صحيفة البعثمحليات

عين الرقيب!

 

رغم محدودية النتائج التي حقّقتها حملة مراقبة الأسواق وضبطها وقمع المخالفات ومصادرة البضائع المهرّبة ومجهولة المصدر في مختلف المناطق والمحافظات التي نُفذت من قبل عناصر حماية المستهلك، إلا أنها أثلجت القلوب وحدّت من ضجيج الأسواق المكتنزة بشتى أنواع التجاوزات على مرأى جميع الجهات دون استثناء. وفي الوقت الذي وضعها البعض في خانة المثل الشعبي القائل “الرمد أفضل من العمى”، هناك من اعتبرها محاولة مقبولة لإعادة هيبة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي فقدت في زحام المخالفات المتنوعة، ومنها مخالفة المواد الغذائية التي تحمل العديد من الأضرار الجسيمة على الصحة والسلامة الغذائية، خاصة بعد أن أثبتت التحاليل (كما تقول الوزارة) لبعض العينات احتواء هذه المواد على دسم وأصبغة ومنكهات نباتية غير مسموح بها دولياً، إضافة إلى آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني.

ولاشك أن مصادرة مواد مثل  (الزيوت– السمون– المرتديلا– العصير– دبس بندورة– مشروبات طاقة– البسكويت.. وغيرها) ومواد غير غذائية وتجميلية وألبسة، ما هو إلا مؤشر خطير عن الفوضى الموجودة في الأسواق، خاصة مع تواضع أرقام الضبوط الخجولة والتي لا تتناسب مع حقيقة ما يجري في الواقع!. وطبعاً لا يمكن إنكار أو تجاهل إيجابية الحملة التي كانت حاضرة بكل المعايير والمقاييس الرقابية، ولكن في المقابل هناك تساؤلات مشروعة لم تُجب عنها الوزارة في جميع حملاتها الرقابية، ويجب أن تطرح هنا حول جودة المواد المحلية ونسبة فاعلية مكوناتها ومدى التزامها بالمواصفات الصناعية سواء في الأدوية أو المنظفات وغيرها من المواد المنتجة في المعامل والمنشآت بشكل مخالف للقوانين، وتضرّ بسمعة المنتج الوطني من جهة وذات تأثير سلبي على صحة الناس وجيوبهم، كما هي الحال في المواد المهرّبة التي أخذت تكسب شيئاً فشيئاً ثقة الناس نظراً لتقهقر جودة المنتجات المحلية، وكما أن هناك إشارات استفهام عديدة حول كيفية دخول المواد المهرّبة إلى الأسواق المحلية ومن يقف وراء تهريبها، هناك أيضاً العديد من التساؤلات عن مدى مراقبة عمليات التصنيع في المعامل صحياً والتأكد من سلامتها من جميع النواحي، والغريب أنه تمّ تجاهل المصدر الرئيسي في كلتا الحالتين وملاحقة صغار الباعة الذين لا ندافع عنهم لكنهم يتحمّلون أوزار غيرهم ويحاسبون على أخطاء الكبار، وبمعنى آخر تتمّ في كل مرة عمليات اصطياد للأسماك الصغيرة في الوقت الذي تبقى فيه الحيتان الكبيرة بعيدة عن المحاسبة وفي مأمن من شباك الصيد الرقابي!!.

وبكل تأكيد لسنا بصدد تشويه سمعة المنتج المحلي أو التقليل من أهميته،  ولكننا ننقل شهادات الناس وخلاصة تجربتهم مع الكثير من المنتجات، وفي الوقت نفسه نبحث عن مصلحة المواطن الذي تتقاذفه الهموم وتهاجمه المحن المختلفة على مدار الساعة، وخاصة لجهة علاقته بالأسواق المحفوفة دائماً بأخطار الغلاء والغش وغياب الجودة التي تلتهم دخله المتواضع لصالح التّجار (ضعاف النفوس) الذين يرتكبون جميع أنواع المخالفات دون أي مساءلة أو محاسبة..

فعين الرقيب مصابة بـ ……؟!.

بشير فرزان