين من ترامب حذروا من أن عزل باول أو أي محاولة لإرغامه على التنحي عن منصبه في بنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون خطوة كارثية تحدث تأثيراً مدمراً على أسواق رأس المال وتقوض ثقة المستثمرين في قدرة البنك المركزي على إدارة الاقتصاد دون تدخل سياسي.

ويأتي هذا الحديث في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق المالية تراجعاً حاداً بينما تنخفض معظم المؤشرات الرئيسية بشكل ملحوظ منذ بداية العام.

وشهدت بورصة نيويورك وول ستريت هذا الأسبوع أسوأ انخفاض أسبوعي للأسهم فيها منذ عام 2008 إثر إعلان المصرف المركزي عن رفع معدل الفائدة والتهديد بتعطيل جزء من الإدارات الفيدرالية عن العمل بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية الدولة فضلاً عن مخاوف من تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة.