وللإدارة المحلية دور في التطوير المنشود
أعوام عديدة مضت على طروحات التطوير المنشود والمطلوب تحقيقه في الميادين الاجتماعية والاقتصادية، وآمال كثيرة كانت وما زالت معلقة على هذا التطوير المأمول الذي حدد السيد الرئيس بشار الأسد ملامحه في ثلاثة محاور.
المحور الأول: ويتضمّن طرح أفكار جديدة في المجالات كافة، سواء بهدف حل مشكلاتنا ومصاعبنا الراهنة أو بهدف تطوير الواقع الحالي.
المحور الثاني: ويتضمّن تجديد أفكار قديمة، لا تناسب واقعنا، مع إمكانية الاستغناء عن أفكار قديمة لا يمكن أن نجددها، ولم يعد ممكنا الاستفادة منها.
المحور الثالث: ويتضمّن تطوير أفكار قديمة تم تجديدها لكي تتناسب مع الأهداف الحاضرة والمستقبلية، وكل عمل بحاجة إلى قياسات لتحديد نسبة الإنجاز والتقدم فيه.
وهذا يتطلب أن نستند إلى مجموعة من المعايير التي منها عامل الزمن الذي يفترض بنا أن نعمل على استغلاله بحده الأقصى، بهدف تحقيق الإنجازات التي نتطلع لها بأقصر مدة ممكنة، والنظر في طبيعة الواقع الذي نعيش فيه، والظروف المختلفة التي تحيط بنا داخلياً وخارجياً، مع ضرورة التمعن بمدى الإمكانات المتوفرة بين أيدينا للانطلاق والوصول إلى الهدف المحدد، آخذين بعين الاعتبار، أن الإمكانات ليست معطيات ثابتة، بل هي قابلة للتعديل باستمرار من خلال جهودنا وفعالياتنا، وعلى أن تلتقي كل المعايير في المصلحة العامة، وتتجدد في ضوء ذلك، من خلال الفكر المتجدد المبدع، وانتهاج النقد البناء الموضوعي، الذي يعني النظر بصورة متكاملة للقضايا موضوع النقد، بحيث نرى الإيجابيات كما نرى السلبيات، كي نتمكن من زيادة الإيجابيات على حساب السلبيات، وهذا هو جوهر أي تطوير.
إن عملية التطوير لا تستطيع أن تقوم بها الدولة فقط، وعلى الفعاليات المختلفة أن تقوم بدعم عملية التطوير، وهناك العديد من العوامل التي تقف في وجه التطوير، ولكن ذلك لا يعني بأننا لا نستطيع تجاوزها، فالعوامل غير الموضوعية من المفترض أن تعالج بسرعة، وفي هذه الحالة نحقق نقلة جديدة في عملية التطوير، أما الشكل النهائي من التطوير فيرتبط بالعوامل الأخرى الموضوعية، وهو يحتاج لزمن أطول إلى حد ما، لكن كلاهما مرتبط تماماً بالتطور الاجتماعي الذي هو أصعب أنواع التطوير، واضعين نصب أعيننا أن عملية التغيير ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة إلى تحقيق احتياجاتنا الحياتية، وعندما تكون الآمال عريضة والصعوبات كبيرة، فالعناصر المطلوبة لا يمتلكها شخص ولا يؤمنها منصب بل تتوزع لدى المجتمع مسؤولين ومؤسسات ومواطنين، على أن نتحاشى أن تكون عملية التطوير تربة خصبة للباحثين عن الزعامات أو لراكبي الموجات المختلفة، وبالتالي نصل إلى التطوير الذي نراه مناسباً لمصلحة الوطن.
إن التطوير عملية مستمرة ومتواصلة، ولابد من أن تأخذ مداها الزمني الطبيعي الذي يختلف بين محور وآخر، حتى يتم الانتقال من مرحلة إلى أخرى، ومن وضع إلى آخر، بشكل هادئ وطبيعي، والتطوير المجتزأ لا يحقق الغايات المرجوة بل هو بحاجة للتناسق والتكامل بين الإجراءات والخطوات المتخذة في جميع المجالات، والمجتمع هو الطريق التي يسير عليها التطوير في حقوله المتعددة، فإذا كانت هذه الطرق غير صالحة تعثر التطوير وتأخر أو توقف، والتطوير يكون من خلال بناء أمور إيجابية على إيجابيات سبقتها، أما التأخر والتخلف فيكونان بالعكس، وبالتالي يمكن الانطلاق من خلال إيجابيات واقع سيئ إلى واقع جيد، ومن واقع جيد إلى واقع أفضل.
ولما كان من المجمع عليه أن المجتمع هو الأدرى بما يعاني من سلبيات وما يرغب من إيجابيات وما يحتاج في ضوء ما لديه من إمكانيات، جعل من المقتضى أن يكون له دور في تحقيق التطوير الذي ينشده، وهذا الدور يتجلى في مجالات شتى، ومن المؤكد أن الإدارة المحلية ميدان خصب لذلك، فليقدم كل كفوء نزيه للترشيح، الذي سيفتح في الأيام القادمة، وعلى الناخبين التحلي بموضوعية الاختيار، بدافع الصالح العام البعيد المدى، لا الصالح الشخصي القصير النظر، فللإدارة المحلية دور في التطوير المنشود.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية